الموضوع: ثورة الشباب..
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
6411
 
خالدة بنت أحمد باجنيد
شاعـرة وناقـدة سعـودية

خالدة بنت أحمد باجنيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
322

+التقييم
0.05

تاريخ التسجيل
Jan 2008

الاقامة

رقم العضوية
4365
02-08-2011, 08:20 PM
المشاركة 1
02-08-2011, 08:20 PM
المشاركة 1
افتراضي ثورة الشباب..
ثورة الشباب


عندما تطمح أن يكون لك حرفٌ في ثورة مصر، فإنّ الثورة تتبادر إليك بملامح أقرب إلى الغرائبيّة، فلا تملك إزاءها إلا أن تقف عجبًا..!


كتب الكثير في تلك الثورة، وبقدر ما تقرأ أو تتابع على التلفاز فإنّها كلّ يومٍ تأتيك بما لم تأته الأيّام ولا الثورات الأوائلُ، فعلى كافّة المستويات اجتماعية أو ثقافية أو دينية أو مناطقيّة...الخ تجدك أمام رواياتٍ ومواقف ومشاهدَ تحار من أيّها تغترف وتقتبس لأجل ذلك الحرف..!


هذه الثورة العصماء وهي تملي علينا بكرة وأصيلاً معاني الصمود والإصرار والثبات، تسمّت بأسماء عديدة لكلٍّ منها دلالته النافذة، فهي ثورة 25 من يناير، وهي ثورة الشعب، وثورة الشباب، وثورة الأحرار... وغيرها من الألقاب والأوصاف التي تصدق عليها حتمًا، لأنّها ثورة فريدة ثرّة لا يفي بها اسم واحد، وحسبها أنّها تشهد كلّ يومٍ ما يزيد ثراءها ثراءً.


ودون سائر مسميّاتها أحببت لها بحقّ اسم (ثورة الشباب)، فكم يلبّي ذلك الاسم شيئًا في النفس، وهو يشفّ عن حلمٍ طالما تعلّقنا به، فكم نردد بأنّ الشباب أمل الأمّة، وهنا نحن نبصر ذلك عيانًا لا أقوالاً تذهب مع الريح.


وفي هذا الصدد توقّفت ذات قراءة عند مقالة كتبها تركي الحمد في جريدة الوطن بعنوان: "إيّاكم وغضبة المحبطين" في يوم الأحد 6/2/2011م، وفيها يقول:
"فاليوم، يُشكل الشباب -ما تحت ثلاثين عاماً- ما نسبته 60- 70% من سكان عالم العرب، واهتماماتهم وتطلعاتهم ليست كتلك التي كانت سائدة في الأربعينات والخمسينات والستينات من القرن العشرين. شباب تلك الأيام، وكنت واحداً منهم، كانوا واقعين تحت تأثير (الوهم الإيديولوجي) ... من قومية يسارية ويمينية، وفاشية ووطنية، وماركسية أممية لينينية وماوية وتروتسكوية، وبعثية عفلقية أو يسارية، وإسلاموية أممية لاحقة، لا تختلف كثيراً عن الماركسية حين تحور المصطلحات والمفاهيم.
أما شباب اليوم في عالم العرب، فلا تهمهم شيوعية أو قومية أو بعثية أو إسلاموية، التي هي في انحسار شديد بعد أن تبين وعودها الزائفة ككل إيديولوجيا شمولية، ولكن يهمهم المستقبل، وما سيسفر عنه هذا المستقبل بالنسبة لهم. إنهم شباب التقنية الحديثة والعولمة في كل شيء، وما يعد به المستقبل وتقنيته وتطوراته من حياة بالنسبة لهم" اهـ.


ما أرتجيه من هذا الاقتباس هو الفكرة العامّة له، بعيدًا عن الخوض في جزئيّاته لأنّي ببساطة لا أنوي نقد المقالة وإبداء الرأي فيها، وإنّما اقتبست منها ما يمثّل نقطة انطلاقٍ.. فقط.


إنّ المتابع لثورة الشباب المصري يتبيّن التحوّل الكبير الذي نشأ شباب اليوم في بيئته، ويدرك تمامًا الاهتمامات التي تحتلّ أولويّات تفكيره ومطالبه، وأنّ ثمّة انصراف -ولن أقول قطيعة- عن اهتماماتِ الأجيال السابقة ومطالبها لتنزل إلى درجة ثانية أو ثالثة. فأن تحاول فهم شباب اليوم بمنطق الأمس لهو التصعيد الوهمي لقضايا عفت عليها السنون.. وباتت في عهدة التاريخ.


لست أنفي أو أقصي حقيقة التيارات والتصنيفات الحزبية أو الآيدلوجيّة التي لا يكاد يخلو منها أيّ عصر، ولكنّ حقيقة الانتماء أخذت في التغيّر شيئًا فشيئًا، أو لأقل حقيقة الفهم والتعامل مع مبادئ تلك التيارات والتصنيفات. ليس بالمقدور أن تحصر شباب اليوم الذي فتح عينيه على واقع العولمة والانفتاح في اتّجاه صرفٍ يستمدّ استقلاليّته وتميّزه بعداء الاتجاهات الأخرى، بل إنّ وعي أولئك الشباب يتشكّل في الميل والرغبة الصادقة لإحداث المزج والتوازن، لأنّ تطلّعاته باتت أقرب إلى الواقعيّة منها إلى الروحانيّة.


ولا أشكّ أن شباب اليوم يعاني من أزمة هويّة وإثبات ذات، ولكنّ تلك الأزمة لا تعني بأي شكل بحثه عن نموذج يحاكيه، وإنّما هي أزمة صناعة النموذج.


ربّما يعترض قائل بأنّ شباب اليوم يبحث عن نموذجه الغربي، فينسلخ من دينه وعاداته وتقاليده في سبيل التقليد الأعمى، بيد أنّي –وإن لم أنكر ذلك- أرى أن ذلك الوصف البائس هو بمثابة لعناتٍ يطارد بها الجيل السابق الجيل اللاحق!، فيدينه دومًا بــ(التبعيّة والانحلال)، وكفى بها إدانة..!


شباب مصر عندما بلغ بهم السيل الزبى، اندفعوا ليجسّدوا واقعهم، فبرزت لنا التعدّدية في أبهى صورها، وبرز لنا كيف هم يعرفون ويدركون واقعهم ومستجداته ويسعون دومًا للتصالح معها، مهما اُعتِرض عليها أو تمّ تهميشها من قبل الأجيال السابقة، التي لا تؤمن إلا بمن يشبهها، وكأنّهم يحاولون بذلك تقديم أنفسهم بوصفهم المثال الكامل الجدير بالاحتذاء!.


بتعبير آخر، شباب اليوم يطمحون إلى أن يعيشوا يومهم، أن يعيشوا عصرهم بهزائمه وانتصاراته، فمن الظلم أن تغلق دونهم المنافذ-ولو بحسن نيّة-، ومن الغين أن يتحجروا في قوالب أمس ليس أمسهم، فكيف به وهو ينازعهم يومهم ومستقبلهم.


إنّها ثورة الشباب، ثورة خرجت إلى العلن لتفصح عن أحلامها، ولعلّها الثورة المؤسسّة لثورات أخر، ليس فقط في المجال السياسي، بل في المجال العلمي والتقني والثقافي والاجتماعي، فينهض بنا –نحن الشباب- نموذجنا الفريد، النموذج المؤهّل لأنّ يعيش أمسه ويومه ومستقبله هو، لا أمس ولا يوم ولا مستقبل غيره.


حينها فقط يحقّ لنا أن نقول: إنّ الشباب أمل الأمّة.. لأنهمّ حينها فقط سيكونون بداية جديدة لتاريخها الجديد.. تاريخ العزّة بإذن الله.



خالدة بنت أحمد باجنيد
5/3/1432هـ
8/2/2011م.


موقعي الشخصي:
http://khaledah-bj.com/