عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
7

المشاهدات
3838
 
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي


ياسر علي is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
1,595

+التقييم
0.38

تاريخ التسجيل
Dec 2012

الاقامة

رقم العضوية
11770
11-27-2013, 02:56 AM
المشاركة 1
11-27-2013, 02:56 AM
المشاركة 1
افتراضي في ضيافة الأحلام
بدأ حياته بالأحلام الجميلة ، يحب السفر عبر الفضاءات الرحبة ، تحلق روحه عبر السماوات ، ليس كغيره من بني الإنسان ، كل ليلة منذ طفولته يعيش مغامرة جديدة . يروي حكاياته لأصدقائه الصغار ، فيعيشون لحظات مرحة في عوالمه الساحرة ، يحب تلك العيون البريئة التي تنهل من فيض وجدانه قصصا ممتعة ، يحاول أصدقاؤه التمرس على الأحلام ، لكنهم لايستطيعون مجاراة ذهنه الولاّد . يتحلقون حوله بعيونهم الشاخصة و آذانهم المرهفة و قلوبهم الولهى بما يجود به منامه من حركية دائبة و منافسة حادة ، و أحداث غريبة .
بدأ تذمره من عوالمه عندما نقرت المراهقة أبوابه ، عندئد بات ليله يتقلص ، يريد أحلاما حقيقية لا مجرد سفريات على بساط النوم ، يريد أن يعيش المغامرة الجميلة بيديه ورجليه ، يريد أن تصفعه الريح وهو يقدم على عمل شيق ، يتمنى لو يملك تلك القدرة على الإقدام كما تظهر في العالم الآخر ، هناك فقط تعرف على المروءة والشهامة والمحبة والتضحية و هناك فقط استطاع دوما الظفر بالنصر . بدأ يكره تلك النشوة الخيالية ، كلما قام صباحا تمنى لو يغسل دماغه من بقايا أحلامه عله يذهب إلى الحياة صافي الذهن ، مقبلا على التمرن على صيغها الحقيقية ، لا تلك التي استولت عليه فأضحى مفلسا في الواقع و غنيا في الأحلام .
لا ينام إلا متأخرا خوفا من الاستغراق في هذا العالم المجنون الذي ينتظره ليقوم في الصباح منهكا . أتعبته الأسطوانة المتكررة ، أنهكته البطولة الحمقاء ، أنهكته تلك التي تأتيه تعلمه فنون الحب ، كل ليلة تأتي في شكل جديد ، في ثوب فتان ، لا يريدها أبدا شريكة للياليه ، غضبت عليه غضبا شديدا فكلما أتت كشرت في وجهه و ظلت ترمقه بعينين حادتين ، فيرتعب من نظراتها القاسية ، يتمنى لو تسمع منه يوما نداءه المتكرر : " من فضلك اذهبي عني ، فأنا لم أعد أحب الأحلام " فيبقيان الليل كله يتبادلان النظرات ، قليلا ما تذهب لقضاء حاجة و قليلا ما يغير ذهنه اللقطة ، فهو لا يستطيع منها الهروب ، ظن أنها جنية الأحلام . حكايتها بدأت منذ أن تعرف عليها في حفل بهيج ، كانت راقصة ماهرة و كان يومها فاز بمسابقة رياضية . ومنذ أن وجه لها دعوة اللقاء و هما يلتقيان في نفس المكان و ما عادت هذه الصورة تعجبه ، صاحبته لأعوام طويلة ، لقد اصابه الضجر من هذه السيدة التي استولت على عوالمه اللامرئية ، كم مرة قبل النوم تخلص من كل الصور النسائية التي يزين بها غرفته ، فيلقيهن على وجوههن مطفئا الأنوار ، لكن بلا جدوى فصديقته له بالمرصاد ما إن يغمض جفنه حتى يراها قادمة مشرقة ، متهللة ، إلى أن تصل إلى مجلسها القديم فترسل إليه تلك السهام المرعبة ، فيظل قلبه تواقا إلى السراح .

يتذكر آخر كلمة قالتها قبل أن تغادر حياته " أنا وراءك رغم ذهابي " منذ تلك اللحظة بدأت أحلامه تأخذ منعطفا خطيرا ، عدوانية مفرطة ، أنهار دماء تسفك على فراشه ، رعب من كل الأصناف ، كلما هم بالنوم آلمه ما ينتظره من فنون السلخ والجلد و القتل ، سيوف ، رماح ، سكاكين ، خناجر ، فؤوس و غيرها من الأسلحة الحادة ، ما أتعسه حين يبيت مع رفيق من رفاقه ، أو زميل من زملائه ، فهو يهز أركان الغرفة صياحا و أمرا ونهيا وسبا وشتما . يفضل الانزواء بعيدا عن العالم ، ينتظر أن تشبع نفسه من هذا الهوس ، ينتظر متى يتغير هذا الصراع ، أشرقت ابتسامة من وجهه الذي اكتسحته التجاعيد و هو يردد : هل ستعود الأحلام الجميلة يوما ؟