عرض مشاركة واحدة
قديم 04-29-2014, 02:46 PM
المشاركة 34
روان عبد الكريم
كاتبـة مصـريّـة
  • غير موجود
افتراضي
رحيل
عودة لشادن
استيقظت على صوت الإرتطام ..وجدت نفسى على الأرض الباردة وصو ت عنيف يهز المبنى وقد تراقصت الأضواء ثم خبت ..ثمة أنين بجانبى ثم ضوء ضعيف صادر من مكان ما وصوت ملهوف يصرخ شادن ...همست غير مصدقة ..بسام ..رفعنى كطفلة صغيرة وبكى وهو يقول
آه يا شادن الحبيبة لقد عدت .. رغم ذهولى مما يحدث ومن الظلام والبرد وأصوات القصف شعرت بالدفء والطمأنينة والأمان ..هناك صوت آخر يهتف
لوسى لوسى هل أنت بخير ..تهتف لوسى ماذا يحدث أين شادن فيجاوبها صوت بسام
اطمئنى إنها بخير بينما الصوت الآخر وميزت فيه صوت نادر البغيض يردد
بيروت تتعرض للقصف .. لقد فعلها الصهاينة تبا لهم .. ثم ما لبث أن صرخ
بسام ..أين فدوى..شعرت بحيرة بسام وخوفه ولكنه لم يتخلى عنى ولم ينزلنى للأرض بل قال بكل حزم علينا المغادرة من هنا .. لقد توقف القصف لكنهم على الأرجح سيعاودن خلال دقائق
حينما وضعنا بسام - أنا ولوسى التى قبعت فى حضنها - فى ملجأ أمن .. قال على الذهاب لفدوى استطعت مخابرتها سأحضرها إليكم ثم علينا الرحيل إلى الشمال .. قاطعه صوت نادر وهو يقول بصوت أمر
أرسل غسان سيارة تصل بعد خمس دقائق لنقلنا للاردن ..إنها أومره ..علينا ترك بيروت حالا
رأيت وجه بسام الخائف والحائر بين واجبه نحو فدوى وبينى إلا أن لوسى قالت
نادر لا يمكن ترك شقيقتك وابن عمك هكذا ..غص نادر وهو يقول سأعمل على تأخير الرحيل نصف ساعة لا أكثر.. إنها مدة كافية لإحضار فدوى ...عليك المخاطرة بالذهاب ولكن احترس إن البناية التى تقيم بها فدوى لا تبعد كثيرا لكن عليك بالركض وتجنب ركوب أى سيارة .
مرت الدقائق كأنها ساعات.. ثمة جرح صغير على جبين لوسى.. شعرت بالألم لها وبالغضب منها..سنوات وسنوات وأنت غائبة يا لوسى ..كانت تخلت عن رداء الراهبة وقد التف جسدها الناحل فى ملبس بسيط لا لون فيه سوى الأسود وقد ربطت شعرها بربطة حازمة.. شعرت بتطلعى إليها فأخذتنى فى حضنها وهى تقول
حبيبتى ..كانت السيارات السوداء المدرعة قد وصلت..نظرت لها فى خوف وهم ينتظرون دخولنا
وصوت نادر يطلب منا الصعود.. شدتنى بقوة أكبر لصدرها وهى تقول
لن نرحل بدون بسام وفدوى ..تطلع نادر لساعته بينما جواله يرن فيرد:-
سنرحل الآن مسيو خورى .. سنرحل على الفور
اعترضت وصرخت لالا لن نترك بسام وفدوى خلفنا .. جذبونى بقوة أنا ولوسى لنجد أنفسنا فى السيارة ونادر يقف فى الخارج وقائد السيارة يقول هل نرحل الآن .. . تطلع إليه نادر فى حيرة ثم إلى وجهى الباكى وفجأة ظهرت طائرات فى السماء تضرب بعنف بيروت مرة آخرى فركب نادر على الفور وهو يصرخ هيا
انزويت فى صدر أمى أبكى بإختناق إلا أن صوت نادر هدر فجأة ..
- توقف..
كان بسام وفدوى على الجانب الآخر من الطريق ....إن كنت كرهت نادر منذ لحظات إلا أنى راقبته بعيون تحمل العرفان والإمتنان وهو يقطع الطريق ليحمل فدوى التى كانت شبه فاقدة للوعى
مضينا فى الليل الممطر والقصف المدوى عبر الطريق إلى سوريا ثم منه إلى عمان... كانت صلات خورى القوية تتيح لنا التنقل بسهولة ..غير السيارة القوية التى اقلتنا .. حيث نمت بعيون نصف مغمضة فى حضن لوسى بينما فدوى ناعسة على صدر بسام...كم شعرت بالغيرة والألم وصوت الضمير الخافت يؤنبنى