عرض مشاركة واحدة
قديم 02-23-2012, 09:32 AM
المشاركة 281
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي

* القاهرة مكتب الجزيرة إنصاف زكي
أبو المعاطي أبو النجا من أبرز الأدباء العرب الذين يكتبون القصة النفسية ويعبرون بدقة عن المشاعر الداخلية للإنسان وتحمل اعماله الابداعية سواء القصصية او الروائية تجارب حافلة بكل ما هو انساني فهو يرصد الواقع بمفرداته الحسية ويتوغل في التفصيلات الدقيقة للشخصية الانسانية ولم يقع أسير الواقع الحرفي ولم يهرب إلى عالم الفانتازيا بتهاويله الخرافية لذا نجح في نسج خيوط تجربته الابداعية فوصفه النقاد بانه ابرع اديب عربي كتب القصة النفسية.


صدرت للأديب ابو المعاطي ابو النجا ثماني مجموعات قصصية منها (فتاة المدينة، ابتسامة غامضة، الناس والحب، مهمة غير عادية، الجميع يربحون الجائرة), وأصدر روايتين هما (العودة الى المنفى، ضد مجهول), واصدر كتاباً نقدياً واحداً بعنوان (طرق متعددة لمدينة واحدة).

التقته الجزيرة في هذا الحوار الذي تحدث فيه عن مسيرته الابداعية واعماله وتجربته في كتابة القصة النفسية والعديد من القضايا الادبية الاخرى.

* الاتجاه الى الطريق الادبي لا بد ان تقف وراءه دوافع كثيرة ما هي دوافع البداية عند الاديب ابو المعاطي ابو النجا؟
تفتح وجداني الأدبي على قراءات الف ليلة وليلة وسيرة ابو زيد الهلالي وغيرها من السير الشعبية حينما كنت اقرأها في الصبا الباكر لبعض اهالي قريتي، حيث كانوا يطلبون مني قراءتها لهم مما كان يملؤني شعوراً بالاعتزاز بنفسي كما فتح لي المنفلوطي وجبران خليل جبران وايليا ابو ماضي وأمين الريحاني وغيرهم الباب واسعاً لعالم الابداع فقد بدأت ادرك ان وراء حدود قريتي الصغيرة والضيقة عوالم واسعة، وهكذا بدأت الرحلة فبدأت اغامر بكتابة بعض الخواطر التي واظبت على كتابتها فترة طويلة أتعلم من قراءاتي وخبراتي المستمدة من تجاربي حتى بدأت النشر في دار الآداب البيروتية وكانت اول مجموعة قصصية نشرت لي فيها بعنوان (فتاة في المدينة) وكتب الناقد الراحل انور المعداوي مقدمة نقدية لها ولقيت هذه المجموعة ترحيباً كبيراً من نقاد هذه المرحلة وكان لذلك أكبر الآثر في دفعي للمضي في تيار الكتابة القصصية ثم تتابعت مجموعاتي القصصية وكانت تتنشر بنوع من التوازن بين دار الآداب في بيروت والهيئة العامة للكتاب ودار الهلال بالقاهرة.

القصة النفسية
* يطلق عليك العديد من النقاد بأنك ابرز اديب كتب القصة النفسية، كيف ترى ذلك! وهل هناك مؤثرات خاصة ساهمت في اتجاهك لهذه الكتابة؟
فيما يتعلق بكتابة القصة النفسية اعتقد ان الجانب النفسي الداخلي للانسان بشكل عام وللشخصية الروائية بخاصة هو الجانب الذي تسعى كل الاعمال القصصية او الروائية لرصد حركته وتسجيل نبضاته بقوة وامانة وكل ما في الامر ان الكتاب في سبيلهم للوصول الى هذه الغاية سيسلكون سبيلين فبعضهم يهتم برصد السلوك الخارجي للشخصية السلوك الظاهر للعيان قولاً او فعلاً وهو هنا يرصد هذا السلوك في علاقته بسلوك الشخصيات الاخرى وفي الواقع الخارجي المرئي ويرى ان هذا الرصد هو الطريقة المثلى والاكثر صدقاً في رصد الجانب النفسي الداخلي، كما ان الاكتفاء بمثل هذا الرصد الخارجي يترك هامشاً واسعاً من الحرية للقارئ في استكشاف الجانب النفسي الداخلي وهو ما يناسب القارئ ويمنح فرصة لتعدد التأويلات والتفسيرات، اما البعض الآخر من الكتاب واظنني منهم فهم لا يركزون على رصد السلوك الخارجي كما هو في الداخل وفق ما تقتضيه طبيعة الموقف في القصة او في الرواية المهم ان يتم هذا الرصد لسلوك الشخصية سواء في الداخل او الخارج بقدر كبير من الحياد والشفافية.

اما فيما يتعلق بالمؤثرات فهناك اشياء كثيرة من الصعب حصرها لكن يمكن النظر اليها كتيارات عامة فهناك مثلاً تيار المهن التي عملت بها في حياتي الوظيفية فقد عملت لمدة اعوام قليلة بالتدريس كما عملت محرراً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة بعد تخرجي في كلية دار العلوم جامعة القاهرة, كما عملت مديراً للعلاقات العامة والاعلام في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي بالكويت لمدة عشر اعوام اقتربت خلالها بشدة من مشكلات التربية والتعليم كما عملت بعد ذلك بمجلة العربي الكويتية، وعبر هذه الرحلة الممتدة تفاعلت مع افراد ومجموعات من كبار الكتاب والمثقفين في الوطن العربي، وهناك ايضاً تيار الاحداث الكبرى التي عاشها جيلي بما تمثله من انتصارات وهزائم ومتغيرات في مناحي الفكر والعمل، وبشكل عام لا يمكن الفصل بين تأثر الكتاب وتأثير الخبرات والتجارب العملية والابداع التي تتطور او تتغير مع تطور نظريات المعرفة والعلم والثقافة وبالطبع كنت اتابع مثل هذا التطور عبر رحلة الحياة ويمكن القول ان التأثر الباكر في مرحلة الشباب كان واقعاً تحت تأثير تيارين متناقضين ومع ما بين هذين التيارين من اختلافات حادة ففي داخلي عقدت بينهما نوعاً من الصلح لاحظه من كتب عن القصص التي كتبتها في تلك المرحلة فقد كانت ازمة العلاقة بين الفرد والجماعة هي النغمة الاساسية التي تتردد بقوة في قصص هذه المرحلة كما اكد معظم من كتبوا عن اعمالي القصصية في هذه المرحلة من النقاد.

تجربة الغربة
* وماذا عن تجربة الغربة حيث قضيت 15 عاماً بعيداً عن الوطن هل كان لها تأثيرها على ابداعك؟

تجربة الغربة والعمل في الخارج كان لها تأثيرات مختلفة على اعمالي الابداعية بعضها ايجابي والآخر سلبي ومن التأثيرات الايجابية اقترابي من مجموعات المثقفين العرب الذين عملوا هناك في الفترة التي كنت بها بالخارج وتعرفت على رؤاهم المختلفة لقضايانا الثقافية والحياتية وقد تناولت في بعض مجموعاتي القصصية مشكلات العمل وهذه الرؤى المختلفة، اما الجوانب السلبية فقد كان اهمها التوقف الذي حدث لمشروعي الروائي الذي كان يحتاج الى نوع من التفرغ المستمر ويحتاج قدراً من المتابعة المستمرة للمتغيرات اليومية، وبشكل عام فإن تجربة الغربة ساهمت كثيراً في اثراء رؤيتي للعديد من القضايا القومية والوطنية والثقافية واكتشاف ينابيع جديدة في مشوار الابداع.


* بين مجموعاتك القصصية ورواياتك ايهما احب اليك؟
اجد نفسي في الرواية اكثر ولكنها تحتاج الى وقت طويل ومتابعة مستمرة للمتغيرات اليومية ولكن كانت القصة القصيرة هي الشكل الاكثر مناسبة لظروف حياتي ولشخصيتي التي تميل للانطوائية والتأمل وحين واتتني فرصة التفرغ كتبت روايتين هما العودة الى المنفى، وضد مجهول وكان لدي مشروع روائي لرصد جوانب من حياة ذلك الجيل الذي خرج من الحياة في الريف الى الحياة والعمل في المدينة ولكن هذا المشروع متوقف، وخلال حياتي في الخارج كانت القصة القصيرة هي الشكل الاكثر ملاءمة لي للكتابة الادبية فهو عمل يتوقف انجازه على جهدي وحده كما يمكن انجازه في اوقات الفراغ المتقطعة التي تسمح بها ظروف العمل.

بين النقد والإبداع
* وماذا عن موقف النقد من ابداعاتك؟
في بداية ظهروي ونشأتي كان موقف النقد جيدا ومتعاطفا ومتفهماً ومبشراً واعتقد ان هذا هو دور النقد في اكتشاف اي كاتب جديد وهو ان يلفت اليه الانظار، ومن المفترض ان يتابع الناقد الموهبة وهل حققت الوعود الملقاة عليها وهل تتطور بالقدر الكافي، وما الاساليب التي ابتكرها في الكتابة، اما ما يحدث على ارض الواقع فغير ذلك تماماً حيث مر النقد بمرحلتين الاولى قبل عام 67 حيث كانت الروح الوطنية والقومية والعدالة الاجتماعية وكان النقد في هذه المرحلة احادي الاتجاه او النظرة فالاعمال التي كانت تؤيد هذا الاتجاه كان النقد يقف بجانبها والعكس صحيح كما كان هناك تركيز على اسماء كبيرة ظهرت وتبلورت واصبحت رموزاً للمرحلة مثل يوسف ادريس ونجيب محفوظ وحجازي وعبدالصبور اما المرحلة الثانية بعد عام 67 فقد حدث خلالها نوع من الفوضى النقدية حيث الرغبة في التغلب على صدمة الهزيمة وفهم ما حدث، اما الآن فنحن في مرحلة بها قدر من التوازن وفيها قدر من التعدد والتنوع فلم يعد الناقد موجهاً بوصلته على نظرية نقدية معينة يقيس عليها ابداعات الآخرين كما كان في السابق، ومن المهم هنا التأكيد على خروجنا من اطار الرؤية الواحدة او الاتجاه الواحد في النقد، وكل عمل جيد لابد من الالتفات اليه نقدياً.


في هذا الصباح
* اخيراً ماذا عن مجموعتك القصصية الجديدة (في هذا الصباح) وخاصة انها جاءت بعد غياب طويل عن الكتابة؟
(في هذا الصباح) مجموعة قصصية تدور بين مجموعات من البشر العاديين وتغوص في ادق مشاعرهم الانسانية وتبرز آمالهم وطموحاتهم وآلامهم ومعاناتهم اليومية البسيطة، وقد جاءت هذه المجموعة بالفعل بعد فترة غياب طويلة نسبياً لان الكتابة لدي ليست وظيفة او نوعاً من الوظيفة فأنا لا اتوجه للكتابة الا اذا كانت لدي فكرة اتوهم انها جديدة أو مختلفة على الاقل بالنسبة لما سبق لي ان كتبته وهكذا جاءت في هذا الصباح.

مجهول الطفولة