عرض مشاركة واحدة
قديم 10-29-2010, 04:19 AM
المشاركة 6
محمد جاد الزغبي
مستشار ثقافي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
ثانيا / المرتابين من المنافقين .. ومتخذى آيات الله هزوا


يقدم العلمانيون العرب أنفسهم على أنهم من العقلانيين الذين يتزيون بزى الواقع داعين الناس إلى هجر العقائد إلا فيما يخص مجالها الوحيد وهو العبادات المفترضة لكل عقيدة .. على اعتبار إن التمسك بتدخل الدين فى كل كبيرة وصغيرة أمرٌ لم يعد يناسب التقدم التكنولوجى والفكرى للإنسان وهذا بالطبع يتضح من كتاباتهم التى تصر وتردد على أنهم مسلمون ومؤمنون ولكنهم توصلوا لحقيقة دور الانسان فى الأرض وهو الدور الذى يجب عدم تهميشه وإهماله بالتمسك بالنصوص الدينية على حساب العقل
ويدعون إلى ترك القرآن لمجاله المفترض لأنه لم ينزل إلا ككتاب أخلاق وعبادة ومبادئ تشريعية عامة ويرون فى نظريات الإعجاز ومشاعل الهداية التنوير محض خرافات تمسك بها القدماء بما ناسب فطرتهم وعصرهم البدائي .. أما الآن فى عصر اختراق الآفاق وشبكات الانترنت وبعد أن أصبح العالم قرية صغيرة فلا مجال للقول بمثل ذلك لكى يتفوق العرب ويستعيدون ريادتهم .. !
وكم هو تناقض صارخ إقرارهم للعرب بريادة سابقة فى ظل الإسلام والفكر الإسلامى وبين دعوتهم الغريبة التى تدمغ العصور السالفة بطابع الخرافة والوهم وقد بينا هذا بإيجاز فيما سبق .. وانطبق عليهم قول الله تعالى
( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ).
بالفعل كما يقول الله عز وجل فى الآية الكريمة السابقة ..
وهى تتحدث عن أكثر الناس خسرانا بأعمالهم وهم الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا !!
فأن تكون كافرا بنعمة الله .. فهذا أمرٌ يمكن قبوله بالرغم من شذوذه ..
أما أن تكفر بآيات الله وأنت تزعم الإيمان به فهذا هو الأمر الذى لا يمكن تفسيره أبدا إلا مع آيات القرآن الكريم والتى أخبرنا فيها الخالق الحكيم أن البشر هم أجهل الخلق وأشدهم كبرا ويكفي أنهم حملوا الأمانة التى رفضتها السموات والأرض من ثقلها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ..
فمع الكبر يدفع الانسان ثمنا باهظا مقابل لا شيئ ..
وإن المرء لتأخذه الدهشة من مسلم موحد يدفعه غروره إلى الإعتماد على عقله وحده دون مرجعية الخالق التى هداه الله إليها بالفعل .. فيكون الضلال الأكيد بطبيعة الحال بعد أن تنازل المرء طواعية عن مرجع جاهز وبه دلائل الحيرة كاملة فتركه الإنسان عامدا عن جهل وخفة عقل ليمضي فى ركاب الضالين الباحثين عن مبرر لوجود الكون دون خالق
وأين هم بكل ثقافاتهم الغربية مما توصل إليه الغرب نفسه ومثَـل انتصارا ساحقا للعقيدة الموحِدة .. فقد ظهرت الدعوات المختلفة من علماء ومفكرى أوربا أنهم حضارة تعيش بنصف مخ فقط .. لأن النصف الأيسر هو المسئول عن الأمور المادية كالكلام والحركات أما النصف الأيمن فهو للعقيدة والتأمل والأمور الفنية ..
وهذا النداء الذى اكتسح العالم الغربي بأكمله لم يقتصر على كونه نداء وفقط بل قامت عشرات الدول المتقدمة بإعادة النظر فى مناهجها التربوية والتعليمية لإعادة تأهيل الأطفال الذين أفسدت عقولهم طرق التعليم المادية البحتة إضافة إلى ظهور عشرات الأحزاب والمنظمات الداعية إلى هجر العالم الأسمنتى واللجوء والعودة الى الطبيعة وقارن المنادون بهذا من الغرب بما عليه حالة الحضارات الشرقية كالإسلامية والصينية وكيف أنها رغم الصعوبات والتخلف التكنولوجى الا أن الطبيعة الإنسانية فيها لم تفسد إلى الدرجة الدنيا التى وصل اليها الغرب فخلقت أجيالا مشوهة نصفها يتمزق نفسيا وينتهى للإنتحار والنصف الآخر يصبح مليئا بالطباع العدوانية حتى فى سن البراءة " راجع التقرير الأمريكى الذى يوضح أن هناك 270 ألف طفل فى السن المتوسطة يحملون الأسلحة النارية "
فهل ينادى هؤلاء بنداءات تراجع عنها أصحابها أنفسهم ؟!
تماما كما فعل الماركسيون العرب عندما تشبثوا بالماركسية وهى الحزب الساقط فى بلاده وبعد أن فتك رعايا الشيوعية الروسية بجثمان " لينين " المحفوظ فى ساحة الكريملين بموسكوا إنتقاما من مذهبه الذى ضيع أمة بأكملها ..
وهل يريدون للعالم الإسلامى الغرق من جديد فى موجة تبعية للحضارة الغربية بعد مائة عام من تلك التبعية فتارة شيوعية وتارة علمانية ورأسمالية حتى وصلت الأوطان العربية إلى درجة التشوه المطلق فلا هى أصبحت تعيش بالنصف الأيسر كالغرب ولا ظلت كما هى بالنصف الأيمن ولولا رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ما تمكنت البلاد الإسلامية من إدراك البقية الباقية منها
لكنه الكبر ..
ومع الكبر لا يستنكف الإنسان أن يرد فضل ما فيه من نعمة أو موهبة إلى غيره من البشر فيفخر بكونه تلميذا نجيبا للعلامة فلان أو طالبا أثيرا لدى العبقري علان ويراها اعتزازا وفخرا ..
بينما لا تدعوه البصيرة إلى رد الفضل فى كل شيئ وأى شيئ للخالق الحكيم مع أن الفخر باصطفاء الخالق أشد وأعز ألف مرة من الفخر بغيره .. ورد الفضل إلى الله يزيد الإنسان فخرا بأشد مما لو كان الفضل لنفسه هو .. أوليس فخرا أن يكون الخالق نفسه عز وجل قد اصطفاك بموهبة من عنده ؟!
وكم صدق الله العظيم فى حديثه القدسي الذى يقول فيما معناه
" أنا والإنس والجن فى نبأ عظيم .. أخلق ويـُعبد غيري وأرزق ويُـحمد غيري "
وكم هى حارقة على قلب المسلم كلمات الله عز وجل عندما يتأمل قوله تعالى
" ماذا يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم "
نعم ما الذى يزيد الله تعالى بملكه لو أعطى أو منع .. لو عذب أو غفر .. لكنه الكبر البشري المعهود
ومع الكبر يعلن المنافق أنه مسلم وظهر بزى المسلمين الغيورين على الإسلام من الخرافة .. فإذا به ـ وهو يحسب نفسه محسنٌ صنعا ـ يدمغ القرآن الكريم بطابع الخرافة زاعما أنه يدافع عنه ضد ضلالات الزاعمين بإعجازه .. فيحق عليه وعد الله تعالى فتغلق بصيرته بارتيابه ويحرم الإيمان حتى يرد على الله عز وجل يوم أن يسأل كل قلم عما كتب
والأزمة الكبري ..
أن المتشككين فى إعجاز القرآن الداعين إلى غلق الكتاب الكريم عن تفسيرات الإعجاز غافلون عن حقائق العقيدة الثابتة منذ أيام رسول الله عليه الصلاة والسلام وأبرزها قوله الذى رواه على بن أبي طالب رض الله عنه أنه قال
" ألا إنها ستكون فتنة ، فقلت : ما المخرج منها يا رسول الله ؟
قال : كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم . هو الذي لا يزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يخلق عن كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه . هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا : { إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به } . من قال به صدق ، ومن عمل به أجر ، ومن حكم به عدل ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم . "
أين هم من وعد وتنبيه الرسول عليه الصلاة والسلام أن القرآن لا يشبع منه العلماء .. والأهم أنه لم يحدد علما ولم يقصر فهما بل عممه وهو الرسول الكريم الذى أوتى جوامع الكلم ..
وأين هم من قوله عليه الصلاة والسلام " لا تنقضي عجائبه " وبالفعل صدقنا الله ورسوله وعده فبرزت الآيات ولا زالت تبرز لكنها صُرفت عن عمى البصائر كما قرر الخالق سبحانه بحكمته
صرفت الآيات رغم جلاء الوضوح عن أولئك الزاعمين بالدفاع عن العقدة وعن كتاب الله .. فان ناصحتهم قالوا بأنهم حيري يتسائلون وليس عليهم جناح فيما يتشككون ..
وبالتالى فأنى لهم التوبة وهم غافلون عما ارتكبوه .. وأين هم من قول الله تعالى فيهم
" كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب .. " ........... "
ويقول تعالى عن كل شرك
( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)
لقد غفل المتشككون عن أن ما يثيرونه من ضجة الشكوك مردود عليهم زيادة فى التضليل وإلا فكيف غفلوا عن آيات الله التى تتوعد كل مسرف مرتاب يجادل فى آيات الله ومعجزاته بغير علم أو إدراك أو مطالعة وتأخذه النفس بهواية الجدل فيظن بنفسه السؤال وما أبعد ما قالوه عن السؤال وما أقربه من التشكك والريبة فى ما أنزل الله تعالى وهو القائل
﴿وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ﴾
ولم يقل نزلناه عليك تبيانا للأخلاق وحدها أو للعقائد وحدها أو للعبادات بل قال جازما أنه تبيان لكل شيئ فسبحان الله عما يشركون !
ومع أن آيات الله أشد صراحة فى وضوحها من شمس النهار ومع أن آيات الذكر الحكيم تراها منبئة مخبرة عنهم تحديدا إلا أن إلاعجاز القرآنى يتحقق بوقوع غفلة هؤلاء عن معناها وإشاراتها وانظروا معى قوله تعالى
( إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ )
فهل حسبها هؤلاء أنها آية نزلت فى الكافرين أو المشركين ..
الآية تقرر في وضوح أنها وعيد لمن " لا يؤمن بآيات الله " ولم يقل " من لا يؤمن بالله " فى هذا الموضع لأن من لا يؤمنون بالله لهم مواضع أخرى ويأتى الإستطراد شارحا أن هؤلاء تغلق فى وجوههم طرق الهداية جزاء ما جادلوا وأنكروا وافتروا الكذب على آياته سبحانه
وكما أوضحنا سلفا أن السؤال الذى يأتى متشككا ومنتظرا لنتيجة البحث حول صدق الآية أو صدق العلم القائل بغيرقولها هو متشكك ومرتاب طالما جال بخاطره أن الله تعالى وهو الأعز الأحكم من الممكن أن يحتوى كتابه المحفوظ آية واحدة تشير إلى ضدها حقائق علمية ثابتة .. فالسؤال يجب أن يكون بالإعتزاز والإيمان المسبق بالصدق المطلق للقرآن الكريم وإلا كان الإرتياب والضلال
وفى صلب قضية إنكار الإعجاز العلمى للقرآن والسخرية التى رأيناها فى مقالات المستهزئين بوجوده أو أولئك المعتزين بتلك الشكوك المدافعين عنها والمناقشين إياها بلهجة الواعى البصير المدرك لما لم يدركه سواه من تعارض القرآن مع الحقائق العلمية .. نرى القرآن الكريم متوعدا بجزائهم من الله بوعيد رهيب جزاء هذا الإستهزاء
يقول تعالى
(ويل لكل أفاك أثيم يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم .. وإذا علم من آياتنا شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) .......
فهنا ومن خلال مخاطبة الآية الكريمة للأفاكين الآثمين نجدها لم تشر إليهم على أنهم من غير المسلمين وحصرت فيهم الوعيد بل أشارت لصفتهم التى من الممكن توافرها فى المغيَب من المسلمين وهى الإفك والإثم التى يلحق بالمنافقين .. وتتناول الآية الكريمة فى إعجازية تعبير هائلة متنبأة ومنبئة أن " آيات الله " القرآن " والواردة بالآية الأولى سيسمعها المصرون المستكبرون وهى تتحدث وتخبر عن " آياتى " معجزات الله ـ والتى وردت فى الآية التالية مباشرة مشيرة إلى المعجزات بخلاف الأولى " آيات الله " التى وردت مقترنة بلفظ السمع ومن ثم أتت معبرة عن القرآن العزيز

فسبحان الله فى دقة التعبير وإعجازية التبليغ وكان الآية تتحدث عن زماننا الحالى شارحة إنكار البعض لإعجازية القرآن المقترنة بآيات الله فى الخلق متناولينها بالسخرية والإستهزاء حيث تتوعدهم بالعذاب المهين .. واستخدم عز وجل لفظ العذاب المهين ولم يقل لفظ العذاب الشديد فى إشارة تخصيص إلى نوعية العقاب المناسب لنوعية الجريمة فمن أخذته العزة بالإثم لإنكار عزة كلمات الله .. كان حقا على الله أن يُـورده المهانة والمذلة ويجعله عبرةً فى السخرية بين أهل النار أنفسهم
هؤلاء المغيبين مع اعترافهم الغريب بقدرة الله عز وجل , لنا أن نتساءل بوافر الدهشة , أين هم من آية كريمة وردت فى قلب القرآن الكريم تكفي وحدها ـ وعلى مدى الزمن ـ لإثبات إعجازية القرآن العلمية بالتحديد ووضوحها لا يحتاج مفسرا أو قارئا
يقول الله عز وجل
( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )
والآية صريحة فى تعهد الله عز وجل بأن يرينا آياته فى الآفاق " تعبير شامل وجامع " وفى أنفسنا " تعبير شامل أيضا لأنه لم يقل بأجسادنا " والآيات بمعنى المعجزات وهى الشيئ الخارق الذى سيقف أمامه البشر مأخوذين بقدرة الله تعالى فى الكشوف التى سيمكنهم اكتشافها فى قادم الأيام حتى قيام الساعة .. فضلا على أن لفظ " سنريهم " ممتد حتى قيام الساعة وهو ما يتحقق فعليا
والآية فى حد ذاتها بالغة الدقة ..
لأنها تشير إلى أن المعجزات ستتوالى فى الآفاق وفى أنفسنا إلى يوم الدين .. وقد يقول قائل كيف يتوافر لفظ المعجزة فى كشف علمى تحقق وظهر بالفعل ..
والرد بالغ البساطة لأن الكشوف ذاتها لن تتوقف قط .. وسيتابع الإنسان فى مطلق حياته تلك المعجزات والآيات التى وعد بها سبحانه بالإضافة إلى بقاء وصف المعجزة قائما فى ذات الكشف لإستحالة محاكاته من ناحية وتوالى اكتشافات المزيد من طبيعة تلك المعجزات على مدار الزمن ..
ولست فى حاجة للتدليل على تلك الحقائق ..
فما زادت الكلية البشرية معجزة علمية عجز العلماء عن محاكاة قدرتها بجهاز الكلى الصناعى البالغ الضخامة ولو غضضنا الطرف عن ضخامته فلا وجود للمقارنة بين كفاءة كل منهما فى أداء وظيفته وهذا مسحوب بالطبع على كافة أعضاء الجسم ولا زال المخ البشري أعقد لغز طبي وعلمى وقف فى وجه الإدراك البشري بالرغم من تتابع عشرات الآلاف من البحوث والتجارب لرصد فعالياته وكما قال الأستاذ الدكتور خيري السمرة بروفيسور وخبير جراحة المخ والأعصاب العالمى والذى جاءته العالمية فى بلده مصر دون لحظة اغتراب واحدة .. قال فى هذا الشأن
" إن العلم توصل إلى كنه وتركيب كل جزء فى مخ الإنسان فيما عدا منطقتى الجسم الصنوبري والفص الأمامى للمخ وبالرغم من ذلك فما زلنا حتى تلك اللحظة نعرف عن وظائف المخ وآلية عمله وقواعدها ما لا يزيد عن 1 % فضلا عن غياب كامل العلم عن مصدر التفكير والأحلام والذاكرة والقدرات فوق الطبيعية وما إلى ذلك "
وما لم يدركه العالم الكبير خيري السمرة والذى توفي فى نهاية القرن الماضي أن العلماء ببحوثهم الأخيرة والتى تطورت بشكل فائق وبخطوات متسارعة قد أعلنت بشكل قاطع أن المخ البشري كلما ازداد العلم به تقدما زاد الجهل به تأخرا !!
وهذا هو تفسير القول السابق الاشارة اليه من أن آية الله الواحدة تظل معجزة حتى نهاية العمر بما يكتشف فيها العلماء كلما أوغلوا فى دراستها وكذلك لأنها تستحيل على المحاكاة مهما بلغ التقدم العلمى فى هذا الشأن
فمع كل كشف جديد فى مجال فسيولوجيا المخ البشري تقل نسبة الإدراك للغموض الجديد الذى تَـكَشف عن نسبة الواحد بالمئة التى ظن العلماء قديما أنهم بلغوها
فقد تأسس علم فسيولوجيا المخ ودراسته بالتعمق على يد طبيب روسي عبقري هو البروفيسور " بافلوف " وهو الذى تمكن من إرساء قواعد هذا العلم وأفرد له التخصص اللازم وتوصل إلى كافة ما صار معترفا به من جامعات العالم واستمرت معارفه تلك إلى نهاية القرن العشرين وثبتت صحتها فيما عدا المعلومات التى كانت تقول بالحقائق التالية
أن الخلية العصبية لا يمكن تعويضها وأنها أصغر وحدة بنائية فى المخ ـ الأعصاب المقطوعة غير قابلة للوصل ـ عمل المخ أشبه بسنترال آلى يتلقي الاشارات ويتبعها برد الفعل السريع مباشرة .. أى أن عمل المخ واتصالاته يقتصر على أخذ رد الفعل وفقط ـ
فقد جاء العالم الروسي " أنوكى " أكبر متخصص حاليا فى مجال فيسيولوجيا المخ وتلميذ البروفيسور بافلوف .. ليغير تلك الحقائق التى تراجع عنها الطب بعد أثبتت تجارب أنوكى أن تلك الحقائق والنظريات ما هى وسيلة تبسيط واختصار مخلة للغاية بقيمة المخ كجهاز معجز لا زالت ألغازه تتفتح لتزيده غموضا .. وتوصل أنوكى بالتجارب إلى الحقائق الذهلة التالية
عدد الخلايا العصبية بالمخ يتراوح ما بين ( 10ـ 15 ) مليار خلية عصبية بالغة الدقة تسمى " النيورون " وتبلغ من الصغر درجة يمكن معها تجميع 250 خلية عصبية على رأس دبوس وهذا أمر معروف مسبقاأما الجديد المذهل فهى أن الخلية العصبية قابلة للتجديد كما أنها لا تمثل أصغر وحدة فى المخ بل يحيط بكل خلية عصبية عدد من الخليات المعاونة أطلق عليها أنوكى اسم " خلايا الضمير " ـ ولاحظوا أن التسمية أتت من عالم ملحد ـ وظيفة هذه الخلايا مساعدة الخلية العصبية على استقبال الإشارات العصبية وتنسيق رد الفعل عليها حسب أهميتها وهو ما لم يكن معروفا من قبل حيث كان بافلوف يظن أن المخ هو مركز إصدار الإشارات برد الفعل فاتضح أن كل خلية تعم كمخ مستقل بمعاونة خلايا الضمير !