عرض مشاركة واحدة
قديم 10-13-2010, 10:17 AM
المشاركة 2
سحر الناجي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


* مدخـل للفكر الفلسفي
إن أول من يتعامل مع مادة الفلسفة يثير فيه الفضول الفكري عدة تساؤلات حول طبيعة الفلسفة وأهميتها، ومنفعتها، وما إذا كانت فكرا يمكنه أن يترجم إلى ممارسات عملية، إلى غير ذلك من التساؤلات؛ وهي – في الواقع – تساؤلات حاول الفلاسفة الإجابة عنها. وبتعبير آخر، إن هذه التساؤلات مرتبطة بتاريخ الفلسفة ذاتها .. ولعل محتويات هذا الدرس كفيلة بإظهار ذلك ؛ وهي في نفس الوقت إجابة مباشرة على بعض التساؤلات التي يطرحها المتعلم على نفسه.
فما هي الفلسفة ؟
وما علاقتها بالحياة والمجتمع ؟
من هو الفيلسوف ؟ وما طبيعة شخصيته ؟
ما هي رهانات الفلسفة ؟
* ما هـي الفلسفة ؟
إن الإجابة على السؤال ما هي الفلسفة ؟ ليست إجابة سهلة، لأن طرح السؤال إشعار بالتفلسف ودخول في حبال الفلسفة. فكما يقول هيدغر Heidegger :
إن هدف السؤال "هو الولوج داخل الفلسفة والإقامة فيها والتصرف وفقها، أي التفلسف" ؛
فالسؤال يحتم علينا أن "نتحرك داخل الفلسفة، عوض أن ندور حولها"، لأن السؤال ما هي الفلسفة؟ من طبيعته أنه سؤال ماهوي، وسؤال إشكالي.
أضف إلى ذلك أن الإجابة المباشرة على السؤال ما هي الفلسفة؟ تعترضها عدة صعوبات، بعضها يرجع إلى غير المتفلسفة، وبعضها يرجع إلى الفلاسفة أنفسهم:
فالأوائل تصدر عنهم آراء متضاربة، بعضهم يصف الفلسفة بأنها ثرثرة وكلام فارغ، وبعضهم يعتبرها تفكيرا في الغيبيات، وبعضهم يعتبرها آراء وهمية، إلى غير ذلك من النعوت القائمة على الأفكار القبلية، والمسبقة، التي لا تستند إلى علم بالموضوع..
أما الصعوبات التي يخلقها الفلاسفة فإنها صعوبات تكمن في عدم إجماعهم على تعريف محدد.
فحينما يعرف الفيلسوف الفلسفة، إنما يعرف فلسفته الخاصة. وهذا ما يجعلنا أمام زخم هائل من التعاريف قد يصل عددها إلى عدد الفلاسفة أنفسهم، وذلك يرجع إلى عوامل أربعة رئيسة:
ا) غياب موضوع محدد: فالفلسفة لا تدرس موضوعا بعينه. فكل موضوع صالح لكي يجلب اهتمامات الفلاسفة مادام يتسم بطابع الإشكالية.
لذا يقال إن الفلسفة تدرس كل شيء بما في ذلك نفسها.
ب) غياب منهج موحد: لكل فيلسوف منهجه الخاص، يعتقد أنه موصله إلى اليقين.
وقد يتأثر الفيلسوف ببعض العلوم فيقتبس منها مناهجها (ديكارت مثلا). لكن، في غالب الأحيان الفلاسفة مناهجهم الخاصة (المنهج التوليدي عند سقراط مثلا).
ج) ارتباط الفلسفة بالعصر: إن الفيلسوف مرتبط بقضايا زمانه وعصره، هي التي تملي عليه المواضيع والإشكاليات، وسبل التفكير، وطبيعة المعارف التي سيستخدمها..
ولما كان عصر أفلاطون ليس هو عصر ديكارت، لابد أن نجد اختلافا بين الفيلسوفين سواء في تعريف الفلسفة أو تحديد أهدافها ..إلخ.
د) قناعات الفيلسوف الخاصة: يمكن أحيانا أن ينتمي الفلاسفة إلى نفس العصر (الطبيعيون مثلا) أو لعصور متقاربة،
لكن هذا لا يمنع وجود الاختلاف بينهم. لأن لكل فيلسوف قناعاته الفردية تكون مسؤولة عن تميزه وتفرده، واتسام فلسفته بالجدة والأصالة.
(يتبع ...)