عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
8

المشاهدات
5776
 
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي


رقية صالح is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
2,577

+التقييم
0.50

تاريخ التسجيل
Mar 2010

الاقامة

رقم العضوية
8808
08-01-2011, 07:57 PM
المشاركة 1
08-01-2011, 07:57 PM
المشاركة 1
افتراضي الحــرب – ترجمة: د. زيـاد الحكيـم
[justify]

الحرب - قصة قصيرة - ترجمة د. زياد الحكيم

للكاتب الايطالي لويغي بيراندللو (1867-1936) كان على المسافرين الذين غادروا روما بقطار الليل السريع أن ينتظروا حتى الفجر في محطة صغيرة في فابريانو ليواصلوا رحلتهم بقطار صغير عتيق الطراز يصل ما بين الخط الرئيسي وسالمونا. وفي الفجر اندفعت سيدة كبيرة الحجم في ثياب الحداد، تكاد تشبه صرة عديمة الشكل، في عربة من الدرجة الثانية كثيرة الدخان فاسدة الهواء كان خمسة مسافرين قد أمضوا الليل فيها. وكان وراءها زوجها يلهث ويئن. كان رجلاً صغير الجسم هزيلاً. كان وجهه أبيض بلون الموت. وكانت عيناه صغيرتين لامعتين. وكان يبدو خجولاً مضطرباً. وبعد أن اتخذ الرجل لنفسه مقعداً في آخر الأمر شكر للمسافرين في أدب مساعدتهم زوجته وإفساحهم مكاناً لها. ثم التفت إلى المرأة محاولاً أن ينزل ياقة معطفها عن وجهها وسألها في أدب:

- هل أنت في خير يا عزيزتي؟ وبدون أن تجيب رفعت الزوجة الياقة مرة أخرى فأخفت بها وجهها.
همهم الزوج وعلى وجهه ابتسامة حزينة: عالم بغيض. ثم شعر أن من واجبه أن يشرح لرفاقه المسافرين أن المرأة المسكينة جديرة بالرثاء لأن الحرب أخذت منها ابنها الوحيد، وهو شاب في العشرين من عمره وقف كلاهما حياته له إلى درجة أنهما هجرا بيتهما في سالمونا للحاق به في روما التي ذهب إليها لمتابعة دراسته. ثم أجازا له أن يتطوع في الجيش بشرط أن لا يذهب إلي الجبهة قبل ستة أشهر. والآن وعلى حين فجأة تسلما منه برقية يقول فيها إن عليه أن يسافر إلى الجبهة خلال ثلاثة أيام ويطلب إليهما أن يحضرا لوداعه. كانت الأم تتلوى تحت المعطف الكبير، وكانت تئن أحياناً وهي على يقين أن جميع هذه الشروح لن تفلح في إثارة تعاطف هؤلاء الأشخاص الذين كانوا في الأغلب يعانون من محنة مشابهة.

قال أحدهم وهو ينصت في كثير من الانتباه:
ـ يجب أن تحمد الله أن ابنك مسافر إلى الجبهة الآن فقط. لقد أرسلوا ابني إلى هناك في اليوم الأول من الحرب. وعاد مرتين جريحاً وأعيد إلي الجبهة.

- وقال مسافر آخر: وماذا عني؟ إن لي ابنين وثلاثة أبناء أخوة في الجبهة.

- قال الزوج: ربما. ولكن في حالتنا إنه ابننا الوحيد.

ـ وما الفرق في ذلك؟ إنك قد تفسد ابنك الوحيد بالمبالغة في الاهتمام به. ولكن ليس بامكانك أن تحبه أكثر من أبنائك الآخرين لو كان لك أبناء. فالحب الذي يغدقه الأب علي أبنائه ليس مثل رغيف من الخبر يقسمه إلي قطع يوزعها علي الأولاد بالتساوي. إن الأب يعطي حبه كله لكل واحد من أبنائه بدون تمييز سواء كانوا واحداً أو عشرة. وإذا كنت أتعذب الآن على ولديّ الاثنين فأنا لا أتعذب نصف عذاب على كل واحد منهما. ولكن أتعذب على نحو مضاعف.

- قال الزوج: هذا صحيح.. صحيح.. ولكن لنفترض (وطبعاً نأمل جميعاً أن لا يحدث ذلك لك) أن لأب ولدين في الجبهة وفقد واحداً منهما فإنه يبقى له واحد يعزيه.. بينما..

- أجاب الرجل الآخر في حدة:ـ نعم. يبقى له ولد يعزيه. ولكن أيضاً يبقى له ابن على قيد الحياة بعد وفاته. في حين أنه في حالة الأب الذي له ابن وحيد فإنه إذا مات الابن يمكن للأب أن يموت فيضع بذلك حداً لعذابه. أي من الحالين هو الأسوأ؟ ألا ترى كيف أن وضعي يمكن أن يكون أسوأ من وضعك؟

- قاطع مسافر آخر وهو رجل بدين أحمر الوجه ذو عينين بلون الدم: هذا هراء! كان الرجل يلهث. وبدا أنه كان يتطاير من عينيه الجاحظتين عنف داخلي قوي لا يستطيع جسمه الضعيف أن يحتويه. وأضاف وهو يحاول أن يغطي فمه بيده ليخفي السنّين الأماميين المفقودين: هراء! هل ننجب أبناءنا من أجل منفعتنا؟ ونظر إليه المسافرون الآخرون في أسى.
- وتنهد الرجل الذي سافر ابنه إلى الجبهة في اليوم الأول من الحرب وقال: أنت على حق. إن أبناءنا لا ينتمون إلينا. إنهم ينتمون إلى الوطن.

- أجاب المسافر البدين: أوف! هل نفكر في الوطن عندما ننجب أبناءنا؟ يولد أبناؤنا لأن.. حسن لأنهم يجب أن يولدوا. إنهم امتداد لحياتنا. هذه هي الحقيقة. نحن ننتمي إليهم. وهم لا ينتمون إلينا قط. وعندما يبلغون العشرين نجد أنهم يشبهوننا عندما كنا في مثل سنهم. نحن أيضاً كان لنا آباء وأمهات، ولكن كان ثمة أشياء أخري كثيرة.. أيضاً.. فتيات وسجائر وأوهام وربطات عنق جديدة.. والوطن طبعاً الذي كان علينا أن نستجيب لدعوته لو أنه دعانا ـ عندما كنا في العشرين ـ حتى لو رفض الآباء والأمهات. والآن في سننا هذه ما زال حبنا للوطن عظيماً طبعاً. بل إنه أقوي من حبنا لأبنائنا. هل ثمة واحد بيننا هنا لا يتمنى أن يأخذ مكان ابنه على الجبهة لو أنه استطاع ذلك؟




[/justify]


هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)