عرض مشاركة واحدة
قديم 12-05-2020, 11:58 PM
المشاركة 6
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي رد: ليلُ المدينة البارد، وأصابع طفلةٍ في الخامسة


ليلُ المدينةِ باردٌ في الخريف، باردٌ مثل قطعة ثلجٍ تذوب على مهل في كأس الكولا، وباردٌ مثل أصابع طفلةٍ صغيرةٍ لم تتجاوز الخامسة من عمرها، تنام على بلاط الرصيف بلا أملٍ في الدفء، تلفّ جسدها الهزيل ببطانية قديمة، وتتأملّ العابرين الذين يتجنبون النظر إليها قدر ما يستطيعون.

ليلُ المدينة موحشٌ أيضا، تتوسّد الطفلة فخذ أمّها المنهمكة في فتح عُلبة الطعام الجاهز التي منحها إياها عضو جمعيّة خيرية أعتقد أنَّ اسمها القلوب الرحيمةُ أو اسم مشابه، والعابرون لا يزالون يتجنبون النظر إليها.

ليلُ المدينةِ مُظلمٌ وهادئ، وتنام مرتجفةً تحتَ شلالٍ من الضوء المنهمر من عمود الكهرباء القديم، لولا وجهها المتّسخ لأضاءت ما حولها، لكنّ المارة بالكاد ينتبهون لوجودها، يمرّون سراعا كأنها كابوسٌ مخيف، وأمّها الثلاثينية تطعمها بيدين خشنتين، وتهمس في أذنها عبارة غير مسموعة، والمدينة تصغي لكلّ الأصوات إلا صوتهما.
ليل موحش ومظلم وبارد
وليل هادئ
ومع هذا تُسمع فيه كل الأصوات إلاّ همس الأم
كيف لهم أن يسمعوا وصخب الحياة يأكلهم ؟!
تباً لنا ولهم وتباً لكل من لا يسمع
قصة هادئة كهذا الليل ولكن النهاية جاءت صارخة
بورك القلم
أبدعت
تحية ... ناريمان