عرض مشاركة واحدة
قديم 01-04-2013, 07:47 PM
المشاركة 92
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
بعد رحلة عطاء... دوريس ليسينج تفوز بنوبل للآداب 2007
حازت الروائية دوريس ليسينج مؤخرا على جائزة نوبل في الأدب لعام 2007، وهي الروائية التي انتشرت كتاباتها في القارات جميعها، ووصفت الأكاديمية المؤلفة البريطانية بأنها "شاعرة ملحمية للتجربة النسائية أمعنت النظر في حضارة منقسمة، مستخدمةً الشك وقوة الرؤية والتوقد". وذكرت الأكاديمية في بيانها أن لجنة الجائزة اختارت مكافأة الكاتبة التي تتحدث عن قضايا المرأة واستطاعت بقوة رؤيتها إخضاع حضارة منقسمة علي نفسها إلي الفحص والتدقيق وتقدر قيمة الجائزة بعشرة ملايين كرونة سويسري أي ما يعادل نحو 1.53 مليون دولار.
محيط - سميرة سليمان
وكتبت ليسينج عشرات الكتب الأدبية والمسرحيات والسير الذاتية، إضافة إلى الكتب الأخرى، وقد سبقتها عشر نساء في الفوز بجائزة نوبل في الأدب، وحلت هي في المرتبة الحادية عشرة.

مفاجأة ولكن
علمت ليسينج بنبأ فوزها من خلال مجموعة من الصحافيين الذين وفدوا أمام بيتها، فيما هي عائدة من الخارج فاجأوها بأصوات صارخة: لقد فزت بجائزة نوبل للآداب. أجابتهم، على نحو غير متوقع: لم يخيل الي يوماً بأنني سأتمكن من الحصول على هذه الجائزة. فقد بلغت الثامنة والثمانين. أخشى ان يكون وقع الاختيار علي بعد ان بلغت من العمر عتيا. الأرجح انهم ارادوا بهذه الجائزة ان يمنحوني وداعاً أخيراً قبل أن أمضي مع الموت من دون عودة.
وقد صرحت بأنها متفاجئة جدا بفوزها. وأضافت: في الحقيقة لقد نسيت أمر الجائزة، فاسمي احتل قائمة المتنافسين لوقت طويل.

ولكنها أضافت بعد قليل - وفق ما ذكر موفق ملكاوي الذي ترجم عن صحيفة "الهيرالد تريبيون" البريطانية - أنها ربما لا تكون متفاجئة تماما، كون هذا الأمر استمر حوالي أربعين عاما ، في إشارة إلى العديد من السنوات التي أمضتها كفائزة محتملة. وأضافت: أنت لا تستطيع أن تنفعل كل عام حول هذا الأمر، فهناك حدود نهائية للانفعال .
وصرحت ليسينج عقب إبلاغها بهذا الفوز المدّوى "أنا سعيدة جدا لكوني لا زلت على اتصال مع الناس، حيث أن هذا الإتصال الحميم في هذه السن المتأخرة يبدو وكأنه نوع من السحر المبهر".
وبعد لحظات قصيرة، أعتذرت وانسحبت إلى الداخل، وهي تقول: الآن سأدخل لأجيب على الهاتف.. أقسم أنني صاعدة لإيجاد بعض الجمل المناسبة التي سأستعملها من الآن فصاعدا .

تكره العنصرية
اشتهرت الكاتبة البريطانية دوريس ليسنج أو "دوريس ماى تايلر" خلال مسيرتها الفكرية والأدبية بنضالها ضد المظالم والاستعمار والتمييز العنصري كما عُرفت بأفكارها المؤيدة لحقوق المرأة وهي مواضيع تناولتها بأسلوب يمزج بين الواقعية الاجتماعية و الإبداع الخيالي. ومع صدور روايتها "المفكرة الذهبية" 1962 تحولت ليسينج إلى أيقونة الحركات النسائية رغم أنها لم تنتمي يوما من الأيام إلى تلك الحركات.
قالت الأكاديمية السويدية عن روايتها "دفتر الملاحظات الذهبي": إن حركة المساواة سريعة النمو رأته عملا رائدا ومبتكرا، وهو ينتمي إلى نوعية الكتب التي وجهت نظر القرن العشرين حول العلاقة بين الذكر والأنثى .
كتبت ليسينج بشكل صريح حول الحياة الداخلية والروحية للنساء، ورفضت فكرة بإنه يتوجب عليهن أن يتركن حياتهن الخاصة للتفرغ للزواج والأطفال.
سئلت، مرة، عن جنوح الرجل الى اثارة الحروب واراقة الدماء باعتباره كائناً سلطوياً بالدرجة الأولى. أجابت بأن للمرأة أيضاً حباً غريزياً دفيناً للسلطة اسوة بالرجل. كم تسببت المرأة، عبر التاريخ، بالمذابح والفتن والدعوة الى اراقة الدماء.
نشرت دفتر الملاحظات الذهبي عام 1962، وهي تتبع قصة آنا وولف، المرأة التي أرادت أن تعيش حياتها بحرية، والتي كانت بشكل من الأشكال الذات الأخرى لليسينج.
وهوجمت ليسينج بسبب الرواية واتهمت بأنها غير أنثوية، وكرد فعل على ذلك، كتبت تقول: على ما يبدو فإن ما تعتقد به العديد من النساء، وتشعر به وتواجهه، جاء كمفاجأة عظيمة .
تقول ليسينج في مقابلة صحافية لجريدة "النيويورك تايمز" في 25 يوليو 1982: ان ما يطلبه النساء مني، في العادة، هو ان اوافقهن على امور لم يختبرنها في حياتهن اليومية، لانها نابعة من الدين في الأساس. يردن ان اشهد على أفكارهن هذه، ويفرضون علي ان اقف الى جانبهن دفاعاً عن فجر ذهبي مرتقب يخلو من الرجال المتوحشين. هل يرغبن في صوغ تعريف عن الرجل والمرأة بهذه البساطة الساذجة. في الواقع انني آسف لهذا الاستنتاج الذي توصلت اليه.
وصرحت ليسينج أنها تحب تلاوة القصص وأن روايتها الأخيرة بعنوان "الشقوق" تواجه موضوعا ألهم الكثير من كتاباتها الأولى وهي كيف يتمكن الرجال والنساء "وهم مخلوقات متساوية غير أنها متباعدة من العيش جنبا إلى جنب".
طفولة معذبة
ولدت ليسينج في مايو 1919 بإيران، كان أبوها كاتبا في أحد المصارف، أما أمّها فقد كانت ممرضة. ومع إغراءات الإثراء السريع، انتقلت العائلة إلى روديسيا، حيث عاشت ليسينج ما وصفته بأنه طفولة مؤلمة. هربت من البيت عندما كان عمرها خمسة عشر عاما، ولم تنه تعليمها بعد ذلك، وإنما لجأت إلى القراءة لتثقيف نفسها.
تتحدث ليسينج بصراحة مطلقة عن طفولتها في مسيرتها الذاتية الصادرة في جزءين "تحت جلدي" ­ 1994 ­ و"المشي في الظلال" ­ 1997 ­ وتتذكر أمها التي تراها الآن "شخصية مأساوية عاشت سنوات الخيبة بشجاعة وتحملتها بكبرياء".
كانت الأم تعترف لطفلتها بأنها عانت من الجوع في الشهور العشرة الأولي من حياتها لدرجة الموت، تتذكرها ليسينج وهي تؤكد لها كم كانت تتمني أن تنجب ابنا "أعرف منذ البداية أنها كانت تحب أخي أكثر مني، كانت تفضله عليٌ، وباختصار كانت طفولتي جرحا مفتوحا يسير علي قدمين".
في الجزء الأول من سيرتها الذاتية، تعترف بأنها كانت مع تفتح وعيها تبحث عن حقائق ووقائع جديدة.. "من هنا كانت خطوتي نحو فكرة: ماذا لو جعلنا الحرب مستحيلة؟ لا شك أن الدنيا سوف تمتلئ بالأصحاء والعقلاء وبالبشر الرائعين.. كنت أعيش في الخيال، نسجت بعقلي يوتوبيا خاصة صنع الأدب جزءا منها، أما الجزء الآخر فكان علي عكس كل ما أراه من حولي".

في عام 1937 انتقلت إلى سالزبورج في إنجلترا، حيث تزوجت وأنجبت طفلين، وبعد سنوات قليلة شعرت بأنها ممحاصرة فتركت عائلتها. ثم تزوجت جوتفريد ليسينج العضو المركزي في المنظمة الشيوعية نادي كتاب اليسار .
ترجمت بعض أعمال ليسنج للغة العربية كما ترجمت لها بعض النصوص القصيرة منها نذكر: الحشائش تغني، المفكرة الذهبية، شتاء في يوليو، الفهد، والتيه.

جائزة مستحقة
تعلق أستاذة أدب القرن العشرين في جامعة ساوثامبتون كلير هانسن على فوز ليسينغ بالقول: هذا شيء رائع، فخلال خمسين سنة، ظلت تكتب عن العالم والطرق التي تتم فيها النزاعات بين المجتمعات والأمم والمؤسسات، تلك النزاعات التي تهدد مستقبل المجتمع والكوكب .
وتضيف: لقد ظلت توجه خطابها ناحية تلك القضايا بطريقة جدية وناقدة لعقود طويلة، فهي سبقت زمنها ببصيرتها الثاقبة وتفكيرها العميق . وترى هانسن بأن ليسينج، في العالم الأكاديمي، تبدو مقدرة ومعتبرة في الولايات المتحدة أكثر مما هي عليه في بريطانيا. وتضيف أن بعض الأكاديميين البريطانيين لم يغفروا لليسينج تركها الحزب الشيوعي في عام 1954، وأخيرا إنكارها للنظرية الأدبية الماركسية أثناء الأزمة الهنغارية في عام 1956.
كما أن ليسينج واجهت المشاكل مع الأكاديميين من دعاة المساواة، وتؤكد هانسن بأن أحد الأشياء التي تصعب الأمر عليها كان كتابتها لرواية "دفتر الملاحظات الذهبي"، الذي ارتبط بالحركة النسائية، لتأتي بعد ذلك وترفض مبدأ المساواة بين الجنسين، ثم لتؤكد بأنها ليست من مؤيدي هذه المساواة، ولم تكن كذلك في يوم من الأيام .
وتضيف هانسن أن الذي لم يحببها إلى المؤسسة الأدبية هي أن الاهتمامات ضيقة الأفق في العالم الأدبي تصيب الأشخاص في هذه البلاد بالعمى لكي لا يروا عظمتها ككاتبة .
ويقول طلعت الشايب الناقد والمترجم: تعتبر ليسنج جزءا مهما من التراث الأدبي للقرن العشرين، حيث تؤرخ أعمالها الروائية والقصصية للعصر بما فيها من تنوع يصعب معه تصنيف صاحبتها نقديا ­ كان الهم الرئيسي لديها في كل ما تكتبه ­ بما في ذلك سيرتها الذاتية ­ البحث عن شيء جديد في مواجهة تكرار التاريخ واجتراره علي نحو كابوسي.
نزعة صوفية
تمثل مرحلة السبعينيات والثمانينيات تطورا جديدا بالنسبة لليسنج حيث تحولت كتابتها الروائية إلى مرحلة من التصوف والتأمل عبرت عنها خلال رواياتها "بيان موجز لمنحدر إلى سقر" 1971، و"مذكرات ناج من الموت" 1974، و"سهيل فى آرجوس" 1979.
وقد توقفت ليسنج عن الكتابة بضع سنوات تتلمذت خلالها على ايدي بعض رجال التصوف المسلمين وقد تأثرت بهذه الأجواء في رباعيتها التي نشرتها بين عامي 1976 و1983 والتي اطلقت عليها رباعية الفضاء الميتافيزيقية.
وتأثرت دوريس ليسنج بالكاتب الأفغاني إدريس شاه الذي تعكس كتاباته الروحانية الصوفية وتؤكد على تطور الوعي والإعتقاد بأن الفرد لا يكاد يكون إلا إذا فهم الناس الإرتباط الخاص بينه وبين المجتمع الذي يعيش فيه.
من الأعمال الأخرى التي كتبتها ليسينج في الثمانينيات رواية "الإرهابي الطيب" 1985، و"الطفل الخامس" 1988، بالإضافة إلى روايتين تحت اسم مستعار هو "جين سومرز" وهما: "مذكرات جار طيب"، و"إن كان الكبار يستطيعون".
من الجوائز التي حصلت عليها نذكر: جائزة سومرست موغهام (1954)، جائزة الروائيين الاجانب (1976)، جائرة الادب الأوروبي (1981)، جائزة شكسبير (1982)، جائزة باليرمو (1987)،
جائزة الرواية الدولية (1987)، جائزة جايمس بلاك (1995)، جائزة لوس انجيليس تايمز (1995)، جائزة القلم الذهبي (2002)، وغيرها من الجوائز.
من مؤلفاتها: العشب يغني (1950)، سلسلة "أبناء العنف" (1952 ـ 1969)،خمس قصص قصيرة (1953)، كان هذا ريف الزعيم المسن (1951)، المفكرة الذهبية (1962)، عادة الحب (1957)، اللعب مع نمر (1962)، رجل وامرأتان (1963)، الصيف قبل الظلام (1973)، صوت ذاتي صغير (1974)، الطفل الخامس (1988)، الضحكة الأفريقية (1992)، تحت جلدي (1994)،
السير في الظلال (1997)، لندن تحت الملاحظة (1993)، سيرتي الذاتية (1994)، الجواسيس الذين عرفتهم (1995)، وغيرها من المؤلفات.