عرض مشاركة واحدة
قديم 01-06-2011, 06:32 PM
المشاركة 507
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
عبدالعزيز بن ولي الله الدهلوي
(1159 - 1239)
هو العالم الكبير، محدِّث عصره، ورئيس علماء مصره.

اسمه ونسبه ومولده:

هو عبدالعزيز بن ولي الله بن عبدالرحيم العُمري الدهلوي، وُلد ليلة الخميس لخمس ليالٍ بقين من رمضان، سنة تسع وخمسين ومائة وألف، وأُرِّخ مولدُه: "غلام حليم".

الدراسة والتحصيل:

تربَّى المترجم عند والده علاَّمة الوقت، فحفظ القرآن، وأخذ العلم عنه، فقرأ عليه وسمع في الحديث وغيره من العلوم قراءةَ درايةٍ وتحقيق، حتى حصلت له ملكة راسخة في العلوم،
ولما بلغ ست عشرة سنة توفي والده، فأخذ عن كبار أصحابه،
مثل الشيخ نور الله البدهانوي (وتفقه عليه، وتزوج بنته)، والشيخ محمد أمين الكشميري، والشيخ محمد عاشق بن عبيدالله البهلتي، فاستفاد منهم ما فاته على أبيه، وبرع وفاق الأقران.

قال النوشهروي في "تراجم أهل الحديث في الهند" (1/84): بدأ في قراءة القرآن وعمره خمس سنوات، ودرس معه اللغة الفارسية والنحو والصرف، وانتظم في الدراسة وهو في الحادية عشرة من عمره.

وعيَّن والده معلمًا لتدريسه، فدرس الجغرافية والتاريخ سنتين، ثم اهتم به والده بنفسه، فدرس الحديث والفقه، وأنهاها في مدة سنتين، وانتهى من العلوم كلها وهو في الخامسة عشرة من عمره، كسائر أبناء أسرة الشاه ولي الله؛ انتهى معربًا.

تفصيل أخذه وروايته عن شيوخه:

ذكر الشيخ المسند أحمد أبو الخير العطار الهندي في ثبته "النفح المسكي" (74/أ-ب): أنه وجد إجازة للشاه عبدالعزيز بن ولي الله الدهلوي مخرومة من أولها، لا يدرى لمن كتبها.

وصورة الموجود منها:

"وإني بحمد الله أخذت بعض كتب الأحاديث، مثل أحاديث "الموطأ" في ضمن "المسوى"، و"مشكاة المصابيح" بتمامهما قراءة على والدي - رضي الله عنه.

"والحصن الحصين"، و"شمائل الترمذي" سماعًا عليه، بقراءة أخي الأكبر الشيخ محمد.

و"الصحيح" للبخاري من أوله إلى كتاب الحج، سماعًا بقراءة السيد غلام حسين
[1].

و"الجامع" للترمذي، والسنن - كذا - أبي داود، سماعًا عليه بقراءة مولوي ظهور الله المرادآبادي.

ومقدمة صحيح - كذا - مسلم، وبعض أحاديثه، وبعض "سنن ابن ماجه"، سماعًا عليه، بقراءة محمد جواد الفلتي.

و"المسلسلات"، و"النوادر"، وشيئًا من "مقاصد جامع الأصول"، بقراءة مولوي جار الله نزيل مكة، وشيئًا من "سنن النسائي"، سماعًا عليه.

وبقية هذه الكتب من الصحاح الستة، قرأتها سماعًا لخلفاء والدي - رضي الله عنه – مثل: مولوي نور الله، وخواجه محمد أمين.

وأخذتها - وغير ذلك من الكتب - إجازة عامة من أفضل خلفائه، وابن خاله، الشيخ محمد عاشق، وخواجه محمد أمين، وإجازته - رضي الله عنه - لهما مكتوبة في كتاب "التفهيمات الإلهية"، و"شفاء العليل" له - رضي الله عنه - وهؤلاء قرؤوا على والدي، مع أن الشيخ محمد عاشق كان شريكًا في السماعة والقراءة والإجازة لوالدي الشيخ الأجل الأكمل، مسند الوقت، ومحدث الزمان، وحافظ العصر، وحجة الله على الخلق، الشيخ أحمد بن عبدالرحيم، المدعو بولي الله العمري الدهلوي: عن شيخه أبي طاهر المدني، وأسانيد والدي عن الشيخ أبي طاهر مكتوبة في رسائل والدي - رضي الله عنه.

قال ذلك بفمه الفقير: عبدالعزيز بن الشيخ ولي الله، في خمس وعشرين من جمادى الأولى، سنة تسع وعشرين بعد الألف والمائتين، من هجرة رسول الثقلين - صلى الله عليه وسلم - في الملوين، مدة لمعان القمرين".

قال أبو الخير: انتهى ما وجدته من إجازته المخرومة أولها.

ونقلها العلامة عبدالحي الحسني بتصرف يسير في "نزهة الخواطر" (7/298).

وقال المترجَم في "العجالة النافعة" (65 ترجمة عبدالمنان عبداللطيف): "اعلم أن الفقير قد أخذ هذا العلم والعلوم الأخرى كلها عن الوالد الماجد - قدس سره - وبعض الكتب لهذا الفن مثلاً: "المصابيح"، و"المشكاة"، و"المسوى في شرح الموطا" من تصانيفه، و"الحصن الحصين"، و"الشمائل" للترمذي: أخذتها قراءة عليه وسماعًا به، بكل الضبط والإتقان والتحقيق، وسمعت أيضًا أطرافًا من أوائل "صحيح البخاري" على طريق الدراية، و"صحيح مسلم" بكامله [كذا]، وبقية الصحاح الستة سماعًا غير منتظم، فقد حضرتُ مجالسه والطلاب كانوا يقرؤون عليه، وأنا أسمع تحقيقاته وتنقيحاته، حتى حصلت لي ملكة معتدة بها في فهم معاني الأحاديث، وإدراك دقائق أسانيدها، بفضل من الله تعالى,ثم بناءً على الطريقة السائدة عند أهل هذا الشأن، حصلت لي الإجازة عن عمدة أحبابه، أمثال الشيخ محمد عاشق الفلتي، والشيخ محمد أمين الكشميري الولي اللهي".

وقال في "بستان المحدثين" (64): إنه سمع من أبيه "المسوى من أحاديث الموطا" بضبط وإتقان تامين.

وقال (213): إنه سمع كتاب أبيه في المسلسلات.

وجاء النص في الوجازة للعظيم آبادي وثبت الخانفوري على تسلسل سماع الأَمَم للكوراني من طريق المترجم عن أبيه.

مرحلة العطاء:

بدأ المترجَم التدريس وهو في الخامسة عشرة من عمره، ولما توفي أبوه خلَفَه في درس التفسير العام وغيره، يقول عبدالحي الحسني (7/299): "كان آخر دروس الشيخ ولي الله المذكور: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، ومن هناك شرع عبدالعزيز، وآخر دروسه كان: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، ومن هناك شرع سبطه إسحاق بن أفضل، كما في مقالات الطريقة".

وقال: "وأما سبطه إسحاق بن أفضل العمري، فإنه كان مقرئه؛ يقرأ عليه كل يوم ركوعًا من القرآن وهو يفسره، وهذه الطريقة كانت مأثورة من أبيه الشيخ ولي الله".

وقال: "وكان - رحمه الله - أحد أفراد الدنيا بفضله، وآدابه وعلمه، وذكائه وفهمه، وسرعة حفظه، اشتغل بالدرس والإفادة وله خمس عشرة سنة، فدرَّس وأفاد، حتى صار في الهند العَلَم المفرد، وتخرج عليه الفضلاء، وقصدتْه الطلبة من أغلب الأرجاء، وتهافتوا عليه تهافت الظمآن على الماء".

وبقي المترجم متصديًا لتدريس العلوم - ولا سيما الحديث - بنفسه نحو عشر سنوات، ثم ابتُلي بالأمراض الشديدة، ففوَّض التدريس لأخويه، اللذَينِ تخرجا عليه: رفيع الدين، وعبدالقادر، قال عبدالحي:

"هذا، وقد اعترته الأمراض المؤلمة وهو ابن خمس وعشرين، فأدَّت إلى المراق، والجذام، والبرص، والعمى[2] ونحو ذلك، حتى عد منها أربعة عشر مرضًا مفجعًا، ومن ذلك السبب فوَّض تولية التدريس في مدرسته إلى صِنْوَيه: رفيع الدين، وعبدالقادر، ومع ذلك كان يدرِّس بنفسه النفيسة أيضًا، ويصنِّف ويُفتي ويعظ، ومواعظه كانت مقصورة على حقائق التنزيل في كل أسبوع يوم الثلاثاء، وكان في آخر عمره لا يقدر أن يقعد في مجلسٍ ساعة، فيمشي بين مدرستيه القديمة والجديدة، ويشتغل عليه خلق كثير في ذلك الوقت، فيدرِّس ويفتي ويرشد الناس إلى طريق الحق، وكذلك يمشي بين العصر والمغرب، ويذهب إلى الشارع الذي بين المدرسة وبين الجامع الكبير، فيتهادى بين الرجلين يمينًا وشمالاً، ويترقب الناسُ قدومَه في الطريق، ويستفيدون منه في مشكلاتهم".

وذكر أن العلماء كانوا يأتونه؛ لأخذ علمه، والأدباء؛ للاستفادة من أدبه، وعرض أشعارهم، وهكذا المحاويج؛ لحاجاتهم، والمرضى؛ للرقية، وغيرهم.

وقال النوشهروي: كانت عادته بأن يلقي درسه يومي الجمعة والاثنين في المدرسة القديمة -وهذه المدرسة في قبضة الهندوس الآن بسبب الفوضى في سنة 1947 - بكوجه جيلان، والمعترضون يأتون عند الشاه ويعرضون ما عندهم، وهو يجيبهم بأجوبة علمية، فيرجعون مطمئنين.