عرض مشاركة واحدة
قديم 11-17-2011, 08:33 PM
المشاركة 227
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
<<هرزوج>>
(1964) من أهم روايات الكاتب الأميركي <<سول بيلو>> (1915-2005)، وهي قصة أستاذ جامعي يهودي يُصاب بالشلل الجسدي والعقلي ويقضي وقته في كتابة خطابات وهمية. وحينما ينجح في التحرر من حياته الوهمية يرفض كل الاتجاهات الفكرية (مثل الوجودية) باعتبارها تقاليع. ويمكن هنا أن نثير قضية لهوية <<بيلو>>، فهو كاتب أميركي لا يمكن فهمه إلا في إطار الثقافة الأدبية الأميركية، ولذا، فإن رواياته، سواء أكانت مادتها الخام يهودية أم كانت غير ذلك، تنبع من رؤية أميركية للواقع، وطريقة السرد فيها أميركية والصوت الروائي أميركي. ففي رواية <<هندرسون>> ملك المطر يقوم البطل، وهو أميركي غير يهودي، برحلة إلى أفريقيا كي يفهم ذاته ويكتشفها ثم يعود إلى وطنه مسلحاً بالحكمة الجديدة، وهذا هو النمط المتكرر في كثير من الروايات الأميركية (موبي ديك لملفيل، ومغامرات هكلبري فين لمارك توين). أما <<هرزوج>> الذي سُمِّيت الرواية باسمه، فهو يهودي، ولكن الانتماء اليهودي أو غيابه أمر ثانوي. وقد هاجم <<بيلو>> المفهوم الصهيوني والذي يذهب إلى أن وجود اليهود خارج فلسطين هو حالة مَرَضيّة، وأن يهود أميركا شخصيات ممزقة منقسمة على نفسها، وبأن اليهودي الحقيقي هو من يعيش في إسرائيل. ولذا طالب الصهاينة بتصفية الدياسبورا (الجماعات اليهودية في العالم). ووصف <<بيلو>> نفسه بأنه أميركي مخلص لتجربته وحضارته الأميركية <<يتحدث اللغة الإنجليزية الأميركية، ويعيش في الولايات المتحدة، ولا يمكنه أن يرفض ستين عاماً من حياته هناك>>. ومن ثم، فهو يرى أن مصطلح <<كاتب يهودي>> مصطلح مبتذل من الناحية الفكرية، وهو مصطلح ضيق الأفق، بل ولا قيمة له إطلاقاً. ومع هذا، كتب <<بيلّو>>، علاوة على رواياته وأقواله، كتاباً صهيونياً مغرَقاً في العنصرية عن رحلته إلى الدولة الصهيونية عنوانه إلى القدس والعودة (1976). ولعل هذا الكتاب ذاته دليل على أن يهود الدياسبورا يروجون عن أنفسهم صورة تريحهم نفسياً هي أنهم صهاينة يؤيدون إسرائيل، بينما تؤكد حياتهم غير ذلك. وحينما يكتب <<بيلو>> رواياته، فإنه يدع خياله الخلاَّق يَفصح عن رؤيته المركَّبة، أما في كتابه الدعائي المُشَار إليه، فهو يتبنَّى موقفاً عملياً ودعائياً لا علاقة له بتجربته الحقيقية . ولعل طموح <<بيلو>> للحصول على جائزة نوبل كان له أثره الكبير على الآراء السياسية التي أفصح عنها في كتابه. وقد حصل <<بيلّو>> بالفعل على الجائزة بعد صدور الكتاب.