عرض مشاركة واحدة
قديم 01-31-2011, 12:33 AM
المشاركة 2
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي


الخيال الجامح في النحت:


الحجر وسيلة نقل أصيلة لخوف مقدس (نصب يسكن الإله فيه - بيت إيل) وكل حجر يتجاوز حجم الحجارة المألوفة يستثير الشعور بالغرابة، وهذا الشعور قابل للزيادة إذا ما تعلق الأمر بأشكال إنسانية ذات غايات مجهولة (تماثيل جزيرة الفصح، الرؤوس العملاقة في أولميك فينتا).


سعى الخيال الجامح إلى استحضار ما لا يستطيع أحد أن يراه، فالعابدون بعيونهم الجاحظة الواسعة في تل أسمر (الألف الثالثة ق.م)، والموتى العائدون إلى الحياة في مقبرة جوار Jouarre (القرن السابع ب.م) يتسمون بمظاهر الانبهار غير المشروطة نفسها، كما ابتكر آلهة هجينة ترمز خصائصها المروعة إلى القوى الخيرة المكلفة بطرد قوى الشر والشياطين المجنحة، فعلى النحت ذي الأغراض السحرية أن يضلل القوى الشريرة أو أن يبطل تأثيرها، تلك هي الغاية التي ترنو إليها حتى اليوم التمائم الإفريقية المحفوفة بالإبر أو بالمعادن المدببة.


واستعار كل من الفن الرومي والفن القوطي من الشرق الأشكال الحيوانية كلها: تنانين برقابها الطويلة المتشابكة التي تزين لوح نارمر (متحف القاهرة)، ومخالب، وطيور - عقارب، وأفاع خرافية لها رؤوس ديكة. ولقد ألمحت المسيحية، بتهويلها الخطيئة والموت، إلى التفسخ والانحلال.


وابتداء من عصر النهضة، راح الفنان يسعى إلى ما يفتن ويقلق ويشوش (وحوش حديقة بومارتزو)، ويصنع الغريب المدهش من المفارقة القائمة ما بين الأثر والمكان الذي يؤويه (الاضطراب غير المألوف لأشكال تمثيلية استحضارية على الدرج المدوِّخ في البرتغال).



الخيال الجامح في التصوير والغرافيك:


التصوير هو الوسيلة الرئيسة في فن الخيال الجامح، فهو الأكثر إيحاء، والأشد تغريباً وإثارة للبلبلة، إذ يتيح المجال واسعاً أمام تداخل الواقع بالحلم: انطباعات تثير القلق لأيد مبتورة في العصر الحجري القديم على «جدران كهف غارغاس في البيرينة»، وقوى مفترسة تترصد الأرواح في كتب الموتى المصرية، وآلهة هجينة لا تحصى تدير شعائر خاصة بالموتى (توت وأنوبيس في مصر)، وساق مقطوعة حلت محلها مرآة يتصاعد منها الدخان، فالبتر والمرآة السحرية من مدخرات فن الخيال الجامح، التي اتخذت عبر العصور، بجانب مجموعة صور الأطياف والأشباح المعتادة للموتى والمسوخ، الأشكال نفسها الحاملة للدلالات الأولية والثانوية مثل: العين وعين الآلهة الموجودة في كل مكان( ميترا متعددة العيون)، والعين الشريرة والبيضة، والحيوانات المكلفة باصطحاب الأرواح إلى العالم الآخر.


وتختلف المعاني والنزعات من حضارة لأخرى، فالهيكل العظمي عند المسيحيين صورة للتهديد، في حين أنه يدفع الأبيقوريين للتمتع بالحياة، كما كان فن العصور الوسطى في الغرب تحذيراً شاملاً وجماعياً واسعاً حيال القوى الجهنمية: وجوه ممسوخة لها أذرع، ورجال متوحشون، وتنانين مزودة بأجنحة خفافيش مستعارة من الصين، وساحرات ذات أظلاف، وشياطين بمخالب تستحوذ على المخيلة، وقد توزعت هذه المخاوف في ثلاث دوريات: الحيوانيات والجهنميات والرؤيات التي صورت بنجاح الخوف العظيم من عام 1000، وامتد هذا الخوف إلى القرن الثاني عشر بتنبؤات جواشيم دو فلور، وإلى عصر النهضة في رسوم كثير من الفنانين.



كانت آثار جيروم بوش الفنية، وعصر النهضة في أوجه، سفراً لضروب الرعب في القرون الوسطى، ومع ذلك فإن انزياحاً ذا مغزى قد حدث، ألا وهو الاهتمام بالماورائيات، حيث تقتات سوداوية دوررلاالتي حلت محل الخوف من الجحيم، في حين كان المنجمون والعرافات تواكب كل مذابح الإصلاح.


لم تكن الاتباعية(الكلاسيكية) مواتية للأجواء الغريبة التي حافظ عليها التكلفيون والتي عبر عنها فنانو اللورين بنجاح باهر. ولكن شكلاً من أشكال «العبث والأباطيل» كان يحرض على مقاربات غريبة وتخيلات ملتبسة تدور حول الشرط الإنساني وواقعه.


وبالتوازي مع رواج علم التنجيم الذي وسم نهاية القرن التاسع عشر، أصاب الخيال الجامح والميل إليه نجاحاً باهراً، وتزايدت الرموز: حيوانات خرافية، وأقنعة، وأشباح، وحشرات هجينة، وشخوص أسطوريون (بروميثيوس وأورفيوس).


أبرز التصوير الميتافيزيقي والسريالية، فيما بعد، الطرق الملتوية التي يقرض العبث بوساطتها الحياة اليومية (دي كيريكو وماغريت)، ومصدر معوقات المخيلة التي تحول دون انطلاقها (دالي وبول دلفو)، إن منهجة الصدفة والتداعيات الغريبة أفسحت في المجال واسعاً أمام استيهامات اللاوعي، وتلتحق السريالية عند فيكتور برومر أو ماتا بخفايا السحر وأسراره.

وقد برهن كل من وولز وإيف تانغي وهنري ميشو أن الشعور بالقلق لا يختفي مع الرائع التقليدي، ولكنه يطرق أشد المناطق ظلمة، تلك المناطق التي سلط عليها الفن الشعبي والهيبريالية (الواقعية المغرقة بواقعيتها) الضوء.




فائق دحدوح - محمد حسام الدين



هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)