عرض مشاركة واحدة
قديم 02-09-2013, 01:33 PM
المشاركة 51
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وبعده تحدث ا لشاعر نجوان درويش فقال:
- منذ اشهر ونحن نجتمع في ندوة ا ليوم السابع، مساء كل خميس لمناقشة اعمال قصصية وروائية للأطفا ل، بعضها اعمال فلسطينية ومعظمها اعمال عالمية وخصوصا سويدية، في الوقت الذي تبدو خارطة الأدب السويدي والاسكندنافي عموما غير معروفة بما فيه الكفاية لللقارىء العربي.

- وقد كنا محظوظين بمناقشة روا يتين لاستريد ليندجرين وفتياتها المشاغبات، الأولى هي بيبي ذات الجورب الطويل التي اصبح اسمها جنان في الترجمة العربية، ولوتا ترحل من البيت وا لتي تغير اسمها إلى ليلى في الترجمة العربية في اجتهاد من المترجمين على اعتبار ان تعريب الاسم يقرب القصة من ذائقة الطفل وما في قاموسه من الاسماء، وهو اجتهاد اختلف معه، على اعتبار ان الاسم الاصلي للشخصية القصصية يحمل خصوصية ثقافية لا يحمله الاسم العربي البديل، وايضا فان هذا التغيير في الاسماء يحد من قدرة الأدب على أن يكون جسرا يقارب بين الثقافات والشعوب المختلفة. فحين يتعلم الطفل اسما اجنبيا في كتاب فان هذا يمهد له طريق اسماء غريبة كثيرة سيعرفها وسيتقاطع مصيره مع مصائر اصحابها، في عالم صار اختلاط الثقافات والانتماء لأكثر من ثقافة واحدة وسمة اساسية من سماته.
- لسنا متعودين على مناقشة او حتى قراءة "أدب اطفال" الذي لم يحرز مكانته في الكتابة العربية حتى الآن، رغم هذا الاهتمام المبشر من قبل كتاب وناشرين بأدب الاطفال.
- فطفولتنا في المقام الأول طفولة ضائعة ومضيعة ومن ناحية ثانية فأدب الطفل عندنا ما زال في بواكيره، وطوال سنين طويلة قامت الحكاية الشعبية بوظيفة "أدب الأطفال"، وثمة أيضا أطفا ل بدأوا قراءاتهم بالأعمال الأدبية غير المخصصة للأطفال، فمثلا أتذكر أنني قرأت بعضا من كتب نجيب محفوظ وأنا في الحادية عشرة، ولا أذكر أنني قرأت شيئا من القصص السخيفة ا لتي كانت تمتليء بها رفوف مكتبة المدرسة، لسذاجتها المفرطة.

- ربما يرجع تعثر أدب الأطفال في بعده السايكولوجي إلى ما يمتاز به الأدب العربي ربما اكثر من غيره من آداب العالم بالجهامة المفرطة، اذ ان المساحة المتوفرة لفكرة أدب الأطفال جد ضيقة، فكلمة أدب بالعربية مقترنة بحكم معناها اللغوي بالأخلاق، اذ أنها كما تتمظهر في المخيال الشعبي – نقيض للاسفاف والتبذل والنزق، وهي أيضا لا تأخذ على محمل الجد أعمالا أدبية تكتب للأطفال باعتبار ان هذه الاعمال قاصرة بالضرورة، فهل صحيح ان القصور يسم الأعمال المكتوبة للطفل؟ وهل صحيح ان هذه الكتابات صالحة للقراءة من قبل فئة عمرية محددة؟ وعلى سبيل المثال ما معنى شغف واستمتاع مشرف ندوة اليوم السابع الشيخ جميل السلحوت وهو في نصف عقده الخامس بروايات وقصص الأطفال التي نناقشها منذ اشهر في هذه الندوة، غير مكترث بتذمراتي المتتالية بصدد العودة إلى مناقشة أعمال أدبية غير قصص الأطفال هذه؟
وسؤالي له متى سنكبر يا شيخ ونناقش اعمال بالغين؟
أسئلة كثيرة كهذه تتداعى إلى الذهن ولا سبيل لحصرها.
لكن جملة من الكتابات الهامة في هذا الحقل قلبت المفاهيم السائدة حول الكتابة للطفل، فمن الذي يستطيع ان يتجاهل عملا مثل الأمير الصغير لسانت اكزوبري باعتباره عملا مكتوبا للأطفال؟ فرؤية العالم بعيني طفل تفتح لنا قنوات جففتها جهامة الايام.

وعودة إلى " لوتا التي ترحل من ا لبيت " و استريد ليندجرين التي رحلت من العالم في 28 - كانون ثاني 2002 عن 94 سنة ابداع، وما يقارب المئة كتاب وعشرات ملايين النسخ من كتبها. والتي تعتبر المجددة الحقيقية لأدب الأطفال السويدي، وا لتي أدارت ظهرها للتقاليد السائدة في الكتابة للأطفال التي اختطها الجيل ا لمؤسس في أدب الأطفال السويدي مثل الزا بيسكو وغيرها.

- فإن ابرز ما يسجل لاستريد ليندجرين هو كسرها لتابوهات كثيرة كانت سائدة في كتابة الاطفال، كانت سائدة قبلها، فليس في قصصها أدنى ميل إلى الوعظ والتعليم بمعناه التلقيني، وليس في شخصياتها ذلك الخطل والكساح الذي وصمت به معظم الشخصيات في كتب الأطفال الرديئة، وكفنانة اصيلة عرفت دورها الحقيقي الذي لا يتعدى متعة القراءة وأمل خافت من قبل الكاتبة ا ن تقدم بكتابتها مساهمات صغيرة لجعل قرائها من الأطفا ل ينحون نحو مواقف أكثر إنسانية وعطف وديموقراطية. إنها تفتح باب الخيال على مصراعيه وتعود بقرائها إلى اولى الاحلام التي يبدأ بها الانسان اكتشاف عالمه، بدون اسقاطات ولا تنميط لشخصيات ابطالها من الأطفال الذين تجتمع فيهم عادة كل عناصر الحياة الخلاقة: التجربة والمغامرة ورفض المسلمات والاصرار على عيش الحلم، وفي عملها الصغير هذا الذي قرأته البارحة دون ان تفارقني الابتسامة لأنني احلم دائما واصدق احلامي، ولأنني مثلها افكر بالرحيل من البيت.

انتهت الدراسات سنعود لنرسم سويا خطتنا لكتابة قصة اطفال من واقع ما تعلمانه هنا: