عرض مشاركة واحدة
قديم 01-25-2014, 01:55 PM
المشاركة 14
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ايهما اعظم تأثيرا اليتم ام السجن؟ وهل العزلة هي المحفز على الابداع وليس الم الصدمة؟

هذا الروائي صنعه السجن حتما علما بأننا لا نعرف كيف كانت طفولته؟ ...
تعالوا نتعرف عليه ونتعرف على اثر السجن في خلق العبقرية من وحي ما يقول في هذه المقابلة الصحفية ...

الروائي الاردني هاشم غرايبة: الكتابة تمنحني التوازن الداخلي والعين الناقدة تفضح اللعب وتميز بين الموهبة والصنعة

نضال القاسم
January 24, 2014
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

كان هاشم غرايبة منذ مجموعته القصصية الأولى (هموم صغيرة، رابطة الكتاب الأردنيين 1980م)، يدرك أن الرواية هي ملحمة إنسانية لا تنضب، وهي الشكل الصلد والمتماسك الذي سيدوم في المستقبل، وكان الواقع، وربما الواقع وحده هو الذي سحره وجذبه إليه فدشن مفهوم الواقعية الاجتماعية في الرواية الأردنية، وهكذا نجد أن الغرايبة قد حوّل ذاتية الإنسان إلى واقع في جميع قصصه ورواياته، وأصبحت الطبيعة البشرية في أغلب أعماله رهينة للإلتزام السياسي، ورهينة للإرغام الاقتصادي وللقمع الاجتماعي أيضاً، وهكذا يجد القارئ نفسه مع هاشم غرايبة أمام شخصيات تتحرك مسحوقة بمصيرها، مقتولة بهواها وأخطائها، وهي تحاول جاهدة أن تغير قدرها ومصيرها…
في هذا الحوار الخاص لصحيفة ‘القدس العربي’ أجاب الروائي العربي الكبير هاشم غرايبة عن أسئلتنا المتعلقة بتجربته الإبداعية ورؤيته للواقع الثقافي والكتابة الروائية في الأردن وعن تساؤلات أُخرى تخص قضايا الرواية العربية المعاصرة.

‘ سنة 1980 هو تاريخ صدور أول مؤلفاتك ‘ هموم صغيرة ‘ وهي مجموعة قصصية، هذا زمن النشر فمتى بدأ زمن الكتابة؟ متى أصابتك لعنة الحبر؟ وهل كانت الكتابة قراراً أم قدراً ؟
‘ الكتابة قدر. أما النشر فقرار. قرار واستجابة. استجابة الناشر وتشجيع القارئ.
اعتقد ان النشر هو مفتاح التورط بمهنة الكتابة.
اول قصة نشرت لي في مجلة الثقافة الجديدة العراقية عام 1973 وانا طالب في جامعة بغداد وهي (هموم صغيرة) ثاني قصة نشرت لي في مجلة الاداب اللبنانية 1976 ثم توالى النشر في الصحف المحلية والمجلات العربية خاصة الرأي المحلية ومجلة البيان الكويتية.. عندما سجنت عام 1977 قمت بجمع كتاب هموم صغيرة واصدرته مطبعة شوقي معبدي من منشورات رابطة الكتاب.
‘ هاشم غرايبة، حين تعيد قراءة ما كتبت، ماذا تكتشف؟
‘ قصة هموم صغيرة ما زالت النص الاثير عندي.. عندما اقرا قصصي ورواياتي اتذكر كل تفصيل.. الفكرة الصورة، الحدث.. اتذكر الاماكن والروائح والناس.. كل ما كان معي زمن الكتابة.. واستطيع ان اعيد كل ما في النص الى اصوله في الذاكرة او المخيلة او الواقع.
‘ من الملاحظ أن الصورة في أعمالكم القصصية مكثفة وتهكمية وشديدة الإتصال بالكاريكاتير.ما هي دوافع تركيزكم على هذه الصياغة ؟
‘ ربما ان الصورة هي المحفز الاول للكتابة عندي.. الافكار على قارعة الطريقع. والكلام الكبير والحكمة والناثورات في متناول عابري السبيل. أما الصورة فهي نافذتي وخصوصيتي التي اكتشفها وأُشارك القارئ متعة النظر عبرها الى الحياة.. هي زاوية النطر للفكرة والحادثة والرسالة. الصورة هي الملاط الذي يشد وحدات البناء الى بعضها البعض.. الملاط السمنت الذي بدونه او بفساده يفقد البناء فنيته وخصوصيته ومتانته.
‘ هل أنت استفزازي مشاكس بطبعك؟
‘ استفزازي. مشاكس! أنا معارض يساري. هذا موضوع جانبي هنا. لكن في الكتابة أشعر بأن الصورة الفوتوغرافية المباشرة مسالمة محايدة. الكتابة انحياز.. وبدون توظيف الصورة لتشاكس وتختلف وتستفز فستكون رؤيتي النقدية لهذا الكون مداهنة وسطحية ومحايدة.
‘ هل قدسية كتابة الرواية هي التي تفرض على كاتبها نوعاً من الهيبة، وهل بوسع أي كاتب أن يصبح روائياً ؟
‘ بوسع اي كاتب ان يكتب حكاية طويلة.. او يؤلف رواية! لكن المبدع اذا كان في داخله نواة روائي فسيجدها قد يكتمها وقد يندفع نحوها ويبدع.. الرواية فن ثم لاحقا صنعة.. نجح كثير من الكتاب والمبدعين اتقان صنعة الرواية.. لكن العين الناقدة تستطيع ان تميز الموهبة عن الصنعة وتكشف اللعب.. مثلا من وجهة نظري- ايزابيل الندي روائية. باولو كويلو مؤلف روايات. ابراهيم اصلان روائي. يوسف زيدان مؤلف روايات.
‘ ما هو دافعك لكتابة الرواية ؟
‘ اكتب الرواية لأني اعتنيت بالروائي داخلي فاتسعت مساحة حضوره.. صرت اكتب الروايات لمؤانسته وامتاعه اولا.. ثم لاشارك الناس بجمال ونبل ما اكتشفناه انا الكاتب وانا الروائي. انا الفن وانا الصنعة.
‘ ماهي القيمة المضافة التي تتوخون تحقيقها من خلال مشروعكم الروائي؟ وبمعنى آخر، ما رؤيتك للرواية ؟ وما مشروعك الروائي؟ هل ثمة تصور لديك عن العالم؟ أو فلسفة ما تُدافع عنها أو تدعو إليها؟ وما صلة ذلك بحياتك الشخصية؟
‘ القيمة المضافة ؟.. أحداث الحياة، وحوادث اليوميات، والصور الباهرة، مبذولة على قارعة الانترنت لمن يرغب، ولكنها أبدا لا تشكل عملاً فنياً ذا شخصية متفردة.
هل الرواية بناء فني، وأحداث مترابطة، ونحت للشخصيات، ولغة سليمة، ونسيج متماسك لبساط الزمان والمكان..؟
هل هي جمل متراصة، وأفكار مترابطة، ولغة سليمة؟
هل هي زمان، ومكان، وشخصيات، وعقدة، وحلّ؟
كل هذا أعدّه من بديهيات العمل، ومن أدوات البناء المتاحة، وقواعد الحرفة المتفق عليها، وهي مبذولة لكل صانع، كما في كل صنعة. وهي في الوقت ذاته أدوات النقاد الكسالى.
ليس هنا مربط الفرس.
ما يعنيني أنا الكاتب هو ما الجديد الذي أيقظته هذه الصورة في داخلي! وما الجديد الذي قادتني هذه الرواية لقوله..
إذا لم يكن لكل كتابة عطرها الخاص بها، والمشتق من أجلها، فستتساوى النصوص، وتتشابه كما تتشابه دكاكين العطارين.
أنا اتفق مع الذي قال: نحن نكابد نصف مسيرتنا لاكتساب الثقافة، ونكابد نصفها الثاني لنتحرر من سطوتها، راغبين عنها إلى عفويتنا الأولى، وإلى قدرتنا الفطرية على الانبهار والإدهاش.
بعض النقاد يجهدون أنفسهم في الكشف عن الراوي العليم، أو المتخفي خلف سطور السرد، ويبحث في توازي الشخصيات والأحداث أو تقاطعاتها، ثم يستخلص ما تقوله القصة، أو المجموعة القصصية في سطر أو سطرين! ليقول لنا إن الظلم مرتعه وخيم، أو يؤكد أن الحرية جميلة، أو الاحتلال بغيض، أو الهزيمة مرّة.. إلى غير هذا يذهب النقد الحصيف، إذ يسعى لاكتشاف الرؤيا الكلية للقصة، أو الرواية.
الناقد صاحب رؤيا أولاً، ثم صاحب قلم ثانياً.
أدعي بأني الناقد الأول لفني، فانا الناقد الدائم والمواظب للواقع؛ كيف لا أمتلك رؤيا نقدية للقديم، وفي مقدمة هذا القديم تجاربي السابقة التي كتبتها!.. ولأن كل ما كتبته، أو قرأته، أو شاهدته، أو تأثرت به عما ‘كان’ ‘هناك’، لم يطفئ رغبتي في القول عن ‘الآن’ ‘هنا’؛ فاني أكتب نصي ليحمل في ثناياه رؤيا جديدة.. والا فانه لا يستحق المثول في عالم الأدب.

ادب السجون

‘ من المعروف أنك ذقت مرارة السجن بسبب من رأيك السياسي، وعلى الرغم من المعاناة التي يعانيها السجين – أي سجين إلا أننا لا نلحظ أثراً لمعاناتك الشخصية في كل ما كتبته إلا من خلال روايتك (القط الذي علمني الطيران) والتي صدرت عن دار فضاءات مؤخراً والتي قمت بإهدائها إلى محمد البوعزيزي مفجر ثورة تونس الخضراء، ما سبب هذا الغياب لمعاناة كتلك؟
‘ اعتقد ان اثر المعاناة وانعكاسه على كتاباتي لم يغب؛ لكن التبجح بها غاب تماما. ذلك لان المتاجرة بشيء ثمين مخاطرة تخضعه للمساومة.
السجن لم يكسرني اعرف ممن دفعهم الانكسار لترميم الشظايا والمتاجرة بها في كتابة ما.
خرجت من تجربتي منتصرا مرفوع الراس فاستقرت قيمتها في وجداني فيما وراء النص مكتفية بذاتها وكرامتها..
كتبت عن السجن بعد ابتعادي عن التجربة نيفاً وعشرين عاماً.. وعندما كتبت: انجزت ـ كروائي- للحياة لتيارها الغالب حتى داخل السجن على حساب مرارتها..
‘ هاشم غرايبة، برأيك، ماذا يقدم النقد للأدب ؟ وكيف ترى النقد الأردني اليوم؟ وهل استطاع النقد الأردني أداء مهمته في توطيد العلاقة بين المبدع والجمهور، وبصراحة، هل تحسب للنقد الأدبي حسابه؟ وما هو تقويمك للنقود التي كُتبتْ عن تجربتك الإبداعية التي امتدت لأكثر من ثلاثين عاماً ؟
‘ لا أحب الكتابة النقدية التي يشتم منها التعالي على القارئ، فتلجأ إلى لغة المعاجم، والمقولات النافرة، والاقتباسات المقحمة، والحكم الفخمة.. كما ان بعض النقاد يجهدون أنفسهم في الكشف عن الراوي العليم، أو المتخفي خلف سطور السرد، ويبحث في توازي الشخصيات والأحداث أو تقاطعاتها، ثم يستخلص ما تقوله القصة، أو الرواية في سطر أو سطرين! ليقول لنا إن الظلم مرتعه وخيم، أو يؤكد أن الحرية جميلة، أو الاحتلال بغيض، أو الهزيمة مرّة.. إلى غير هذا يذهب النقد الحصيف، إذ احترم النقد الذي يسعى لاكتشاف الرؤيا الكلية للنص، للقصة، أو الرواية..
أدعي بأني الناقد الأول لقصصي، فانا الناقد الدائم والمواظب للواقع؛ كيف لا أمتلك رؤيا نقدية للقديم، وفي مقدمة هذا القديم تجاربي السابقة التي كتبتها!..
بعض القراءات النقدية الهامة غيرت موقفي كليا من المنتج الإبداعي موضوع النقد، وبعضها فتحت لي نوافذ جديدة على النص، وأضاءت مدى الرؤية أمامي بشكل أوسع أو أشمل، لذا أفترض أن مهمة الناقد لا تكمن في ‘التثاقف على القارئ’.. بل في التواصل معه عبر نص يرى المخفي والكامن والجوهر عبر رؤيا إبداعية وسيطة .
الناقد الجيد، من وجهة نظري، هو الذي يستطيع أن يضيء ‘مكتشفات’ النص الجديد.. وهو الذي يساعدني- سواء كنت منتجا للنص، أو قارئا له ـ كي أقرأ النص بطريقة مختلفة، وأتذوقه بذائقة جديدة، أي أن عليه أن يرقى بذائقتي، ويقنعني بأن مقاربته للنص جديدة ومختلفة عما ألفنا..
‘ من وجهة نظرك كقاص وناقد وروائي وكاتب مسرحي، الى أي حد عبَّر الأدب الأردني الحديث عن التحولات التي تعيشها الأردن منذُ الاستقلال؟ وكيف تقرأ واقع الرواية الأردنية ومستقبلها؟ هل ما زال جيل الثمانينيات مسيطراً على المشهد الروائي؟ هل أنت من المتفائلين بمستقبل الرواية في الأردن، وفي الوطن العربي؟
‘ تاريخ الادب الاردني حظي بمن ابدع في رصد تحولاته في كافة المراحل ونستطيع ان نؤشر بعلامات فارقة على سبيل المثال: مصطفى وهبي التل (عرار) /1899. غالب هلسا / 1932. تيسير سبول 1940. مؤنس الرزاز 1952..
أنا من جيل مؤنس الرزاز .. والرواية الاردنية لجيلي عبّرت عن نفسها ضمن مناخ صعب وقدّمت الممكن وهو افضل بكثير مما ناله من اعتراف وتقدير محلياً وعربياً.
الجيل الجديد من الروائيين الاردنيين اتمنى ان يذهبوا لارض بكر فهم ابناء تغيرات كبرى في التكنولوجيا والعلم والسياسة والديموغرفيا .. انهم امام اخطر تحولات وتحديات تواجهها الشخصية العربية الاسلامية.. فهل سيفطنوا للمستقبل ويستلهموه؟
انا متفائل بطبعي.. الانسان العربي قبل البوعزيزي ليس هو بعده.. وكذلك الرواية العربية اتوقع لها طفرة ما.. هذا المخاض العسير هذا الدم الكثير لا يخيفني.. اذا لم ندفع ثمن تخلفنا فمن سيسدد الفاتورة ؟ ربيعنا قصير النفس لكن صيفنا موسم حصاد طويل.. لا مناص من التفاؤل. ‘اننا محكومون بالامل’ كما قال سعد الله ونوس.
‘ ما هي وظيفة الأدب في رأيكم ؟ وما هي تخوم المحلية والعالمية في النص الروائي؟ وكيف تصف علاقتك بالجماهير؟ وإذا لم يصل الأدب إلى الجمهور، إذن أين يكمن العيب؟
‘ 370 مليون عربي معدل القراءة عندهم 6 دقائق للفرد بالسنة! واذا خصمنا من هذه الحصة المناهج الدراسية وقراءة كتب اهوال يوم القيامة والسحر الاسود وعذاب القبر وكتب الفلك والطبيخ ماذا سيبقى للادب من وظيفة؟!..
بصراحة ادمنت التجاهل من جمهور واسع من القراء وبعض النقاد.. كما ادمنت سوء الفهم وتسطيح المعنى وهبش المبنى من بعض من يقرؤون ومن كثير ممن ينقدون ..
اكتب لان الكتابة تمنحني السعادة والرضا عن الذات والتوازن الداخلي.. هل انفي الجدوى العامة من الكتابة.. واتساءل هل الفن عديم الجدوى، على الأقلّ عند مقارنته، لنقُل، بعمل فني الاسنان (مهنتي)، أو الطبيب، أو المهندس أو سائق الباص..؟
هناك فرق بين الجدوى والغرض والهدف
هل الافتقار للغرض العَمَلي يعني أنَّ الكتب واللوحات الفنيّة والآلات الموسيقيّة هي ببساطة مضيعة لوقتنا؟
أود الردّ بأن الفنون هي التي تمنح القيمة بعيدة المرمى والفائدة لنفسها، انها رافعة خفية للحياة تعزز انسانية الانسان.. لأن فِعْلَ الفن بمعنى إنجازه هو ما يميّزنا عن بقية المخلوقات التي تقطن هذا الكوكب، وهذا هو، تحديداً، ما يجعل منا كائنات إنسانيّة.

خصوصية الادب الاردني

‘ ما هو أثر أدبك خارج الحدود؟ وهل تعتقد أنك قمت بواجبك في هذا المجال؟ وما انطباعاتك عن ترجمة روايتك الأخيرة إلى الانجليزية والتي ستقوم بإنجازها الدكتورة نسرين أختر خاوري؟ وما تقييمك لحركة الترجمة في الأردن من العربية إلى لغات أخرى، وما الذي يمكن أن تحققه من أهداف؟
‘ خارج الحدود: الادب المكتوب في الاردن يحمل خصوصيته الاردنية في اطار الادب العربي عامة.. ويعاني من تصنيفه من نتاج التخوم. تماما كما يجري التعامل مع كتاب المحافظات في العواصم العربية. من يتواجد بالعاصمة هو الحكم حتى ولو كان صحافيا.. ورسميا لا تحفل الدولة بالادب والفن عموما ولا يلمع اعلامها الا الموالين.. فاين المفر؟
بالصدفة ترجمت لي اكاديمية المانية مجموعة قصص (قلب المدينة) الى اللغة الالمانية ونشرتها هناك عام 2005م. ومؤخراً تقوم الصديقة نسرين اختر خاوري بترجمة روايتي الاخيرة (القط الذي علمني الطيران) وهي تنشر ما تترجمه من فصول تباعا في مجلة ادبية متخصصة في امريكا املا بان تجد ناشرا امريكيا يهتم بتبني الكتاب ونشره باللغة الانكليزية.. لان نشره هنا وطباعته هنا مترجما اتفقنا الدكتورة نسرين وانا انه رقص في العتمة ـ بصراحة ادمنت التجاهل من جمهور واسع من القراء وبعض النقاد.. كما ادمنت سوء الفهم وتسطيح المعنى وهبش المبنى من بعض من يقرؤون ومن كثير ممن ينقدون ..
اكتب لان الكتابة تمنحني السعادة والرضا عن الذات والتوازن الداخلي.. هل انفي الجدوى العامة من الكتابة.. واتساءل هل الفن عديم الجدوى، على الأقلّ عند مقارنته، لنقُل، بعمل فني الاسنان (مهنتي)، أو الطبيب، أو المهندس أو سائق الباص..؟
هناك فرق بين الجدوى والغرض و الهدف
هل الافتقار للغرض العَمَلي يعني أنَّ الكتب واللوحات الفنيّة والآلات الموسيقيّة هي ببساطة مضيعة لوقتنا؟
أود الردّ بأن الفنون هي التي تمنح القيمة بعيدة المرمى والفائدة لنفسها، انها رافعة خفية للحياة تعزز انسانية الانسان.. لأن فِعْلَ الفن بمعنى إنجازه هو ما يميّزنا عن بقية المخلوقات التي تقطن هذا الكوكب، وهذا هو، تحديداً، ما يجعل منا كائنات إنسانيّة.

الرواية والايديولوجيا

‘ هل يمكن للرواية أن تعيش بعيداً عن السياسة والأيديولوجيا؟ ما هي حدود الأيديولوجيا والإبداع.. وأين تكمن الخيوط الفارقة بين جمالية النص الابداعي وأخلاقياته، بمعنى آخر ما هو الالتزام عند هاشم غرايبة ؟
‘ عندما اكتب لا افكر بارضاء ايديولجيا ولا محاباة رقيب داخلي او خارجي.. ولا اراعي انحيازي لليسار. لكني يساري ومؤمن بضرورة الوحدة العربية وتحرير فلسطين وتطهيرها من رجس الايديولوجيا العنصرية الصهيونية.. ولحد الان لم تقودني كتابتي الحرة خارج هذه القناعات والا كنت بدلتها.
عندما أقص عليكم أكاذيبي.. أشعر أنى فوق كل التزام، وأقوى من أي إكراه، وأني حرٌ طليق بلا كثافة ولا تكلف.. إنه جدٌّ ممتع أن أقصّ عليكم أحلامي وخيالاتي على أنها حقيقة!
قصتي أصدق مني.. روايتي أذكى مني!
السرّ في الدهشة! فالعقل يستحسن ما وقع في النفس موقعاً منفردا.. لما تعاد مشاهد مباراة كرة القدم على البطيء: يبدو الحكم سخيفاً، وتصير النتائج غير منطقية، ويظهر اللاعبون كممثلين رديئين!.. الأسلوب وحده قادر على بث الدهشة في المشهد.. الأسلوب هو الفن وهو مكمن الجمال. فالبذور نائمة.. حتى تحس إحداها بالفنتازيا فتستيقظ!.. ولكن يا للحيف!.. قليلة هي الأزهار الطالعة في حرش العليق الشائك متباهية بأسرارها.
نص الحياة أوقد ناره بعيداً عن مضارب القبيلة، بعيداً عن، بعيداً عن فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر.. قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون.. لكم حكاياتكم ولي حكايتي!
ما زال البشر يشعلون الحروب، ويتحدثون عن صراع الحضارات، وصراع الطبقات، وصراع الأديان، ويتبارون بالتحليلات المنطقية والتنظيرات الرصينة.. كل هذا؛ ليروج المنتصر قصته الخاصة عن الكون ونمط العيش.. انا معني بقصتي بروايتي عن هذا الكون كما اره من نافذتي.

‘ بعيداً عن الأدب ؟ تشغلنا في الفترة الأخيرة الثورات العربية .. تلك الثورات التي غيرّت من خريطة الأنظمة العربية الممتدة من المحيط إلى الخليج و أخرجت الشعوب العربية من صمتها .. وسؤالي: كيف تراقب الوضع العربي الراهن؟ وما هو دور المثقف العربيّ في التغيرات الجذريّة الحاليّة ؟ وبرأيك،ما هو المعوق الأساسي في أن يكون للمثقف دور مؤثر على حركة الشارع والناس والحياة ؟ ما هو دور المبدع كما يراه الروائي هاشم غرايبة، وبصيغة أخرى، هل استطاع المبدع أن يكون مؤثراً في تلك الثورات قبلها وبعدها ؟
‘ ربيعنا قصير النفس عادة بضع اسابيع من الدفء والخضرة تليها موجات من الحر تسرع نضج المحاصيل.. لكن موسم الحصاد طويل ويحتاج الى الصبر والمثابرة.. ها نحن ندفع ثمن تخلفنا. وثمن اميتنا. وثمن تجريف العقول من قبل الدكتاتوريات المفلسة. وثمن التسليم للنخب الفاسدة المفسدة. وثمن تابيد الحكام وثمن توريث رقاب العباد وثروات البلاد. فكان لا بد من ان يتفجر التغيير بفعل قانون الطبيعة واقانيم الحياة.. لا بقعل الايديولوجيا والبرامج البديلة. فمن الطبيعي ان يتداعى الاكلة الى القصعة ويفرحون بالفوضى ‘الخلاقة’ لكن العتمة ابدا لم تحم الحرامي. ودائما تبلورت البنى الفوقية انعكاسا للبنى التحتية، لكن هذا التبلور والثبات والوقوف مجددا لا يتم بين ليلة وضحاها.
أما دور المثقف .. ‘أي دور للمثقف في صناعة الرأي العام العربي؟’
أسأل نفسي!..
فأجد حالي مثل حال تلك الطفلة تحب اليراعات المضيئة.
وكان حريق.
قالت الطفلة إنها بطيئة سيدركها الحريق.
حاولت الطفلة إنقاذ اليراعات الجميلة.
قال أبوها: لن تستطيعي إنقاذ إلا القليل.. إنها كثيرة جدا.
قالت الطفلة ببراءة: هذا القليل هو طاقتي.
سحبها والدها من يدها بلا اكتراث!’
المجد اليوم للاعلام المرئي وفرسان الفضائيات.. هذا التهافت يدعو للتساؤل عن حصة المثقف في توجيه الاعلام في ظل طاغوتي المال والسلطة؟ .. هنا يبدو لي المثقف ضيفا حائرا ثقيل الظل أمام فسطاطين و (ربما أمام مخيمات).. تقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون..
غربة أبو حيان التوحيدي، وابن رشد بين أهلهم، وأسفار المتنبي وابن خلدون بين الأمصار، عبرت عن معاناة المثقف العربي في معركته مع الواقع المر في مراحل الانحطاط والجمود والتشرذم.. لكن هذه النماذج الفذة تؤكد أن المباراة بين بؤس الواقع، وبين العقول البشرية الفطنة عادة ما يفوز بها مبدعون متميزون يقبلون التحدي ويشتعلون مرسلين ومضات من اللهب يستمدونها من مواقدهم الروحية الثرة.
عبر التاريخ العربي وربما عبر التاريخ عموما دائما كانت الثقافة تنحط إلى أدني سلم الاهتمامات الاجتماعية عندما تنحط الحضارة وتصغر الأحلام وتتسيد العصبيات ..
ودائما كانت ترقى إلى إنسانيتها عندما يجري الاهتمام بها بوصفها منتجا حضاريا يلبي حاجات المجتمع الروحية ويوفر المناخ الجيد للوفرة الاقتصادية ويهذب التعامل مع الحاجات المادية للبشر.
حسب جرامشي لا يمكن أن يكون المثقف العضوي ‘تقليديا’ لأن دور المثقف العضوي هو دور تنويري ونضالي أكثر منه دور تثاقفي بحت، أما تدبيج كتابات مستلبة للذات تسقط في فخ الإبهام والتهويم، تنظر للإنسان العربي بعين عاجية ترى الدم بلون الحبر، عبر كتابات مصابة بفوبيا ورهاب الاقتراب من الواقع كي لا ترى قضايا الإنسان العربي الحقيقية، هي شريكة آثمة في كل ما يحدث للإنسان العربي من قتل مجاني على الهوية، وكل ما يحدث في المجتمع من تحولات سلفية، أو حالات استلاب انعزالية..
اللحظة العربية الراهنة عسيرة ومجيدة وحبلى باحتمالات متناقضة، وهي في ذمة كل مثقف يعي مهمته في أن يدافع بل أن يناضل من أجل حماية إنسانية الإنسان العربي وحقه في ان يكون حرا ومطمئنا بل حرا مطمئنا..
‘ ما رأيكم بعلاقة المثقف بالسلطة ؟
‘ اي سلطة تعني؟!.. لا يوجد جواب بالمطلق. أنا مؤيد للسلطة بالسويد وكوبا مثلاً.. لكن هذا لا يعفيني من نقدهما اذا عشت في كنف واحدة منهما!

‘ دعني أسألك سؤالا أخيراً:- الآن بعد كل هذا الذي تحقق أين أنت، وماذا عن تصورك للمستقبل، هل أنت الآن في حالة صمت أم في حالة كتابة؟ وبماذا تختتم هذا الحوار؟
‘ روايتي التي انجزتها تقريبا عن حوارة.. وانا اكتب عن حواره اكتشف تطور المجتمع الاردني وتقلباته.. اكتشف ان الحياة تسير من البر الى البحر
لحياة والعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تمشي من بغداد الى حيفا مرورا بحوارة.. من الشرق الى الغرب .. متقاطعة مع طريق الصحراء الذي وصفه الرحالة الجواسيس ورسموا مخططاتهم على اساسه.
الطريق الصحراوي من سطنبول الى مكة المكرمة.. الذي سلكه العثنانيون والرحالة الغربيون ثم المستعمرون والمستشرقون والساسة العرب كلهم قادتهم المصالح لسلوك هذا الطريق ورغبةا بقصدية ان يفهمونا ويقسمونا من الشمال الى الجنوب.. الصحراء للعرب والساحل للغزاة!
حوارة محور روايتي الحالية؛ اعرف انها ليست مركز الكون.. ولكنها نافذتي لرؤية وقراءة الكون.. بطلي هنا لا يملك فرصة للعيش والبقاء ثم التقدم والمنافسة إلا بعقله ومهاراته، يراهن على عقله، وليس ما تمنحه الطبيعة وأنهارها الهائلة الدائمة كما في مصر والعراق والهند والصين… لم يمكن ثمة مجال للاستقرار والبقاء والخروج من دوامة الترحال وراء الغذاء والدفء سوى إبداع حياة جديدة تلائم الشتاء والبرد والطبيعة وفصولها، وتحويل قسوتها إلى مصدر للعطاء والموارد الجديدة،.. فكان زيت الزيتون والنبيذ والملح،.. تحويل الفائض الذي تمنحه الطبيعة في الصيف والخريف إلى موارد وأطعمة وسلع جديدة تساعد على البقاء والاستقرار في مكان واحد طوال العام، وتحويل فائضا الماء في الشتاء إلى أنظمة ري وتخزين للماء يعين على مواصلة الزراعة والحياة في الصيف، بل وأمكن التبادل مع أبناء الأنهار العظيمة سلعة بسلعة، فكانت المقايضة وأمكن إنتاج فائض من الموارد ينشئ المدن والمؤسسات ويمول العلماء والكهنة المتفرغين للإلهام والتعليم وتنظيم حياة الناس وإدارتها،ثمة أرض أخرى أجمل، وأعتقد أنني لكنتُ فضّلتُها; ولكني في حوارة وُلدت.. رائحة حليب وعشب. رائحة زيتون وخبز. رائحة النعناع والزعتر المخبأة في ثوب أمي..
حوارة هي الوطن: صوت أذان الفجر. وزقزقة العصافير. وتفتح شقائق النعمان، وشقعة المزراب. وصوت جدي: كان ياما كان..
روايتي الجديدة عن ‘سكان كوكب الفيس بوك’.. الكائن الفيسبوكي
يُقلّدُ الصادقَ وليس صادقًا، يقلّدُ المثقف وليس مثقفًا، يقلّدُ الفيلسوف وليس فيلسوفًا، الأديب وليس أديبًا، الفنّان وليس فنّانًا، الحزين وليس حزينًا، المريض وليس مريضًا، النصاب وليس نصابًا، الطبيب وليس طبيبًا، الصحفي وليس صحفيًا
لا نتيقن من خبر. لا ندقق في معلومة. البث مباشر من العين الى الاصابع. لا يمر على العقل
ههههههههههه
البوستات والتعليقات انفعالية ولحظية ع الفيس بوك. ترتيبها في نص ادبي يرسم صورة كاريكاتيرية لاوضاعنا..
‘هذا واقع بما فيه من خيال وواقعية، بما فيه من كذب وصدق من حزن وفرح من ثنائيات يخلو الواقع منها، هنا عبثية سكان بحجم الحقيقة والوهم؟ !!
ستكون رواية بحجم ما نعيش من التخبط والفرح والحزن وإعادة انتاج الامل.