الموضوع: حيث يسكن طارق
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
10

المشاهدات
2994
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
08-08-2019, 11:33 PM
المشاركة 1
08-08-2019, 11:33 PM
المشاركة 1
افتراضي حيث يسكن طارق
حيث يسكن طارق

جزء من حياة موازية
ريم بدر الدين بزال

كما يحدث في لعبة الكترونية إذ تقدم على مدينة يغمرها الضباب و تجد نفسك هائما في أزقتها المنارة بأضواء شاحبة و يتهافت عليك شخوص اللعبة طارحين اسئلتهم الكثيرة عن طريقة وصولك إلى مدينتهم المغلفة بلعنة الضباب. يخلعون عليك لقب المنقذ و المخلص. كما يحدث هذا في تطبيق اشتريته أو لم تشتره من متجر الالعاب الافتراضي. حدث هذا في الحياة. ليست الحياة بالضبط و إنما الشق الموازي للحياة على اعتبار أن ما يحدث في الحلم هو حياة أخرى موازية. أو عمر إضافي يمكن أن يجتمع مع سنوات حياتك اليقظة لتكون في المحصلة من المعمرين.
وجدت نفسي في البيت القديم، بغرفه المتربعة في صدر البيت المسمى ليوان و نافورته الثرثارة و شجيرة الياسمين و زهور الحوضين الكبيرين.
الغرفة اليمنى كانت مفتوحة و كنباتها مازالت بلونها الازرق الكحلي و خزانة الحائط الزجاجية ما زالت تعرض مقتنيات الجدة: فناجين روميو و جولييت و أطباق خزفية متنوعة القياسات و علب تذكارات الافراح لجميع أفراد العائلة.
الغرفة اليسرى كانت مغلقة. لم يخطر ببالي أن افتحها فأنا في الاصل لم اكن أحبها. كنت في الماضي عندما أنام فيها أسمع الكثير من الاصوات المبهمة و غير المفسرة قادمة من المكتبة الجدارية. وًربما يعود هذا الى معلوماتي عن وجود كتاب عن السحر الاسود داخل المكتبة . للحق انا لم أشاهد الكتاب لكنني رسمته في بالي قابعا في الرف الادنى من الكتبية ملفوفا بجلد حيوان و له قفل كبير يفتح بكلمة سحرية. ببساطة كان هذا كافيا لتكون الغرفة مخيفة بالنسبة لي.
كان البيت محتاجا بشكل ملح للتنظيف مما يبدو لي أنه ترك على حاله لفترة طويلة. غير أني ارجعت رؤيتي له متسخا الى هوسي المرضي بالتنظيف. لم يكن هناك من صوت في البيت ، فقط انا و هذا البيت الكبير المخيف. كنت انتظر عودة اي شخص، أمي أو خالتي، لكن لا أحد هنا. أتمنى أن لا يظهر لي ( لا أحد) فاكتشف وراءه قطيع من خراف تحمل رجالاً
وراء زجاج باب الغرفة اليسرى لمحت خيالا يتحرك. ملأ قلبي رعبا و خصوصا مع إدراكي انه ليس من احد سواي في البيت. رائحة عفونة زكمت أنفي بعد انتهائي من تنظيف البيت كلما اقتربت من الغرفة المغلقة. لم أشعر بها عند وصولي و يبدو أن الاضداد تظهر بعضها البعض، فبعد عملية التنظيف ظهر ت البقعة الكاشفة للنظافة. باقترابي من الباب لاحظت خطا طويلا من الدود يخرج من الشقوق، الرائحة اكثر نفاذا. لاشك أنه ثمة جثة في الغرفة. ربما هو قط أو جرذ.
كل ساعة تمر في هذا المكان تطبق على روحي و تشعرني أنني في مصيدة. مكان توقف الزمن فيه.
اقتربت من الباب الرئيسي للبيت. ثمة حياة في الخارج و أصوات سيارات و بشر يتحركون و يصخبون. يمكنني أن اذهب اذن ! لكن من سيفتح الباب لمن سيأتون الى البيت خصوصا أنني لا أملك مفاتيح له؟
فتحت الباب و ناديت رجلا من الشارع.
سألته: هل تعرف طارق؟
نعم. اعرفه. حق المعرفة
اذن قل له أن يأتي ليستلم المنزل لانني أريد أن اغادر الان
حسنا سأفعل.
تكاثف الانتظار على قلبي و لم يأتِ طارق.
تذكرت أن طارق اختفى منذ زمن طويل و لم يعرف أحد وجهته.
تذكرت أن الغرفة التي لا أحبها هي غرفته. لكن كيف قال لي الرجل أنه سيخبر طارق كي يأتي؟
استجمعت شجاعتي و فتحت باب الغرفة اليسرى كانت هناك جثة حقيقية متفسخة لإنسان. هو طارق حقا عرفته من نظارته المرتكزة على جمجمته. كعادته لم ينس الابتسام حتى و هو مجرد من لحمه
ظهر لي طيف غريب ملأ قلبي بالرعب. هو ذات الطيف الذي رأيته من وراء زجاج الباب. قرأت المعوذات كي يرحل و لكنه لم ينصرف. هرولت خارجة من الغرفة و أوصدت الباب بإحكام.
أريد الخروج من هذه الحياة الموازية. لا أريد عمرا اضافيا. خرجت من باب البيت إلى الشارع. وجدت المكان مفعما بالحياة. طلبت سيارة تاكسي. التفت السائق كان نفس الرجل الذي رأيته عندما فتحت الباب ابتسم لي بمودة من يعرفني ثم قال : هل تريدين الذهاب إلى حيث يسكن طارق؟!