عرض مشاركة واحدة
قديم 06-18-2014, 11:40 PM
المشاركة 12
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
قصة نيوتن...الطريق للنجاح
تخطى كل الصعاب و رسم الطريق

إسحاق نيوتن ..... ولد في مزرعة صغيرة بوولزثورب في مقاطعة لنكولن في 25 ديسمبر 1642 (حسب التقويم القديم أي اليولياني) وهو العام الذي مات فيه جاليليو وكانت الزعامة الثقافية كالزعامة الاقتصادية في سبيلها من الجنوب إلى الشمال. وكان عند ميلاده صغير الحجم جداً بحيث كان في الإمكان وضعه في كوز سعته ربع جالون (كما أخبرته أمه فيما بعد) وضعيفاً جداً بحيث لم يخطر ببال أحد أنه سيعيش أكثر من أيام معدودات. وكفلته أمه وخاله لأن أباه كان قد مات قبل ولادته بشهور.

وحين بلغ الثانية عشرة أرسل إلى المدرسة الخاصة في جرانثام فلم يحالفه التوفيق فيها. وجاء في التقارير عنه أنه " خامل " و " غير ملتفت " وأنه يهمل الدراسات المقررة ويقبل على الموضوعات التي تستهويه وينفق الوقت الكثير على المخترعات الميكانيكية كالمزاول والسواقي والساعات البيتية الصنع. وبعد أن قضى عامين في جرانثام أخذ من المدرسة ليساعد أمه في المزرعة. ولكنه عاد إلى إهمال واجباته ليقرأ الكتب ويحل المسائل الرياضية. وتبين خال آخر كفايته فأعاده إلى المدرسة وعمل الترتيبات لقبول نيوتن بكلية ترنتي في كمبردج (1661) طالباً يكسب مصروفاته بمختلف الخدمات وحصل على درجته الجامعية بعد أربع سنوات وبعدها بقليل انتخب زميلاً بالكلية. وخص باهتمامه الرياضة والبصريات والفلك والتنجيم وقد احتفظ بميله لدراسة التنجيم إلى فترة متأخرة من حياته.

وفي 1669 استقال أستاذه في الرياضة إسحاق بارو وعين نيوتن خلفاً له بناءً على توصية منه وصف فيها نيوتن بأنه " عبقري لا نظير له " وقد احتفظ بكرسيه في ترنتي أربعة وثلاثين عاماً. ولم يكن بالمعلم الناجح. كتب سكرتيره عن ذكريات ذلك العهد يقول " كان الذين يذهبون للاستماع إليه قليلين والذين يفهمونه أقل حتى أنه في أحياناً كثيرة وكأنه يقرأ للحيطان بسبب قلة السامعين ". وفي بعض المناسبات لم يكن يجد مستمعين إطلاقاً فيعود إلى حجرته كاسف البال.

وبنى فيه مختبراً - كان الوحيد في كمبردج آنئذ. وقام بالكثير من التجارب لا سيما في الخيمياء " وهدفه الأكبر تحويل المعادن " ولكنه اهتم أيضاً بـ " اكسير الحياة " و " حجر الفلاسفة " وواصل دراساته الخيميائية من 1661 إلى 1692 وحتى وهو يكتب كتابه " المبادئ " ترك مخطوطات عن الخيمياء دون نشر بلغ مجموع كلماتها نيفاً و 100.000 " لا قيمة لها إطلاقاً " وكان بويل وغيره من أعضاء الجمعية الملكية مشغولين شغلاً محموماً بهذا البحث نفسه عن صنع الذهب. ولم يكن هدف نيوتن تجارياً بشكل واضح فهو لم يبد قط أي حرص على المكاسب المادية ولعله كان يبحث عن قانون أو عملية يمكن أن تفسر بها العناصر على أنها أشكال مغايرة قابلة للتحويل لمادة أساسية واحدة. ولا سبيل لنا إلى التأكد من أنه كان مخطئاً.

وكان له حديقة صغيرة خارج مسكنه بكمبردج يتمشى فيها فترات قصيرة سرعان ما تقطعها فكرة يهرع إلى مكتبه ليسجلها. كان قليل الجلوس يؤثر أن يذرع حجرته كثيراً (في رواية سكرتيره) " حتى لتخاله... واحداً من جماعة أرسطو " المشائين. وكان مقلاً في الطعام وكثيراً ما فوت وجبة ونسى أنه فوتها. وكان ضنيناً بالوقت الذي لا بد من إنفاقها في الأكل والنوم. " ونادراً ما ذهب لتناول الطعام في القاعة فإذا فعل فإنه - ما لم ينبه - يذهب في هيئة زرية حذاؤه بالي الكعبين وجواربه بلا رباط... ورأسه غير ممشط إلا فيما ندر ". وقد رويت واخترعت القصص الكثيرة عن شرود ذهنه. ويؤكدون أنه قد يجلس الساعات بعد استيقاظه من النوم على فراشه دون أن يرتدي ثيابه وقد استغرقه الفكر. وكان أحياناً إذا جاءه زائرون يختفي في حجرة أخرى ويخط أفكاراً على عجل وينسى أصحابه تماماً.

لقد كان راهباً من رهبان العلم في هذه السنين الخمس والثلاثين بكمبردج. وقد وضع " قواعد للتفلسف " - أعني الطريقة والبحث العلميين. ورفض القواعد التي وضعها ديكارت في " مقاله " كمبادئ قابلية تستنتج منها كل الحقائق الكبرى بالاستدلال. وحين قال نيوتن " أنا لا أخترع فروضاً " كان يعني أنه لا يقدم نظريات حول أي شيء يتجاوز ملاحظة الظواهر فهو إذن لا يغامر بأي تخمين عن طبيعة الجاذبية بل يكتفي بوصف مسلكها وصياغة قوانينها. ولم يزعم أنه يتجنب الفروض باعتبارها مفاتيح للتجارب فإن مختبره على العكس خصص لاختبار مئات الأفكار والإمكانات وسجله يزخر بالفروض التي جربت ثم رفضت. كذلك لم يرفض الاستدلال إنما أصر على أنه يجب أن ينطلق من الوقائع ويفضي إلى المبادئ. وكانت طريقته أن يتصور الحلول الممكنة للمشكلة ويستنبط متضمناتها الرياضية ويختبر هذه بالحساب والتجربة.

وكتب يقول " يبدو أن مهمة الفلسفة (الطبيعية) كلها تكمن في هذا - البحث من ظواهر الحركات في قوى الطبيعة ثم إيضاح الظواهر الأخرى من هذه القوى ". لقد كان مزيجاً من الرياضة والخيال ولن يستطيع فهمه إلا من يملكهما جميعاً.
ولكن لنمض في طريقنا رغم هذا. إن لشهرته بؤرتين - حساب التفاضل والجاذبية. بدأ عمله في حساب التفاضل عام 1665 بإيجاد مماس ونصف قطر الانحناء عند أي نقطة على منحني.

ولم يسم طريقته حساب التفاضل بل الفروق المستمرة وفسر هذا المصطلح تفسيراً لا يمكننا أن " إن الخطوط ترسم وبهذا الرسم تولد لا بضم الأجزاء بعضها إلى بعض بل بالتحرك المستمر بالنقط والسطوح بتحرك الخطوط والمجسمات بتحرك السطوح والزوايا بدوران الجوانب وأجزاء الزمن بالفيض المستمر وهكذا في غير ذلك من الكميات. وعلى ذلك فبما أن الكميات التي تزداد في أزمان متساوية وبالزيادة تولد أصبحت أكبر أو أقل حسب السرعة الأكبر أو الأقل التي تزداد أو تولد بها فإنني بحثت عن طريقة لتحديد الكميات من سرعات الحركات أو الزيادات التي تولد بها وإذا أطلقت على سرعات الحركات أو الزيادات لفظ " الفروق والكميات المولودة " المتغيرات " فقد اهتديت شيئاً فشيئاً إلى طريقة الفروق في عامي 1665 و 1666 " وقد وصف نيوتن طريقته في خطاب كتبه لبارو عام 1669 وأشار إليها في خطاب لجون كولنز في 1672. ولعله استخدم هذه الطريقة في التوصل إلى بعض النتائج المتضمنة في كتابه " المبادئ " (1687) ولكن عرضه لها فيه جري على الصيغ الهندسية المقبولة ربما مراعاة لم يناسب قراءه. وقد أسهم ببيان لطريقته في الفروق - ولكن دون أن يخفي اسمه - في كتاب واليس " الجبر " عام 1693.


ولم ينشر الوصف الذي اقتبسناه فيما سبق إلا عام 1704 في ملحق لكتابه " البصريات ". وكان في طبع نيوتن أن يؤخر نشر نظرياته وربما أراد أولاً أن يحل الصعوبات التي أوحت بها. وعليه فقد انتظر حتى سنة 1676 لينشر نظرية " ذات الحدين " التي خلص إليها. ولو أنه صاغها على هذه التأجيلات زجت برياضي أوربا في جدل معيب مزق دولية العلم جيلاً بأسره. ذلك أنه في الفترة بين إبلاغ نيوتن نظريته في " الفروق " لأصحابه في 1669 ونشر الطريقة الجديدة في 1704 وضع ليبنتز نظاماً منافساً لها في ماينز وباريس. ففي 1671 أرسل إلى أكاديمية العلوم بحثاً يحوي جرثومة حساب التفاضل وقابل ليبنتز أولدبورج في زيارة للندن من يناير إلى مارس 673 وكان قد تبادل الرسائل معه ومع بويل. وقد ظن أصحاب نيوتن فيما بعد أن لبنتز في رحلته هذه تلقى إلماعاً لفروق نيوتن - ولكن المؤرخين يتشككون في هذا الآن. وفي يونيو 1676 بناء على طلب أولدنبرج وكولنز كتب نيوتن خطاباً ليبلغ إلى لبنتز شارحاً فيه طريقته في التحليل.

وفي أغسطس رد لبنتز على أولدنبرج وضمن الرد بعض الأمثلة من شغله في حساب التفاضل وفي يونيو 1677 في خطاب آخر لأولدنبرج وصف نوع حساب التفاضيل الذي توصل إليه وطريقته في التنويت أي التدوين بمجموعة من الرموز) وهما يختلفان عن حساب نيوتن وطريقته. ثم عاد في مجلة عدد أكتوبر 1684 يشرح حساب التفاضل وفي 1686 نشر طريقته في حساب التكامل. وفي الطبعة الأولى من " المبادئ " (1687) قبل نيوتن بشكل واضح اكتشاف ليبنتز لحساب التفاضل مستقلاً. قال: " في رسائل تبادلتها مع عالم الهندسة الألمعي ج. و. ليبنتز قبل عشر سنوات حين أشرت إلى أنني أعرف طريقة لإيجاد الحدود القصوى والدنيا ورسم المماسات وما إلى ذلك... رد السيد المبجل بأنه اهتدى هو أيضاً إلى طريقة من نفس النوع وأنهى إلى طريقته التي لم تكد تختلف عن طريقتي... إلا في أشكال ألفاظه ورموزه ".


وكان خليقاً بهذا الاعتراف المهذب أن يمنع الجدل. ولكن في 1699 أشار رياضي سويسري في رسالة للجمعية الملكية إلى أن لبنتز استعار حساب تفاضله من نيوتن. وفي 1705 ذكر ليبنتز تضميناً في نقد غفل من التوقيع لكتاب نيوتن " البصريات " أن فروق نيوتن تحوير لحساب التفاضل اللبنتزي. وفي 1712 عينت الجمعية الملكية لجنة فحص الوثائق المتصلة بالموضوع. وقبل أن ينصرم العام نشرت الجمعية تقريراً أكد أسبقية نيوتن دون أن تخوض في موضع أصالة لبنتز.
وفي رسالة كتبها لبنتز بتاريخ 9 أبريل 1716 إلى قسيس إيطالي بلندن اعترض بقوله أن تعليق نيوتن قد حسم الأمر. ومات لبنتز في 14 نوفمبر 1716. وبعد موته بقليل نفى نيوتن أن التعليق " أقر له - أي للبنتز باختراع حساب التفاضل مستقلاً عن اختراعي " وفي الطبعة الثالثة من " المبادئ " (1726) حذف التعليق. ولم يكن النزاع مما يليق بالفلاسفة لأن كلا المدعيين كان يصح أن ينحني احتراماً لفيرما لأنه كان رائداً لهما في هذا المضمار.

- الفيزيائي على أن الرياضة على ما فيها من عجب لم تكن سوى أداة لحساب الكميات فهي لم تزعم أنها تفقه الحقيقة أو تصفها. فلما تحول نيوتن من الأداة إلى البحث الجوهري عكف أولاً على استكناه سر الضوء. وتناولت محاضراته الأولى في كمبردج الضوء واللون والرؤية وعلى عاداته لم ينشر كتابه " البصريات " إلا بعد خمس وثلاثين سنة في 1704 فقد كان بريئاً من شهوة النشر.
وفي عام 1666 اشترى منشوراً من سوق ستوربردج وبدأ التجارب وبدأ التجارب في البصريات. وفي عام 1668 فصاعداً صنع سلسلة من التلسكوبات. فصنع بيديه على أساس النظريات التي شرحها مرسين (1639) وجيمس جريجوري (1662) تلسكوباً عاكساً ليتفادى بعض العيوب الملازمة للتلسكوب الكاسر وقدمه للجمعية الملكية بناء على طلبها عام 1671.

وفي 11 يناير 1672 انتخب لعضوية الجمعية.
وكان قد توصل (1666) إلى أحد كشوفه الأساسية حتى قبل أن يصنع التلسكوبات - وهو أن الضوء الأبيض أو ضوء الشمس ليس بسيطاً أو متجانساً بل هو مركب من الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والنيلي والبنفسجي. فلما مرر شعاعاً صغيراً من ضوء الشمس خلال منشور شفاف وجد أن الضوء الذي يبدو أحادي اللون انقسم إلى كل ألوان الطيف هذه وأن كل لون مكون خرج من المنشور عند زاويته أو درجته أو انكساره الخاص وأن الألوان نظمت نفسها في صف الحزم مؤلفه طيفاً مستمراً في أحد طرفيه اللون الأحمر وفي الآخر البنفسجي. وقد أثبت الباحثون اللاحقون أن المواد المختلفة إذا جعلت مضيئة بحرقها تعطي أطيافاً مختلفة.

وبمقارنة هذه الأطياف بالطيف الذي يحدثه نجم معين أصبح في الإمكان تحليل مكونات النجم الكيميائية إلى حد ما. ثم دلت الملاحظات الأدق لطيف النجم على السرعة التقريبية لتحركه نحو الأرض أو بعيداً عنها ومن هذه الحسابات استنبط نظرياً بعد النجم. وهكذا تمخض كشف نيوتن لتكوين الضوء وانكساره في الطيف عن نتائج كونية تقريباً في ميدان الفلك.

ولم تتكشف هذه النتائج لنيوتن في ذلك الحين ولكنه أحس (كما كتب لأولدنبرج) أنه توصل " إلى أغرب كشف إلى الآن أن لم يكن أهم كشف في عمليات الطبيعة " فأرسل إلى الجمعية الملكية في بواكير عام 1672 بحثاً عنوانه " نظرية جديدة في الضوء واللون ". وقرئ البحث على الأعضاء في 8 فبراير فأثار جدلاً عبر المانش إلى القارة. وكان هوك قد وصف في كتابه " ميكروجرافيا " (1664) تجربة شبيهة بتجربة نيوتن بالمنشور ولم يكن قد استنتج منها نظرية ناجحة في اللون ولكنه أحس بأن في أفعال نيوتن لفضله السابق غضاً من قدره فانضم غلى بعض أعضاء الجمعية في نقد النتائج التي خلص إليها نيوتن واستمر النزاع ثلاثة أعوام. كتب نيوتن المرهف الحس يقول " إنني مضطهد بالجدل الذي أثارته نظريتي في الضوء اضطهاداً جعلني ألوم حماقتي لأنني ضحيت بنعمة عظمي نعمة هدوء البال جرياً وراء سراب " وحدثته نفسه حيناً بأن " أطلق الفلسفة طلاقاً بائناً لا رجعة فيه إلا ما أفعله إرضاء لذاتي ".
وثارت نقطة أخرى من نقط الجدل مع هوك حول ناقل الضوء.

وكان هوك قد اعتنق نظرية هويجنز التي زعم فيها أن الضوء ينتقل على موجات " أثير ". ورد نيوتن بأن هذه النظرية لا تفر مسار الضوء في خطوط مستقيمة. واقترح بدلاً منها " نظرية