عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
22387
 
عبدالله باسودان
أديـب وشاعـر

اوسمتي


عبدالله باسودان is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
324

+التقييم
0.07

تاريخ التسجيل
Jul 2011

الاقامة

رقم العضوية
10158
01-21-2012, 08:52 AM
المشاركة 1
01-21-2012, 08:52 AM
المشاركة 1
افتراضي نشأة وتطوّر الشعر العربي
نشأة وتطوّر الشعرالعربي.

الشعر العربي قبل الإسلام هو ما يقصد به الشعر الذي قيل قبل ظهور بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن الشعر العربي مرّ بمراحل مختلفة حتى استوى في صورته المعروفة، ذلك أن ما ورد إلينا من هذا الشعر هو ما يقرب من 150 سنة قبل البعثة المحمدية، أما ماقيل من الشعر قبل هذا التاريخ فلم يرد إلينا أي شعر.
ومما لا شك فيه، أن تاريخ اللغة العربية يمتد عدة الآف من السنين قبل هذا التاريخ، وكما ذكرنا في كتابنا " سياحة في عالم الفكر والأدب " في بحثنا عن اللغة العربية أن أول من تكلم اللغة العربية هو سيدنا سام بن نوح عليهما السلام وهو أبو العرب كما قاله مؤرخو اللغة العربية. لذلك نرى أنه قبل 150 سنة من ظهور الإسلام كان هناك شعراء لم ينقل لنا التاريخ شيئاً من أشعارهم.
يقول ابن رشيق " كان الكلام كله منثوراً، فاحتاجت العرب إلى الغناء بمكارم أخلاقها، وأطيب أعرافها وذكر أيامها الصالحة، وأوطانها النازحة، وفرسانها الأنجاد، وسمائحها الأجواد لتهز أنفسها إلى الكرم، وتدل أبناءها على حسن الشيِّم، فتوهموا أعاريض جعلوها موازين الكلام ، فلما تم لهم وزنه سموه شعراً لأنهم شعروا به".
ولقد حاول محمد بن سلام الجمحي في كتابه طبقات فحول الشعراء أن يبين بداية الشعر العربي فتحدث عن أوائل الشعراء الذين اندثرت أشعارهم وانطمس ذكرهم ولم يحفظ لهم التاريخ إلاالنزر اليسير.
ومما يؤكد لنا ذلك قول عنترة بن شداد العبسي حيث يقول في مطلع معلقته :
هل غادر الشعراءُ من متردم ِ
أم هل عرفت الدار بعد توهمِ
يسأل عنترة هل ترك لنا الشعراء الذين كانوا قبلنا شيئاً نقوله من الشعر، لقد سبقونا في إنشاد الشعر وفي مانريد أن نقوله شعراً مثل ما قالوه.
وكذلك يقول زهير بن أبي سلمى:
ما أرانا نقول إلا مُعارا
أو مُعاداً من قولنا مكرورا
ونرى امرئ القيس يقول في إحدى قصائده
عوجا على الطلل المخّيل لعلنا
نبك الديار كما بكى ابن خذامِ
ومطلعها:
لـمن الديـار غشيتها بسحام
فعمايتيـن فهضب ذي أقـدام

فصفاالأطيط فصاحتين فغاضـر
تـمشي النعاج بـها مع الآرام

دارلهنـد والربـاب وفرتنـى
ولميـس قبل حـوادث الأيـام

عوجا على الطلل الـمحيل لعلنا
نبكي الديار كما بكى ابن خذام
من خلال أقوال هؤلاء الشعراء يترآءى لنا شاعرٌ ُيدعى ابن حذام إلا أنه لم ينقل لنا التاريخ شيئاً عن شخصيته ولا عن شعره. يقول ابن سلام الجمحي " إن ابن خذام رجل من طيء لم نسمع بشعره الذي بكى فيه ولا عن غيره إلا هذا البيت الذي ذكره امرؤ القيس."وهذا يدل لنا أن بكاء الديار والوقوف على الأطلال ليس في زمن امرئ القيس، لقد كان هناك شعراء من قبله منهم ابن حذام لم تصل إلينا أشعارهم إلاهذا البيت الوحيد."
كما اختلفت الروايات عن اسمه الحقيقي فقالوا ابن خذام و ابن حذام وابن حُمام وابن الحُمام وكذلك اختلفت الأبيات المرويّة عن أمرئ القيس في الأبيات التالية :
عوجا على الطلل القديم لعلنا
نبكي الديار كما بكى ابن حُذام

عوجا على الطلل المُحيل لأ ننا
نبكي الديار كما بكى ابن خذام

يا صاحبي قفا النوا عج ساعة
نبكي الديار كما بكى ابن حِمام

وعن ابن الكلبي" أول من بكى الديار امرؤ القيس بن حارثة بن الحُمام واياه عناه امرؤ القيس. "ويقول بعض الرواة أنه عمّر أكثر من مئتي سنه.
وعن أبي عبيدة: هو ابن خِذام وأنشد :
عُوجا على الطلل المُحيل لعلّنا
نبكي الديا رَ كما بكى ابن خِذامِ
وهناك بيت لعنترة في نفس المعنى، يقول فيه:
ولقد كررتُ المهر يدمى نحرُه
حتى اتقتني الخيل با بني حِديم
كما يورد بعض الرواة أن هناك شعراء لم يسجل لنا التاريخ من أشعارهم إلا القليل منهم سهل بن شيبان البكر الملقب بالفند الزماني والعنبر بن عمرو بن تميم والبراق بن روحان بن أسد. وزعم آخرون أن أول من قال الشعر وقصَّد القصائد هو عمرو بن قمينة بن سعد البكري. هؤلاء الشعراء قالوا الشعر بزمن طويل قبل المهلهل بن ربيعة وامرئ القيس ومن جاء بعدهم.
وكذلك نورد قول ابن سلام الجمحي "أن أول ما وصل إلينا من الشعر هو قول العنبر بن عمرو التميمي وهو من الرجز:
قد رابني من دلوي اضـطرابها
و النأي في بهراء واغـترابها
أن لا يجىء ملأى يجىء قرابها
وكذلك قول مالك و سعد ابني زيد بن تميم:
يــظل يوم و رودها مزعفرا
وهي خنا طيل تجوس الخضرا
و كذلك قول نوار بنت عجل بن عدي :
أوردها سعد وسعد مشتمل
ما هكذا تورد يا سعد الإبل
يقول ابن سلام الجمحي:" ...وكان الشعر عند العرب ديوان علمهم ومنتهى حكمهم به يأخذون وإليه يصيرون. فالشعر عند العرب له منزلة عظيمة تفوق منزلة تلك الأبنية. ومع إهتمام العرب العظيم إلا أننا لم نقف على محاولاتهم الأولى، وإنما وجدنا شعراً مكتمل النمو مستقيم الوزن تام الأركان. "
ونستخلص من كلام ابن سلام قوله "أننا لم نقف على محاولاتهم الأولى." لذك نرى إن الشعر الذي عرفناه من امرئ القيس وغيره من الشعراء قد يكون حصيلة شعر لشعراء كانوا قبلهم، من مئات السنين حتى تدرج من جيل إلى جيل إلى أن وصل إلى جيل المهلهل بن ربيعة وامرئ القيس والنابغة وغيرهم.
وحسب قول الرواة أن أول من وصلتنا أشعاره هو المهلهل بن ربيعة من قبيلة تغلب ويأتي بعده امرؤ القيس، لذلك فقبيلة تغلب هي أول من وصلتنا أشعارهم، ومن أعلام شعرائها المهلهل بن ربيعة وامرئ القيس والحارث بن حلزة اليشكري وطرفة بن العبد والأعشى ميمون وعمرو بن كلثوم وتلي هذة القبيلة قبيلة قيس ومنها النابغة الذبياني والنابغة الجعدي وكذلك لبيد بن ربيعة. والقبيلة الثالثة هي قبيلة تميم وهي أكبر القبائل العربية ومن شعرائها المشهورين أوس بن حجر وعلقمة الفحل والسليك بن السلكة والأخير من الشعراء الصعاليك، وضمرة بن أبي ضمرة وعدي بن زيد العبادي والأسود بن يعفر وأكثم بن صيفي المشهور بالحكم. ثم قبيلة مضر والقبائل العدنانية والقحطانية ومن أشهر شعرائها عنترة بن شداد العبسي.
لقد اختلف الرواة عن كيفية بداية الشعر العربي فمنهم من قال أن بداية الشعر العربي أن العرب الأوائل حاولوا تقليد وقع خفاف الإبل في الصحراء وتدرجوا بعد ذلك أن جعلوا لها أوزان موسيقية لحداء الإبل حيث أن الإبل تطرب وتسرع في المشي عند سماع الحداء، وآخرون قالوا إن منشأ الشعر كان السجع الذي كانوا يسمعونه من الكهان ثم تطورالى الرجز وأخذ في التطور إلى إنشاء البحور الشعرية المعروفة. وقال آخرون إن بداية الشعر كان مصدره الغناء ثم تدرج الى بحر الرجز وتطور إلى بحور الشعر الأخرى. وبعد ذلك توالت الأشعار من المهلهل بن ربيعة وامرئ القيس وطرفة بن العبد وغيرهم.
لكن من الثابت أنه لو لم يكن هناك شعراء قبل المهلهل بن ربيعة وامرئ القيس وطرفة وغيرهم لما وصل إلينا هذا الشعر المتكامل الناضج لغةً وأدباً، إذ أنه من المؤكد أن الشعر العربي مر بمراحل عديدة حتى وصل إلينا شعر شعراء أمثال امرئ القيس وطرفة وغيرهم.
ومنذ عصر المهلهل وغيره من الشعراء بدأ ازدهار الشعر العربي وكذلك كثير من الفنون الأدبية كالخطابة والأمثال والوصايا في إمارتين، هما إمارة المناذره التي كانت تحت إمارة الفرس والغساسنه تحت إمارة الروم ثم البيزنطيون فقد كان كبار الشعراء والخطبا ء والحكماء العرب يتوافدون على المنذر بن ماء السماء وأكثرهم على عمرو بن هند وكانت المنافسة على أشدها بينهم مما أفرزت إبداعات أدبية رائعة شعرا ً كان أم نثراً من فنون الأدب من خطابة ووصايا وأمثال وغيرها .
ومن الذين كانوا يتوافدون على عمرو بن هند، الحارث بن حِلـّزة اليشكري وعمرو بن قميئة وعمرو بن كلثوم والنابغة الذبياني وأوس بن حجر وطرفة بن العبد والمنخل اليشكري ولبيد بن ربيعة العامري وحجر بن خالد والمسيب بن علس والمثقب العبدي وكان التنافس بينهم شديداً لنيل الهبات والجوائز وللتقرب لهؤلاء الأمراء .
وأثناء هذه الفترة ظهرت بيوت وأسراشتهرت بقول الشعر والخطابة و الحكم والوصايا أمثال كعب بن مالك بن زهير بن أبي سلمى و النعمان بن بشير أبوه وعمه شاعران. كما عرف ذلك العصر شاعرات أمثال أم الصريخ الكندية، والخنساء بنت الشريد، وخويلة الرئامية القضاعية وجليلة بنت مرة امرأة كليب وقيسة بنت جابر، وأميمة امرأة ابن الدّمينة وكبشة أخت عمر بن معدي كرب، وخرنق.
لقد كان ذلك العصر ديوان العرب و السجل الحقيقي للحياة العربية الأدبية والثقافية فقد حفظ هؤلاء الشعراء العظام لأمتنا العربية أصالتها ولغتها وتاريخها. وأرسوا لنا قواعد القصيدة من بحورها وقوافيها وغيرذلك من فنون الشعروالخطابة والوصايا والأمثال، كما أن الشعر الأموي لم يكن بذلك الشعر الرائع لو لم يكن هناك شعراء قبلهم. فالشعراء في عصر بني أمية استقوا من معين هؤلاء الشعراء في ذلك العصر.