الموضوع: عناب 1
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
3355
 
هبه احمد
من آل منابر ثقافية

هبه احمد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
29

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Oct 2012

الاقامة
Jordan

رقم العضوية
11613
10-23-2012, 12:52 AM
المشاركة 1
10-23-2012, 12:52 AM
المشاركة 1
افتراضي عناب 1
هي ايام الخريف الاولى الطقس غاية في الروعة، رائحة الصباح وعبق التراب وعطر الياسمين. الشمس تغمض عينيها تارة وتفتحها تارة اخرى. استنشقت الهواء المنعش ملئ رئتيها، كل شيء جميل حتى صياح جارها ابو محمد جميل، كل يوم يخرج هذا الرجل من المنزل يلعن الضروف ويسب الاحوال التي آلت به الى هذا العمل المتعب يجر عربته الصغيرة يبيع الكعك والفلافل ليطعم صغارا يفتحون افواههم كما افراخ الطيور. لم يرق لها يوما صراخه فما بالها اليوم يطربها صوت زعيقة. سارت في طريقها الى العمل كل شيء جميل، الشوارع واصوات زوامير السيارات، ازيز ابواب الدكاكين وهي تفتح كل شيء رائع، جدائل طالبات المدارس والشبر الأبيض يزين الشعر المتدلي كما قطوف العنب. جلست على الكرسي امام الحديقة تنتظر حافلة العمل. الكون يسير من حولها وكأنها تستمع لسيمفونية يعزفها فنان مشهور، وهي صامتة لا ترى منها الا الابتسامه. وفجأة ودونما سابق انذار وقف امامها، هالها المنظر لم تصدق عيناها. أهي حقا تبصره؟ أهو من تنظر اليه الآن؟ أبعد كل هذا الغياب! نعم هو، بشحمه ولحمه ودمه. مازال كما تركها منذ ثمانية اعوام ما زال يرتدي نوع الملابس ذاتها، نفس الحقيبة السوداء، وقلم الريشة الذي يعلو جيبه.
كيف حالك؟ سألها وهو يهم بالجلوس على الكرسي بجانبها.
تطايرت الكلمات على لسانها، دقات قلبها كأنها جناحي عصفور يتعلم الطيران. تذكرت اول لقاء بينهم عندما كانت طالبة في الثانوية العامة رأت استاذها الجديد وعند النظرة الاولى توردت وجنتاها واصفرت يداها واصبح انفها كالجليد. وها هي الآن كأنها تراه للمرة الاولى نفس الشعور وذات الارتجاف.
قالت بتلعثم: بخير....
قال لها: لا اصدق انك تجلسين بجانبي الآن! احس بأنني احلم.
رسمت على شفتيها ابتسامة خجولة وقالت: سمعت انك سافرت لتكمل دراستك في الخارج؟
قال: نعم. وعندما عدت بحثت عنك في كل مكان ولكن....
خطفت الكلمة من لسانه وقالت: لا عليك. لا اريد تبريرا، نسيتُ كل شيء.
قال باستغراب: حقا؟! هل نسيتي؟ كل شيء؟
قالت: نعم، كل شيء.
صمت لحظات قليله ونظر الى عينيها اللامعتين وقال لها: ما زلت كما أنت لم تتغيري ابدا. خداك كالعناب.
رفرف قلبها الصغير مجددا، واحست ببرودة الثلج في يديها، لم تدري ما تقول ضاعت الكلمات واختبأت العبارات وصمت لسانها عن الحديث. رأت حافلة العمل تقترب، توقفت الحافلة امامها وفُتح الباب، وقفت تهم بالمسير سألها على عجل هل سوف اراك مرة أخرى؟ تملكها الصمت وتقاذفتها الذكريات، نظرت اليه وتبسمت بعنفوان وسارت نحو الحافلة بثبات. ركبت وجلست في الكرسي وسارت الحافلة وعيناها متعلقتان به، وراح يختفي من امامها كما الحلم في اواخر اليل................
يتبع.....


عابرة من بوابة الماضي