عرض مشاركة واحدة
قديم 04-29-2014, 02:48 PM
المشاركة 36
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
نجـــــــــــــاة

هناك لحظات فى حياتنا لا نعرف كيف كنا فيها.. ولا نعرف كيف واجهنا مصيرنا.. ومن أين أتت لنا الشجاعة
تماما مثل تلك اللحظة المجنونة وأنا أغوص بيد المقبض فى كتف تونى الذى أصدر عواء كالكلب
وهو يحاول نزع مسدسه ليقتلنى ... ثمة طلقات فى الخارج .. وفتح باب الإسطبل بعنف بينما تونى يصوب مسدسه نحوى لكن نادر أطاح به بطلقة واحدة وهو يصرخ أريده حياً
هرع لى بسام ولوسى وشخص آخر عرفت فيه اياد ووجه آخر حبيب .. وجه أبى وقد جزع وهو ينظر لوجهى المتورم وأنا أبكى وأقول
حاول تونى اغتصابى ..ثم أنخرط فى بكاء مرير لم أفق منه إلا على صوت طرقعة عظام وقد لوى نادر عنق تونى فى حركة واحدة... كانت هذه من اللحظات القليلة فى حياة نادر الناصرى الذى يتغلب فيه صوت الغضب والكرامة على صوت المال .. نادر هو التناقض بعينه فبعد قتل تونى بلحظات ها هو يرفع مسدسه فى وجهه أبى وبسام ولوسى وهو يقول
هيا يا أنسة جدك ينتظرك
كانت الضربة التى جاءته من الخلف قوية بحيث أنه فقد وعيه على الفور وقد وقف اياد مدافعا عن نفسه انه كالثور لا يمكن هزيمته الا هكذا ... ثم جس نبضه وهو يقول إنه بخير سيغيب عن الوعى دقائق وعلينا الذهاب فورا إلى المطار
كانت فدوى هناك تنتظر وقد أمنت لنا ثلاث تذاكر للقاهرة وهى تقول ساعة ونصف وتقلع الطائرة
نظرت إليها ولكن أنت وبسام .. نظرا الاثنان لى وقال بسام
لا تقلقى بيروت لم تعد تناسبنا.. لن نعود إلى هناك... لكن بيروت كلها كانت هنا... حاضرة فى نادر الناصرى وغسان خورى ورجاله المسلحين الذين أحاطوا بنا فى مطار عمان .. وقد غص قلبى فى شدة وعنف وأبى يشدنى لصدره بقوة وبسام يترك فدوى ويقف أمامى فى مواجهة من لا يرحم بينما نمت عينا نادر عن غضب شديد... كره شديد ... كان الجو متكهرب والصوت يردد فى المطار أن على ركاب الطائرة المصرية المتجة للقاهرة التوجه للبوابة رقم خمسة
وقفت لوسى وهى تقول بصوت عنيف
وماذا بعد يا خورى العظيم ألم يكفك دماء وموتى ؟ فيقاطعها اصمتى بينما يمسك أبى بيدى غير مبال بكل هؤلاء ويقول
هيا يا ابنتى علينا الرحيل
توقف .. إلى أين .. ؟ صرخ به خورى
فصرخ به بسام دع الفتاة وشأنها.. وقد وقف حاجزا بينى وبين خورى الذى أسود وجهه وحار فى أمره فقال بصوت ضعيف وقد التمعت عيونه من فرط الإنفعال
من قال أنى سأمنعها عن الرحيل
مازلت أذكر يوم الرحيل لقد انحنى غسان أخيرا ..لم أنس وهو يلفظ بصعوبة
شادن تذكرى أن لك جدا وإن كان أخطأ بحقك كثيرا إلا أنه يحبك ويرجو أن تسامحيه وتقبلى بزيارته فى القاهرة
كانت الأربعة أحرف لكلمة شادن صك حريتى وهويتى .. وفى نفس الوقت صك عذابى وأنا أرى طيف بسام يبتعد وهو يحتضن فدوى الباكية ويبتعد
مازلت أرسم فى مخيلتى صورة وجهه المتعب وجبينه المتغضن وانزوائه بعيدا عنى ولوسى تحتضننى وتعتذر عن الذهاب معى لقد وعدنى خورى أن يزورنى ووعدتنى لوسى أنها ستأتى يوما لتصفية الخلافات مع أبى
أما بسام ورغم كل هذا لم يعدنى بشئ أى شئ
حتى الوداع الأخير ضن به على ..خذلنى وداعه لأنه ببساطة لم يودعنى .. رغم فرحتى بالعودة لمصر ولأبى ظل جزء بى ينزف طوال سبع سنوات