عرض مشاركة واحدة
قديم 12-25-2010, 05:04 PM
المشاركة 123
عبد السلام بركات زريق
مشرف منبر الشعر الفصيح

اوسمتي
الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الثانية المشرف المميز الألفية الأولى الحضور المميز 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
المصدر
ديوان رماد الهشيم
رقم القصيدة (26)



يا وادي حماةَ سلامُ



بلدي .. وينتفضُ السؤالُ وتنجلي
صورُ الجوابِ وتزهرُ الأقلامُ

بلدي .. وينطلقُ الهديلُ وينتشي
سربُ الحمامِ ويهطلُ الإلهامُ

بلدي .. ويحترقُ الظلامُ وتزدهي
قممُ الجبالِ وتخفقُ الأعلامُ

بلدي .. ويتَّصلُ الهديرُ وتنحني
هممُ الرجالِ وتورقُ الأحلامُ

* * *

أَخصبتِ يا بلدي البطولةَ والندى
حتى تنامى البذلُ والإقدامُ

في كلِّ شبرِ من سهولكِ جذوةٌ
وعلى شعابِك للكفاحِ ضرامُ

وبكلِّ بيتٍ شاعرٌ ومفكِّرٌ
وبكل رُكنٍ عالمٌ وإمامُ

* * *

بلدي .. رعاكَ اللهُ يا بلدَ الهوى
وسقاكِ أمطارَ السلامِ غمامُ

درجَ الربيعُ على ثراكِ معطّراً
فالوردُ في ألقِ الضُّحى أكمامُ

وسرى النسيمُ من الرياضِ موشوشاً
أوراقَها و كأنَّه نمَّامُ

تتمايلُ الأغصانُ من هَمساتِه
فيطلُّ وجهٌ مشرقٌ بسامُ

وجهٌ كبرقِ الأمنياتِ وضاءةً
يبدو على قسَماتِه استفهامُ

والقدُّ ميَّاسٌ على خطواتِه
يصحو الهوى في صدرِه وينامُ

وتغرِّدُ الآمالُ في سَكَناتِه
فيضمُّها وتغادرُ الأوهامُ

* * *

بلدي .. وينبثقُ الضياءُ وينجلي
بدرٌ على مرِّ الزمانِ تَمامُ

بلدي .. وأفترشُ الترابَ يضمُّني
دوحٌ تراقصُ ظلَّه الأنسامُ

فتمرُّ أطيافُ الرجاءِ بخاطري
حُلُماً تحاولُ طمسَه الأيامُ

* * *

بلدي .. عليه من الجلالِ مطارفٌ
ومن الجمالِ عباءةٌ وحِزامُ

يترنَّحُ العاصي العصيُّ بروضِه
سكرانَ تُكمِلُ سُكرَه الأنغامُ

فتراهُ مِطواعاً يسيرُ وينحني
للعادياتِ يسرُّه الإحجامُ

يتوسَّدُ الوادي فيهدأُ نبضُه
وكأنَّما في جانحيهِ سَقامُ

فنرى وفودَ الزائرينَ تعودُه
والحزنُ بادٍ والدموعُ رِهامُ

والدائراتُ على العصورِ شواهدٌ
أنَّ السكونَ على الضفافِ حرامُ

اللهُ .. ما أحلى زمانَ وردتُهُ
صفواً كأنَّ الكأسَ منه مدامُ

اللهُ .. ما أحلى زمانَ عشقتُه
والطُّهرُ ثوبٌ والحياءُ وسامُ

تَترَشَّفُ الألبابُ سحرَ جمالِه
والسعدُ صاحٍ والكروبُ نيامُ

ويعانقُ الصفصافُ حَورَ ضِفافِه
فبكلِّ غصنٍ صبوةٌ وهيامُ

* * *

بلدي .. فديتكِ يا صلاةَ محبةٍ
في ظلِّهِ تتواصلُ الأرحامُ

والثائرونَ الذائدونَ عنِ الحِمى
سعدٌ يكرُّ وخولةٌ وهشامُ

سكرَ الجلاءُ على ضفافكِ فانتشتْ
أجيالُه وتوالتِ الأعوامُ

أنا واحدٌ ممَّن عرفتِ جرارَهم
يروي ظما الثوارِ وهو غلامُ

* * *

بلدي .. وحسبي أنَّني لكِ عاشقٌ
يحدو هوايَ محبةٌ ووئامُ

من فجرِ يومِ القادسيةِ للضُّحى
يتسابقُ الأخوالُ والأعمامُ

عرفتْ فرنسا بأسَهم فتراجعتْ
ثكلى يكلِّلُ هامَها الإرغامُ

وصلوا سنا التاريخِ بالألقِ الذي
وافى به تشرينَ وهو عرامُ

فاستبشرَ الأقصى وأشرقَ وجهُه
وشدا الإمامُ وأجبلَ الحاخامَ

* * *

بلدي .. غفرتُ لك الجحودَ أما ترى
أنَّ المُقيمَ على الوفاءِ يُضامُ

أم أنَّ عينَكَ قد أضرَّ بها الأسى
ممن قلوْكَ فغادروكَ وهاموا

فلبثْتَ تغسلُ بالدموعِ جحودَهم
حتى مضى عامٌ وأقبلَ عامُ

فتأنقتْ خُضرُ الضفافِ وأزهرتْ
وتضوَّعتْ عطراً بها الأيامُ

بلدي .. ويشعلُني الوفاءُ قصائداً
تُملا بها جامٌ وتُفْرَعُ جامُ

سلمتْ زحوفُ الشَّيبِ تغزوني دُجىً
ويفرُّ من وجهِ الحياةِ ظلامُ

فلعلَّ بارقةَ الرجاءِ تلوحُ لي
قبلَ الرحيلِ ويَنجلي الإبهامُ

* * *

بلدي وأختزنُ الجراحَ فليس لي
إلا اليراعُ وما لديَّ حسامُ

أتصيَّدُ الفِكَرَ المضيئةَ في الدُّجى
وأشقُّ ساحَ الشعرِ وهو قَتامُ

وألوذُ بالقلمِ المُدجَّجِ باللَّظى
فلهُ إذا خَرِسَ الرصاصُ كلامُ

تثبُ الحروبُ إلى دماهُ سخيةً
وتزمجرُ الآمالُ والآلامُ

وتفرُّ من كفِّي الأصابعُ عندما
تَهمي الحروفُ وفي الفرارِ أَثامُ

فأضمُّ أجنحتي أحطُّ على الذُّرا
لأقولَ يا وادي حماةَ سلامُ


5-4-1999