عرض مشاركة واحدة
قديم 01-31-2011, 12:39 AM
المشاركة 3
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي





الخيال



الخيال في الفلسفة:

الخيال imagination هو الصورة الباقية في النفس بعد غيبة المحسوس عنها. أما التخيل فهو إدراك الصور الخيالية، ويتحدد بأنه العملية الذهنية التي تتولد عنها الصور. وقد تنشأ هذه الصور الذهنية عن عملية استرجاع الإحساسات في حال غيبة الأشياء، وهذا ما يعرف بالتخيل الاسترجاعي (كاسترجاع بعض الأشكال والألوان والروائح..). كما تنشأ الصور الذهنية عن عملية خلق على غير مثال من صنع مخيلتنا، وهو ما يعرف بالتخيل الإبداعي الذي به يبدع الإنسان الأعمال الفنية ويطور العلوم والتقنيات.


وقد اختلف الفلاسفة حول طبيعة الوظيفة التخيلية ودورها في تكوّن المعرفة، فرأى بعضهم أن الصورة نسخة صادقة عن الإحساس، ورأى آخرون أن الصورة تتخطى الإدراك وتتخذ طابعاً ذهنياً صرفاً.
وتمثل نزعة أبو قراط الحسية نموذجاً حياً للخلط التام بين التخيل والإدراك، فالتخيل عنده نوع من الرؤية البصرية، أما النزعة الحسية الرواقية فتقيم اختلافاً بين الصورة والإحساس.


أما الخيال عند أرسطو، فهو حركة يسببّها الإحساس، والصورة هي الرابطة بين الخيال والإدراك. فالإحساس والإدراك هما أصلا التخيّل. ويرى أرسطو أن للخيال وللذاكرة موضوعاتٍ مشتركة، وأنهما يرجعان إلى جزء واحد من النفس، باتحاد الوظيفة والمعنى فيهما، وبأن الصور التي تكوّنها الذاكرة هي التي يكوّنها الخيال، مع اعترافه بأن الحس والتخيّل شرطا التذكر، والشرط أسبق من المشروط.


ويشكّك أفلاطون في قيمة الفنتازيا أو المخيّلة، باعتبارها وظيفة النفس غير السامية، وهي عنده مصدر الخطأ والوهم. وعدّ التخيّل والتذكّر وإدراك المحسوسات المشتركة وظائف للعقل لا للحسّ، وأن أعضاء الحسّ لا تدرك الخصائصَ المشتركة بين موضوعات الحسّ، إنما يُدرك ذلك العقل. وهكذا يؤدّي التخيّل وظيفته: الأولى استعادة صور المحسوسات، والأخرى: استخدام الصور المحسوسة في التفكير.


وأكد ابن سينا أن هناك تشابهاً بين الخيال والذاكرة من حيث الوظيفة، بينما لا فارق بينهما إلا من حيث ارتباطهما بالزمان، فالذاكرة تستعيد صوراً ومعاني أُدركت في الماضي، أما التخيل فيستعيدها ويدركها من حيث هي صور أو معانٍ موجودة الآن.

كما ذكر أن للخيال دوراً في التحصيل والاستنباط والتصوّر، فيقول: «إنّ الخيال يُعين كما يُعين الحس في العلوم التي تحتاج إليها، كالأشكال الهندسية التي يُعين الخيال في إدراكها وتصوّرها. أما العلوم العقلية (أي الأفكار الخالصة) فإنها بخلاف ذلك، ولما كانت الخيالية تمانع وتعاوق، قهرت هذه العلوم العقليّة القوة الخيالية على ترك المُعاوقة عنها».


والخيال عند ابن عربي هو ملكة الرمز، وهو لا ينشئ تركيبات غير حقيقيّة، إنما يظهر المعاني المخبوءة في الأشياء، وهنا يكون عمل الخيال هو عمل التأويل، إذ يعمد إلى إخفاء الظاهر وإظهار الباطن، ويمسّ بكيميائه العجيبة الأمور المحسوسة فيجعلها رموزاً روحية فكرية، فالخيال هو ملكة التحويل أو علم سر هذه الكيمياء المحوّلة، وهو أساس فلسفة ابن عربي باعتباره أداة للمعرفة وجماع أدوات المعرفة الأخرى (العقل والحس)، ثم باعتباره قوة خلاّقة مبدعة لأرقى علوم المعرفة (العلوم الربانية والجمال التشكيلي).


ووصف السهروردي الخيال بأنه عالم المُثل المعلّقة، وهو بهذا عالم برزخيّ وسط بين المعقول والمحسوس، ومرآة تُعكس عليها جميع صور الموجودات المعقول منها أو المحسوس.


وتعدّدت تفسيرات الخيال في الفلسفة الغربية بسبب تعدّد التيارات التي تتمثل في المذهب الماديّ والمذهب الروحيّ والمذهب الفينومينولوجيّ (الظواهري) وقد عوّل المذهب المادّي في تفسير علاقة التخيّل بالإدراك على فكرة التداعي التي تؤول إلى تصوّرات ترابطيّة، تتحرّك في نطاق نفسي - جسدي يحلّل العمليات النفسيّة، برّدها إلى ما يحدث في الجهاز العصبي من متغيّرات، حيث يذهب هيوم إلى حد أنه لم يكتفِ بعدّ الصور والأفكار مجرد نسخ للانطباعات الأصلية على أعضاء الحس، وإنما عدّها نسخاً تبدو في وضع انفصال، كما عدّ الخيال قاصراً إذا ما قورن بالحس الخالص، وهو قصور جعله يتّجه اتجاهاً توكيدياً ينفي قدرتنا على تخيّل محسوسات جديدة. أما هوبز فقد أفضت نزعته التجريبية إلى أن يوحّد الخيال والذاكرة، وأن يفسّر الخيال باعتباره إحساسا متحلّلاً، مما يعني أن الإدراك يقدّم لنا المحسوسات واضحة وثابتة، بينما يركّب الخيال صوراً يسمها الغموض.


وأكد ديكارت أن الصورة انفعال الجسد، فالصور أشياء مادية تعرض للعقل كما تعرض الأشياء الخارجية للحواس. وتنشأ بعض الصور بفعل الإرادة، ويتخذ التخيل في سمته الإرادية التي تتمثل في الصور المجردة مظهر السند للإدراك العقلي، فيما يشكل التخيل بوصفه انفعالاً للجسد مصدراً خطراً للضلال.


وعدّ اسبينوزا التخيل قوة لا أخلاقية، لأنه يقوم على أساس الأفكار غير المطابقة للواقع، وعلى مصدر الأهواء التي تستعبد الإنسان. وكان الخيال عند كَنْت وسطاً بين طرفين: الحساسيّة والفهم، إذ يمثل الحس والخيال والفهم أساساً لابد منه لإمكانيّة التجربة عنده، فالصورة جسر يربط بين الحساسية والإدراك العقلي، والتخيل في نظره تنوع، لأنه يعيد إنشاء الأوجه الكيفية للإحساسات، وهو نظام في التنوع.


وتأثر «فيشته» بكَنْت فكانت ملكة الخيال الُمنتجة عنده هي القوة النظرية الأساسية، ومن دونها لا يمكن تفسير أي شيء في العقل الإنساني، وجماع جهاز التفكير إنما يقوم على هذه الملكة، فالخيال قدرة أساسية للأنا على أن يتصور خلاف ذاته، وبملكة الخيال يظل إنتاج الموضوع من شأن الذات.


وذهب برغسون، من جانبه، إلى أن ليس للصور وجود ذاتيّ، وإنما ترجع جميعاً إلى الشخص المتخيّل وأحواله الخاصة؛ إذ يبعثها الذهن من كمونها ويمنحها الوجود في التصوّر، فالصورة وجود وسط بين المادة والشعور، والفرق بين الإدراك الحسيّ والتصوّر الخياليّ يرجع إلى أن الإدراك مرتبط بمقتضى الحاجات العمليّة للإنسان، أما التصوّر الخيالي فهو مثول صور الذاكرة من دون أن يكون ثمة ما يلائم هذه الصور من الحاجات العملية، إذ إن الصور التي تمثل في النفس في حالتيّ الإدراك الحسيّ والتصوّر الخياليّ موجودة في الذاكرة ولكنها ليست مدركة، لأن الصور التي تنفذ في مجال الشعور في حالة التصوّر الخيالي تبقى في مستوى الحلم من دون أن تتعدّى ذلك إلى مستوى الفعل.


ويؤكد سارتر في كتابه «الخيال» ضرورة التمييز بين الإدراك الحسيّ والخيال، فالإدراك الحسيّ هو الأشياء حاضرة حضوراً فعلياً، وهي حاضرة كما يقول (هوسرل) بلحمها وعظمها، أمّا الخيال فإنه تمثّل لهذه الأشياء، إنما في غيابها غياباً حقيقياً وكأنها غير موجودة بالفعل.



عماد شعيبي



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)