عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2012, 04:06 PM
المشاركة 3
زهراء الامير
فرعونيـة من أرض الكنانـة
  • غير موجود
افتراضي
[TABLETEXT="width:100%;background-color:gray;border:10px solid silver;"]

في كتاب الأجنحة المتكسرة

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
.
.
.


بعد أن قمنا باستعراض حياة الأديب جبران، أصبح حريا بنا أن نقف في باب أدبه،ننظر ونتمعن بما جاء به هذا الأديب، من فن وأدب وفلسفة، ونغرف ما صح لنا أن نغرفه من كتبه ومؤلفاته،وسيرته الأدبية، التي ربما لن أستطيع تغطيتها كاملة ولكن على الأقل أن نقطف من بعض زهوره، وننظر في بعض أموره، فنستفيد مما أتى به ومن فلسفته ومما نراه صائباً في نظرته إلى الحياة.
وسيكون اليوم حديثنا عن كتابه (الأجنحة المتكسرة)، ولكن قبل أن ندخل في تفاصيل هذا الكتاب وما جاء به أفكار، يفترض بنا أن ننظر قليلا إلى الينابيع التي كان يستقي منها جبران ويميل إليها.

تأثر جبران بالعديد من الأدباء والفنانين الغرب .. فكان منهم:
:


1-تعرف جبران في رحلته إلى باريس ..بصانع التماثيل الفنان (أوجست رودان)، فكان من ضمن ما قاله في إحدى تماثيله والتي تمثل يدا بشرية: (.....، الفن هوحياة والحياة هو، وكل شيء يهون في سبيله لا مجد إلا منه،و***65275; جمال إلا فيه).
2-أيضا كان شديد الإعجاب بليوناردو دفنشي حيث كان يقارن بينه وبين رودان، ويرى فيه من أروع ما جادت به الحياة.

3-وليم بليك:تأثر بكتاباته إلى أبعد الحدود ليصبح وليم بليك بكل ما ألف وصور مثله الأعلى في الحياة، فيقول عنه: "بليك هو الرجل هو الإنسان(...)،إنه في رأيي أعظم إنجليزي منذ شكسبير، .......، ولكن لا يتسنى لأي امرئ أن يتفهم بليك عن طريق العقل،فعالمه لا يمكن أن تراه إلا عين العين،ولايمكن أن تراه العين بذاتها"،و لقد صور جبران نفسه بأنه وليم بليك القرن العشرين، على الرغم من أن هذه العبارة كانت شائعة على ألسنة الناس،ولكنها كانت تعني رودان وليس جبران.

4-مع كل كلامه عن بليك كان في ذات المرتبة شكسبير،فلقد كان يخصه بكلام لم يخصه لأحد من قبله،لدرجة أن كان ينوي أن يؤلف كتاباً عنه، إلا أن الظروف لم تعنه.

5-وكان قد أحب (شيلي) لعالمه القائم بذاته،يقضي وقته بالتغني بذكريات عاشها في عوالم أخرى. ومع ذلك فهو يعده أكثر شرقية وأقل إنجليزية.


أما حين عودته إلى الولايات المتحدة الأمريكية فلقد دخل (نيتشه) في حياته ومن بعده (زيردشت)،وكان ينظر إلى نيتشه من خلال تعاليمه وفلسفته، فنسي بليك،ولم يعد أمامه غير نتشة وزيردشت.
وأكثر ما أعجب جبران بنيتشه هو تمرده على كل المقدسات، هذا إلى ما يتميز به أسلوبه الصريح من تعبيرات لماحة تنبض بالحياة.
إن أثر نيتشة في حياة جبران ،كان كبيرا جدا، لدرجة أن جبران الذي كان يسيل رقة في عواطفه،أصبح يهيم بالقوة في كتابات نيتشة، بل أنكر ما كان يؤمن به أيام شبابه، وبخاصة مفهوم الحب،وقد أصبح عنده سيادة واستعلاء، لدرجة أن تأثره هذا جعله يجيب أحد أصدقائه والذي طلب إليه أن يجمع مقالاته العاطفية دمعة وابتسامة ب:
ذاك عهد من حياتي قد مضى بين تشبيب وشكوى ونواح، وقد كتب إلى مي بنفس اللهجة قائلا:
***65275; تذكري أعمالي الماضية لأن ذكراها تؤلمني، لأن تفاهتها تحيل دمي إلى نار محرقة، لأن جفافها يولد ظمئي، لأن سخفها يقيمني ويقعدني كل يوم ألف مرة ومرة، لماذا كتبت تلك المقالات والحكايات، لماذا لم أصبر ؟.....


ولا بد أن نعود للحديث عن نيتشة و"زيردشت"في كتاب"هكذا تحدث زيردشت" وجبران و"المصطفى" في كتاب النبي.

.
.
.
لا بد لنا أن نلقي الضوء على علاقة مي زيادة (ماري زيادة) وجبران خليل جبران.
مي زيادة فتاة فلسطينية المولد لبنانية التعلم ومصرية الإقامة،فما أن استقرت هي واسرتها في القاهرة حتى اتخذت من بيتها منتدى يؤمه أقطاب الفكر والأدب في ذلك الحين أمثال: عباس محمود العقاد،ومصطفى صادق الرافعي، وأنطون الجميل، وشبلي شميل وغيرهم، رغم الإحترام والمكانة التي كان كل أديب يكنها لمي إلا أنها لم تبادل أحدا منهم حبا،وما أن سمعت الحديث الدائر في مجلسها عن جبران وأدبه حتى تشوقت إلى معرفته، وكان أول ما قرأت له مقالة كتبها في السادس من كانون أول لعام 1908م بعنوان "يوم مولدي"، فراحت تستطلع سيرته وتبحث، ومن ثم البحث عن سبل الوصول إليه، فلم تجد غير أن تبعث إليه برسالة تعرفه بنفسها ولكن حيائها ومكانتها كانا في البداية حاجزا وخوفها من أن يردها وخصوصا أنه تلميذ نيتشة المتجبر، ولكنها فيما بعد أعادت النظر في ذلك ،وأقنعت نفسها أنها أديبة تكتب إلى أديب ومن ثم كتبت إليه رسالة تعرفه بنفسها، وكان ذلك في عام 1912م تقول: "أمضي مي بالعربية، وهو اختصار اسمي، ومكون من حرفين، الأول والأخير من اسمي الحقيقي والذي هو ماري، وأمضي (إيزيس كوبيا) بالفرنجية؛ غير أن لا هذا اسمي و***65275; ذاك، إني وحيدة والدي وإن تعددت ألقابي".

وسرعان ما جاء الرد من جبران على رسالتها، يحمل ثناءه عليها، ويحدثها عن نفسه وعن كتبه، ويرفق به آخر ما كتب في ذاك الوقت وهو كتاب (الأجنحة المتكسرة) طالباً منها أن تبدي رأيها فيه.
سعدت مي بالرد الذي وصلها،ونشطة في قراءة هذا الكتاب وراحت تخط رأيها بما جاء فيه، وتناقشه بموضوعه، وكان من بين ما كتبت له:"...ولكن إذا جوّزنا لسلمى-ولكل واحدة بذكاء وجمال وعواطف وسمو سلمى-الإجتماع بصديق شريف النفس عزيزها، فهل يصح لكل امرأة لم تجد في الزواج السعادة التي حلمت بها وهي فتاة أن تختار لها صديقا غير زوجها، وأن تجتمع بصديقها على غير معرفة من زوجها، حتى ولو كان القصد من اجتماعهما الصلاة عند فتى الأجيال المصلوب".


توالت الرسائل بين مي وجبران ولم تنقطع إلا في أثناء الحرب العالمية الأولى،ثم سرعان ما عاد الاتصال بينهما، وأخذت مي تنشر كتابات جبران وتقدم نقدها بكل حيادية،ولم يكن ذلك يسبب أي مضايقة لجبران بل على العكس كان يرى فيها بديلا لماري التي خفت علاقته بها، وكثيرا ما بعث إليها يبرر ما كتب، وأحيانا يتبرأ مما كتب،كما عرضنا أعلاه من تبرأه من (دمعة وابتسامة).

وفي ذات يوم بعث جبران إلي مي برسالة يطلب منها زيارته في بوسطن، لما يشعر به من وحدة وألم،لكن مي شعرت ان هذه الرسالة جارحة وتمس كبريائها، فبعثت إليه برسالة معاتبة شديدة اللهجة،فرد عليها بأنها قد أساءت فهمه، وراح يعتب عليها عتبا رقيقا، ثم انشغل عنها فترة في كتابه الجديد " السابق"، فأخذ القلق يقض مضجعها، فقد تكون قسوة لهجتها في الرسالة قد جرحت مشاعره،فكتبت إليه وراحت تعتذر عما بدر منها وصرحت إليه بأنها تحبه وتفضله عن غيره من الأدباء، هذا التصريح أثار دهشة جبران فهو لم يفكر بها كما كانت تفكر به، وإنما كان تفكيره أن يوطد صداقة فكرية ، فكتب إليها موضحا إليها مطمحه ونظرته إليها.

سارت الأيام والمرض ينزل بجبران،والأحداث تنزل بمي، فتفقد أبويها ،ومن ثم تبعث برسالة إلى جبران تقول له فيها:"لم يبق إلا أنت أيها الصديق"، ولكن الموت لم يبق لها هذا الصديق[1].


رواية الأجنحة المتكسرة

في هذه الرواية والتي أخذت الطابع الرومنسي في محورها الرئيسي جاء جبران ليلقي ما في جعبته من أفكار، لم تكن أفكارا عن الحب والعاطفة فقط، وعن معاناة العشاق وآلامهم ولم تكن مسلسلا رومنسيا يعرض قصة مجنون ليلى، وإن طغى عليها كلام الحب، لكني أرى أن جبران في هذه الرواية جاء ليجسد مجموعة من القيم والمبادئ الإجتماعية والسياسية أيضا، فلو استعرضنا فصول هذه الرواية التي قسمها جبران بناءاً على أفكار محددة في كل فصل ومن ثم جمعنا هذه الفصول لرأينا منظومة القيم التي يحاول إيصالها من خلال هذه الرواية، والتي حملت بين طياتها شوقا إلى الوطن، وحنينا إلى المحبوبة، ونقمة على الظالم، وحقد على التخلف القاطن في عقول الناس في ذاك الحين.
و***65275; شك أنها جاءت لتعرض مشكلة إجتماعية لطالما ظل الشرق يعاني منها،وهي مشكلة المرأة الشرقية..
.
.
.
فلو جئنا نستعرض التوطئة التي بدأ بها جبران ،نراه يتكلم ممهدا لهذه الرواية،مقدما القارئ إليها،يبدأ فيها الحديث عن سلمى والقارئ لا يعرف من هي سلمى ولكن لا شك أن القارئ أدرك منذ بداية الرواية أنه يتحدث عن فتاة ماتت، ويهدي إلى روحها، ويظهر من خلال توطئته أن سلمى هي أحد خيوط الذكريات التي لازالت تذكره ببيروت في ذاك الحين،والتي تذكره أنه أيضا بعيد عن بلاده،و***65275; غرابة أن يكون هذا النص هو توطئته، الذي يدمج فيه بين حبين وبين ذكريات متعدد،ذكريات سلمى وحبه لها، وذكريات شبابه في بيروت،وكعادته الطبيعة شيئ لا بد من الحديث عنه،والموت والحياة، واللذين مثلهما بروايته وأحداثها مع سلمى،بيروت لجبران مقبرة حلمه والتي تتمثل بمحبوبته،ومقبرة فرحته المتمثلة بسلمى ،فهناك قبر سلمى، وبيروت بالنسبة له، هي المكان الذي يؤجج آلامه في المهجر فبعده عنها ألم لا شك،وكأنه ذكرها في روايته هذه ليقول أنا لم أنس بيروت، فبيروت الألم هي ذاتها التي امضيت أيام شبيبتي فيها وهي أغلى الأيام لدى الإنسان والتي أصبحت في المهجر شيخوخة.

ثم يأتي جبران لاستعراض حالته النفسية قبل وبعد معرفته لسلمى في فصل (الكآبة الخرساء)، ولكن سلمى المحبوبة هنا وكأنها رمز للمعرفة في ذاك الوقت ، فصل الكآبة الخرساء يعرض جبران ونظرته وفلسفته لتلك الأيام التي يتحسر عليها الناس وهي أيام المراهقة أو الفترة التي تجيء بين الطفولة والشباب، الناس يتحسرون على هذه الأيام، أما جبران يرى أنه قد تحرر من هذه الفترة، لأنها فترة جهل، وقلة معرفة ولكن أليس هذا الشيء الطبيعي في الإنسان في تلك الفترة من حياته ؟ نعم يؤكد جبران على أن هذه الطبيعة المفترضة في الإنسان لكن علة في نفسه جعلت منه شخصا مختلفا،ونحن كما أسلفنا في حياة جبران في أثناء طفولته أنه كان شديد الإرتباط بالطبيعة لطالما سحرته الطبيعة بجمالها،ولطالما أحاطته بغموضها،جبران الآن في الرواية يشير إلى أنه كان يقف أمام الطبيعة والكون متأملا متسائلا،لكن تأمله أكبر منه وتسائله أكبر من معرفته فكيف سيجد له الإجابة؟

هذه هي الكآبة الخرساء التي أصابة جبران لأنه كان يجهل ما يدور في هذا الكون فعلى سبيل المثال قوله:"ما ذهبت إلى البرية إلا وعدت كئيبا" بسبب تلك الأسئلة التي تراوده و***65275; يجد لنفسه قدرة على إجابتها كانت كآبته..لأن الجهل بالنسبة لجبران كآبة.
فهو يقول:" إن الغناوة ليست كما يراها الناس خلو بعده راحة،إلا عند الذين يولدون أمواتا ولا يفكرون. وكأنه يريد أن يقارن بينه في طفولته وبين الكبير الذي أخلد إلى الراحة عن طريق المال والثراء وإن كان هذا الثراء مغموساً بالجهل، فالبنسبة لجبران الغباء القاطن بجانب العواطف والأحاسيس المستيقظة هو أفضل من هذا الثراء، وهو يقصد بالغباء مرحلة الطفولة التي ***65275; تجد أجوبة لأسئلة أكبر من عقليته.
كل ذلك بالنسبة لجبران قبل سن الثامنة عشر،والذي به عرف الحب وتفتحت عيناه على معاني الحياة، عرف به أن الكآبة واليأس،والمحبة والحلم،تملأ الحياة بالمعرفة،رأى في الحياة عندما كبرأنها تحمل النقائض،***65271;نه رأى الملائكة والأبالسة،ومن لايرى الملائكة والأبالسة يظل بعيدا عن المعرفة وستظل نفسه فارغ من العواطف،وكأنه يشير إلى الخبرة والمعرفة المكتسبة من خلال معايشة الناس ليرى من الناس أصنافا عديدة.
وفي كلا الفصلين في التوطئة والكآبة الخرساء نرى جبران يتغنى ببيروت،وأيامه فيها
بوصف ذكريات طفولته فيها فهو إذا جاء ليصف تلك الذكريات، لم يكف عن التحدث عن سحر طبيعة لبنان، وعن جبالها وسهولها،والتي كان يمضي بهما متأملا متسائلا.
.
.
.

ثم ينتقل جبران، من الحديث عن الكآبة الخرساء والتوطئة،ليبدأ بالحديث عن قصته وسرد أحداثها، ونلاحظ أنه في معظم الفصول سنجده يتغنى بطبيعة بيروت وفي فصل يد القضاء الذي يأتي بعد الكآبة الخرساء نجده يتغنى بسوريا أيضا،وهذا إن دل يدل على أنه يمهد لشيء في هذه الرواية،غير علاقته بسلمى،حتما إنه كان يمهد ليظهر ان هذا الجمال، عكر صفوه أصحاب السلطة والنفوذ أمثال المطران المتمثل برجل الدين المسيحي الذي استغل الدين لخدمة مصالحه الذاتية،ففي هذا الفصل يبدأ بتوضيح الطريقة التي التقى فيها الرجل الطيب فارس كرامة لأول مرة،صاحب النفس الطيبة ،الثري والكريم،والذي يستغل الناس طيبته، ومن هنا نعرف لماذا أسهب جبران في الحديث عن الجهل في الفصل السابق،وتحدث عن الغنى الذي يتحول إلى نقمة على صاحبه، إن كان جاهلا، غير قادر على التمييز واتخاذ القرار.
فارس كرامة صديق والده في القدم،رأى أن جبران هو ابن صديقه الذي تمثلت روح صديقه فيه،والذي التقاه بالصدفة في بيت أحد أصدقائه فكان من هنا التعارف،ثم يعرف من خلال صديقه الحزين على حال فارس كرامة،حالة هذا الرجل الميسورة ماديا،لكن للأسف محط أنظار الجشعين والطماعين،ولأنه رجل غشيم لم ير الحياة على حقيقتها...فكان مستغلا من قبل المطران
وأيضا هنا يبدأ بالتمهيد إلى فكرة الإنصياع الأعمى إلى رجل الدين من ِقَبل المجتمع، وانقياد المرأة الشرقية لرأي الأب وإن كان هذا الرأي على غير صواب، فحين يصف صديق جبران الذي كان في بيته حين التقى فارس كرامة حال فارس وابنته، يظهر أن الرجل طيب وابنته طيبة تطيعه في كل شيء و***65275; تخالفه، وإن كانت ترى استحواذ المطران عليه،والذي يهدف إلى تزويجها من ابن أخيه منصور بك طمعا بثروة والدها.
.
.
.
.
ثم يأتي الفصل الرابع وهو (في باب الهيكل) مع العلم أن جميع الفصول متسلسلة في السرد ولكن جبران عمل على إعطاء كل جزء من الرواية عنواناً وذلك لأن كل جزء يحتوي على فكرة وفلسفة،كخلاصة لهذا الفصل،وفي أغلب الأحيان تكون مختلفة عن الأفكار السابقة ولكنها ضمن نفس إطار الرواية، وهذا لوحده برأيي جميل فهو استطاع أن يجعل من هذه الرواية المترابطة الفصول في حين،رواية متعددة الأهداف ومتعددة الأفكار،دون ان يخل في أسلوب السرد أو أن يخرج عن إطار الفكرة الرئيسية.

ففي هذا الفصل،يعود جبران ليتحدث عن أيام الشبيبة الماضية ممثلا إياها بشيخوخة فارس كرامة، وشبابه .

جبران حين لبى دعوة فارس كرامة وزاره في بيته المنفرد عن المدينة والذي لا ينم إلا عن ثراء فاحش لهذا الرجل الطيب النفس،جلس وإياه يحدثه الرجل المسن عن ذكريات الشباب التي امضاها مع والده،أما جبران فراح يحدثه عن أحلامه وطموحاته والتي مثلها بأحلام الشباب التي تصطدم مع الواقع المر وكأنه حين تحدث عن هذه الأحلام ومدى حجمها عند الشباب أراد أن يقول هذا الإنسان الحالم،هو أصغر من أحلامه بكثير،فما بالك إذا اصطدم بواقع المجتمع وأعرافه وتقاليده.

ويلاحظ القارئ لهذه الرواية في كل فصولها،شيئا مما أشرنا إليه في حياة جبران،وهو المبالغة،ولكن هذه المبالغة،جاءت في محلها في بعض الأحيان،فجبران إذا ما أخذ يصف بشيء قد يكلفه حجما كبيرا من حجم الرواية، لدرجة أن القارئ في بعض الفصول قد يشعر أن جبران قد نسي الموضوع الأصلي الذي كان يتحدث عنه، وراح يتحدث عن موضوع آخر،ولكن جبران كان أيضا يمتلك على المقدرة الكاملة، لإعادة القارئ إلى مسار الرواية من جديد بذات الطريقة التي أخرجه منه، ومع ذلك حين نتحدث عن بعض النقاط التي تقف في وجه النص سنتحدث عن هذا الأمر حيث انه برأيي قد وظف أسلوب فيه مواقع أخرى بذات الأسلوب ولكنه لم يكن بذاك القوة وليكون هذا الأسلوب ضد النص وليس معه.
وفي ذات الفصل يظهر جبران فلسفة أخرى،وهي الجمال وطبيعته في نفس جبران، فهو يرى أن الجمال في الجوهر الداخلي والمكنون في سريرة النفس،"والمنبعث من قدس أقداس النفس"كما أشار.
هذا الجمال الذي رآه في سلمى ابنة فارس كرامة، وهي جالسة أمامه والذي راح يصف به،مدرجا من خلاله نظرته للجمال.

ونلاحظ في هذا الفصل أن جبران شخص حساس ،تؤثر به الكلمة سواءاً الإجابية أوالسلبية،فهو يصف شعوره حين جاء ليغادر بيت فارس كرامة، مبيديا حبه له وأنه كالابن بالنسبة له. فراح يصف ذاك الشعور الذي غمره بإسهاب شديد لأجل هذه الكلمات التي غمره بها فارس كرامة.

ومن هنا تبدأ قصة تعلقه بسلمى،فهو حين يخرج من بيتهم،يبدأ بوصف الحالة التي هو عليها من تعلق شديد بها،وإشارته أن روحه قد اتفقت تماما مع روح سلمى، ثم يظهر ان ذات الأمر قد حصل مع سلمى لأنه أشارت أن أرواحهما سبق وأن التقتا من قبل في عالم غير هذا.

.
.
.

يتبــع............
[/TABLETEXT]