عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2011, 10:26 PM
المشاركة 1087
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
حنا مينه

لا نعرف تحديدا متى تيتم حنا مينه فعليا ولكننا نعرف متى تيتم افتراضيا. لقد مرض والده مرضا شديدا وحنا صغير فكان لا بد أن يقوم حنا منيه بعدة أعمال شاقة أحيانا لينفق على عائلته فكانت هذه الأعمال مصدر هام للمعلومات التي تراكمت في ذاكرته وسخرها لاحقا في كتابة رواياته العديدة التي امتازت بواقعيتها.

لقد كافح حنا منية في بداية حياته فأصبح كاتب الكفاح والفرح الإنساني، فالكفاح له فرحه، له سعادته، له لذّته القصوى كما يقول. ولكن الكتابة عنده اقصر طريق إلى التعاسة.

الذي لا يعرفه حنا منيه ربما هو أن الكتابة كانت خلاصة وهي التي حققت له التوازن وان مصدر تعاسته هو ذلك الألم الذي تفجر في عقله في طفولته المبكرة ففجر طاقات لا متناهية كانت مصدرا لكل مخرجات عقله الإبداعية وفي نفس الوقت مصدر لسعادته أحيانا حينما يجد أن ما قام به قد ساعد على إسعاد الناس وفي أحيان أخرى مصدر لتعاسته حينما يتوقف القلم أو يعجز عن التعبير عما يجول في ذهنه وقلبه.

يقال أن حنا منيه من أوسع الكتاب العرب انتشارا ولا شك أن ذلك يعني بأنه كان من أكثر الناس ألما وشقاء. ولا شك أن العمل في البحر ساهم في صبغ قدرات مينه ففي البحر يعيش الإنسان صراع هو أصعب من أي صراع على اليابسة....فهناك يتربص الموت بك وأنت تقف بشكل دائم على رؤوس أصابعك تتهيأ لمصارعة الموت. يقول عن البحر " الأدباء العرب، أكثرهم لم يكتبوا عن البحر لأنهم خافوا معاينة الموت في جبهة الموج الصاخب".

ويصف حياته في البحر بقوله" كان ذلك في الماضي الشقي والماجد من حياتي ، هذه المسيرة الطويلة كانت مشياً ، وبأقدام حافية، في حقول من مسامير، دمي سال في مواقع خطواتي، أنظر الآن إلى الماضي، نظرة تأمل حيادية، فأرتعش. كيف،كيف؟!أين، أين؟! هناك البحر وأنا على اليابسة؟!"

ويكاد حنا مينه لا يصدق انه نجح في معركته وصراعه مع البحر فظل على قيد الحياة.

لقد تألم حنا مينه كثيرا فأصبح عملاقا في فن الرواية في سوريا والوطن العربي، وأصبح مناضلا شرسا وقف في وجه الاستعمار الفرنسي وعمره 12عاما.

ويصف حنا منيه حياته فيقول" العيش الذي كنت فيه كالحديدة التي ألقيت في النار. وعلي مدي عمري كله ظلت حياتي في سعة تجاربها حديدة تصهرها الحياة في بوتقة بؤسها الشديد".

إن حنا مينه مثال آخر يشير إلى أن ما يصنع العظماء هو البؤس والشقاء والكفاح والألم وان اليتم هو ذلك النفق الذي يأخذك إلى هناك.