عرض مشاركة واحدة
قديم 12-30-2012, 09:28 AM
المشاركة 21
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
دوستويفسكي و"الإخوة كارامازوف"

د. الطيب بوعزة


دوستويفسكي

صرف دوستويفسكي عامين كاملين في كتابة متنه هذا (الإخوة كارامازوف)، الذي لم يكن فقط آخر منجزه الروائي، بل من أفضل ما كتب. وأفضلية هذا النص استشعرها دوستويفسكي نفسه. فرغم قلقه الدائم، واعتياده على التقلب وعدم الارتياح، فإنه عندما انتهى من تسطير روايته هذه، أحس بانتشاء بالغ، حتى أنه كتب واصفا شعوره: "أريد أن أحيا، وأن أكتب عشرين سنة أخرى".

لكنه لم يعش بعدها سوى أشهر معدودات. إذ عندما أصدر روايته هذه عام 1880 توفي بعدها بأربعة أشهر. واختتام حياته بـ "الإخوة كارامازوف" لم يبد فقط تتويجا لمساره الروائي، بل بدا أيضا اختصارا لتطور رؤاه الفلسفية التي تقلب فيها خلال حياته. فقد اختصر خلال متنه ثلاث رؤى أساسية، تختزل فعلا واقعة الكينونة الإنسانية أمام أسئلة الوجود الكبرى، ثلاث رؤى متضادة تنطق بها ثلاث شخصيات مختلفة أشد الاختلاف:

إيفان كارامازوف، شخص مشغول بهاجس السؤال الوجودي، متخذا إزاءه جوابا إلحاديا سيؤدي به في النهاية إلى الجنون، بعد أن جعله متحللا من كل ضابط قيمي (يقول إيفان: إذا لم يوجد الله، فكل شيء مباح).

أما الشخصية الثانية "ديمتري"، فهو رجل جسد لا رجل فكر؛ لذا لا يعير أدنى اهتمام لأسئلة التفكير، بل هو مسكون بحس الحياة والرغبة في النهل من ملذاتها. رجل كثير الثرثرة، كثير التقلب، سريع الغضب.. فكانت نهايته هو أيضا مأساوية، حيث سيتهم ظلما بقتل أبيه.

أما أصغر الإخوة الثلاثة أليوشا (أليكسي كارامازوف)، فهو شاب متدين طاهر متخلق، مشغول بخدمة الدين والناس.

يقع نص "الإخوة كارامازوف" بترجمته العربية التي أنجزها سامي الدروبي في أزيد من 1600 صفحة. وبين أن رواية بهذا التعقيد والتركيب والإسهاب يعسر إيجازها. صحيح أن إسهاب النص يتناغم مع منهج دوستويفسكي في الكتابة، لكنه أيضا يناسب وساعة المكون الروائي الذي يقصد إلى استيعابه وتشغيله في متنه. لا أقصد هنا عناصر المكون السردي الضرورية لتركيب النص الروائي، كالفضاء الزمني والمكاني، فهذان العنصران جد مختزلان (حيث يمتد النص زمنيا على فترة ثلاثة عشر عاما. ومكانيا تدور الأحداث الرئيسة في القرية الروسية مع إحالة أحيانا إلى المدينة. رغم أن ثمة استحضارا لإسبانيا زمن النهضة الأوروبية في الجزء الثاني)، إنما أقصد وساعة المكون الأساسي الذي اعتاد دوستويفسكي التعامل معه، وهو المكون النفسي الذي يعتني ببنائه والغوص في تلافيف أعماقه من خلال تأسيس وتحريك أنماط الشخصية في خطابه الروائي.

خلاصة الرواية

الإخوة كارامازوف ثلاثة (أو لنقل أربعة على اعتبار إمكانية إدراج سميردياكوف كولد رابع، وإن كان حصيلة علاقة آثمة بين الأب فيدور بافلوفتش كارامازوف وليزافيتا). ثلاثة أبناء -أو أربعة- لأب جمع مواصفات الشرور كلها: أناني، سكير، لص، زان، مخادع، جشع، ظالم.. تزوج بافلوفتش مرتين. ومن زوجه الأولى "أديلائيد" ولد له ديمتري. وقد قيل إنه لما جاءه خبر وفاتها "كان في حالة سكر شديد.. فأخذ يركض في الشوارع رافعا ذراعيه إلى السماء صائحا بأعلى صوته: الآن حررت عبدك يا رب". ونسي أن له طفلا يبلغ من العمر ثلاث سنوات، فلم يعطف على الولد سوى الخادم جريجوري الذي أخذه إلى كوخه. حتى جاء أحد أبناء عمومة أديلائيد طلبا لأن يأخذ الطفل ديمتري لينشأ تحت رعايته، فإذا به يفاجأ عندما أبلغه بطلبه أن هذا الأب الطائش لا يفهم أي صبي يعني، وظهر عليه الاندهاش من أن يكون له ابن يسكن في مكان ما من المنزل.


ثم تزوج امرأة ثانية (صوفيا) فولدت له إيفان وأليكسي. لكنها ماتت وهي في ريعان شبابها بعد ثماني سنوات من زواجها. وقد قيل بأن كارامازوف كان له دور بفعل سوء خلقه معها في التعجيل بوفاتها.

ومثلما نسي ولده ديمتري نسي أيضا ابنيه إيفان وأليكسي، فتقدمت إحدى النساء من معارف زوجه لتكفل الطفلين. "اتجهت رأسا إلى منزل فيدور بافلوفتش. ولم تمكث أكثر من نصف ساعة، ولكنها لم تضع وقتها سدى. كان ذلك في نحو من المساء.. هب (فيدور) إلى لقائها وهو في حالة سكر خفيف. فما كادت تراه حتى صفعته.. صفعتين مدويتين، دون أن يراودها أي تردد، ثم أمسكته من شعره وهزته في مكانه ثلاث مرات.. ثم اتجهت إلى الكوخ الذي يوجد فيه الطفلان دون أن تنطق بكلمة واحدة، فلما لاحظت بنظرة سريعة أنهما لم يغسلا وينظفا، وأن ملابسهما الداخلية لم تغير، أسرعت تصفع جريجوري أيضا، وأعلنت له أنها ستأخذ الصبيين إلى منزلها. ثم خرجت بهما كما كانا بعد أن لفتهما بغطاء..".

لم يكن كارامازوف يهتم بشيء سوى ملذاته؛ لذا تربى أولاده الثلاثة بعيدا عنه. فنشؤوا وهم لا يعرفون بعضهم، لكن المصادفة ستجمعهم كلهم في لحظة واحدة، حيث يعود الثلاثة إلى القرية، لكن دوافع العودة كانت مختلفة:

فديمتري المثقل بالديون عاد طلبا لنصيبه في ميراث أمه، غير أن أباه الجشع يرفض إعطاءه حقه، ويشتد في مماطلته ومراوغته. أما إيفان فيبدو أن سبب مجيئه هو امرأة. في حين كان دافع أليكسي للعودة إلى القرية هو لقاء رجل دين شهير في المنطقة، ليتعلم منه ويخدم معه.

يحدث اللقاء ويحدث الصدام بين ديمتري ووالده، إنهما في الحقيقة من نفس الطينة، ولا سبيل إلى حل وسط. يتساءل ديمتري في لحظة غضب قائلا عن أبيه: "لماذا يجب أن يعيش مثل هذا الرجل؟.. هل يجوز أن ندعه يدنس الأرض برذائله مدة أطول؟". يلتقط هذه العبارة أحد شهود هذه الخصومة المشتدة بين الأب كارامازوف وابنه ديمتري، فيعلق بالقول: "لا حل أمام هذين الرجلين إلا أن يقتل أحدهما الآخر".

ماذا أراد دوستويفسكي بمتنه هذا؟

نجد داخل النص ارتحالات سردية تخرق نمطية صيرورته كحكي. خاصة في الجزء الثاني الذي يكاد يحتوي نصا روائيا مستقلا بذاته، خاصة في الفصل المعنون بـ "المفتش الكبير" في الكتاب الخامس، حيث يسرد إيفان حدثا متخيلا في إسبانيا خلال القرن السادس عشر. وهو السرد الذي يرويه إيفان لأخيه أليوشا بقصد الاستدلال على وجهة نظره الإلحادية. والخلاصة الفكرية للنص تتمحور حول تحليل فكرة الحرية الإنسانية وعلاقتها بمأساوية الوجود البشري.

وإذا رجعنا إلى صيرورة النص الأصلي، سنجد الجدل الفكري ماثلا بوضوح، الأمر الذي يثبت أن دوستويفسكي أراد التركيز على نقد التحولات الفكرية التي تجري في روسيا في نهاية القرن التاسع عشر، بفعل تأثر طبقة الشباب الروسي بالفكر الغربي، خاصة نزعته المادية. لذا تجد في المتن حوارات عديدة يتم فيها الإحالة إلى الليبرالية، والاشتراكية، واستحضارا لأسماء باكونين وبرودون وهوغو وغيرها من أسماء الثقافة والأدب الأوروبي..

إن مهارة دوستويفسكي جلية في بنائه النفسي والعقلي لأنماط الشخصية، ففي الإخوة كارامازوف أراد أن يختزل ثلاث رؤى إلى العالم، فجعل كل واحدة مستبطنة في شخصية من الشخصيات الثلاثة. غير أننا نلاحظ أن دوستويفسكي حرص في تقديم روايته على الإعلان بأنه يختار أليكسي بطلا. ولعل في رهانه على وسم أليكسي بالبطل إيحاء إلى أن هوية روسيا في قيمها كمجتمع تقليدي، وليس في تحولها نحو تمثل النموذج الفكري والقيمي الغربي.

==
--
موجز مختصر لرواية الاخوة كرامازوف او الاخوة الاعداء لدستويفسكي
بقلم يوحنا بيداويد
ت الثاني 2011
ملبورن اشتراليا

تعد رواية الاخوة كرامازوف للكاتبالروسي الخالد دستويفسكي بعد قصته الشهير الجريمة والعقاب من اروع قصص الادب العالمي في القرن التاسع عشر. بدأ في كتابتها عام 1879وبعد عامين انتهى من كتابتها، و بعد نشرهافورا باربع اشهر (1881م ) مات الكاتب دوستويفسكيتاركا كنزا ادبيا كبيرا للروس والعالم مرة اخرى .

تعالج القصة الكثير من المشاكل الاجتماعية في عصر القرن التاسع عشر و العشرين والحادي والعشرين وكأن تركيب الفيلسوف هيجل يحقق من مكانة هذا الكاتب والشاعر ليكون في موقع النبي المصلح فعلا ! .
تتناول الرواية القضايا الجوهرية التي تحير الانسان في هذا العصر، مثل الخير والشر والعدالة السماوية والخلود والحرية، القصة بمجمولها تنوال قضية ازمة الاخلاق وقيم الاجتماعية بين العائلة ورجال الدين و القانون والانانية والغريزة. لهذابعد نشرها عظمهاكثير من كبار المفكرين والعظماء في العالم في ذلك العصر مثل فرويد واينشتاين والفيلسوف الوجودي مارتن هديجر وعالم الرياضيات الحديثة لودويك وايتنشتاين.
في هذه الرواية نجد قمة الابداع الفكري التي اثبتت بلا شك ان دستويفسكي هو كاتب قدير وعالم نفسي محترف وفيلسوف بكل معنر كلمةورجل دين لاهوتي متعمقورجل مخابرات من درجة اولى (كما يظهر بجلاء في قصته الاخرى - الجريمة والعقاب).

المحور الرئيسي في هذه الرواية هو اندلاع صراع مرير بين الاب ( فيودور كارامازوف ) وابنه البكر ( ديمتري البالغ 27 من العمر) بسبب علاقة كلاهما لامراة اسمها ( كراشونيكاذات 22عام ) التي تحترق لممارسة غريزتها الجنسية مع كلاهما بعد عذاب طويل مع صديق قديم لها والتي هربت منه. كان كل احد يتمنى ان تكون خليلته لوحده، ويحتدم الصراع بينهماالى درجةالى تهديد الاب لابنه انه سوف يقتله اذا اقترب من خليلته مرة اخرى. فيقرر الابن بعدعودته من مدينة اخرى كان غادرها اليها من اجل العمل ان يقوم بالدفاع عن حبه لهذه المرأة فيقترب من بيت ابيه. تشاء الاقدار يعلم بهذا الصراع والتهديدبينهما شخص اخر (لقيط من شارع يقال هو ابنغير شرعي لفيودور الابنفسه من امراة مات في بولادته طفلها اللقيط ). كان هذا الصبي المصاب بمرض الصرع اسمه (سماداركوف) يعيش كخادم للاب اكثر ما ما كان ابناً له يقوم بقتله (الاب فيودور) انتقاما منه من تصرفاته المشينة ودكتاتوريته الابوية. لكن انظار الشرطة والعدالةتوجه الاتهام الى ( ديمتري الابن البكر) كمتهم في قضية قتل والده،لانه في يوم حصول الجريمة شاهد كثير من الناس الابن البكر (ديمتري) في نفس الشارع وبيده معول وعلى ملابسهقطرات من الدم وفي جيوبه بضع الالاف من الروبيات ( عملة روسية في حينها).

لكن الاخ الصغير (يوشيا) يصبحاكثر قريبامن اخيه سماداركوف (المجرم) المريض الذي استبعدت الشرطة من قيامه بالجريمة على الرغم منقرب مكان الجريمة بسبب مرضه ونوبة الصرع التي ضربته قبل يوم من حدوث الجريمة. في احدى جلسات يعترف الابن اللقيط (سماداركوف) بأنه هو من قتل (فيدور ابوهم جميعا) انتقاما لمعاملته السيئة له ولهم.

يسمع الاخ الثاني ايفان الذي كان دخل عالم الجنون والهذيان بسبب ماديته وواقعيته المفرطة وفقدان الايمان بالله واهمية الاخلاق في المجتمع حيث كان يقول : " ان الله يسمح العمل بكل شيء!" ( كما يحصل في العراق في هذه الاياممن اخيه الاصغر يوشياهذا الاعتراف الخطير والمهمبأن القاتلالحقيقي لابيه هو ( اخيه الخادم سماداركوف) .

فيهز هذا الاعتراف الخطير اعماقه، فيستقيظ ايفان منسباته وجنونه وهلوسته و يعود الى وعيه ويقرر ان يكون مهتم بمصير العائلة ، فيبحث عن طريقة نقل هذا الاعتراف الى المحكمة لعله يبريء اخيه الاكبر ( ديمتري من الاب فقط) . وحينما كان يبحث عن طريقة لجعل القاتل الحقيقي أنيأتي الى المحكمة ويتعرفبجريمته ، يصلهخبر بان اخيه المجرم الحقيقي (سماداركوف) مات بسبب مرضه اي انتحر.
وفي المحكمة يحاول ديمتري تبريئة نفسه بكافة الطرق ، فيشرح لهم بان النقود التي كان معه هي تعود لخطيبته الحقيقية ( فكتوريا) التي كلفته بأن يرسلها لاختها وانه صرف نصفها في ليلة قبليوم حدوث الجريمة مع خليلة ابيه (كراشونيكا) في الحانة والنصف الاخر وضعها في ملابسه.
لكن المفارقة الكبيرة تأتي من خطيبته الحقيقية (فكتوريا) نفسها التي تتألم كثيرا لحالة ايفان (اخو ديمتري) الجنونيةوالكاّبة التي لازمته منذ زمن طويل فظنت انهاهياي ( فكتوريا ) السبب الحقيقي من وراء حالة الكاّباة التي مصاب بها ايفان الشاب كنتيجة لحبها لديمتري. لهذا تقرر التخلي عن (ديمتري) وتغرم بأخيه وتقوم بتكذيب اقوال ديمتري عن النقود التي اعطته اياها، فأنقلبت ايفادتها ضدهُ ، كان الهدف من هذه العملية هوتصحيح خطأها بحبها لديمتري.
اما الابن الصغير يوشيا الذي تربي على يد كاهن (شزيما) فيصبح مصلح واعظ بين اصدقائه في المدرسة وتستمر هذه الحقلة حتى بعد وفاة صديق عزيز عليهم.

تنتهي القصة بحكم العدالة على (ديمتري البريء) الذي كان خطيب لفكتوريا رسميا ومغرم بخليلة والده (كراشونوكا) بالاعمال الشاقة لمدة عشرين سنة في سيبيريا. ولكن فيما بعد تقوم فكتوريا واخيه الصاحي في هذا الوقت ( ايفان) بوشاية احد الحراس لتهريب ( ديمتري ) من السجن من سيبيرياو يتلقيفي النهاية كل من فكتوريا و ديمتري في مستشفى حينماكان الاخير يعالج فيها، فيقرران الاعتراف بحبهما واحد للاخر على الرغم من علم كل واحد بالاخر بأنه يحب اشخاص اخرين.
وتنهي مسأة الاخوة كارامازوف اي الاخوة الاعداء في نهاية تراجيدية هو ضياع العائلة كلها وموت الاب والامهات الثلاثة والكاهن والمجرم الحقيقي الذي دفن الحقيقة معه الى الابد.

هذا المقطع منقول
هذا مقطع من حوار بين الابن الثاني ايفان واخيه الابله:
قال"إيفان":
-
قل لي: أنت أريتني هذا المال الذي كنت تخبئه عندك، لتقنعني بصدق ما رويته لي، أليس كذلك؟
فنحّى "سمردياكوف" الكتاب السميك الأصفر، الذي كان يغطي حزمة الأوراق المالية، وقال متنهداً:
-
خذ المال واحمله معك.
-
سأحمله طبعاً.. ولكن لماذا تردّه إليّ الآن وإنت إنما قتلت لتحصل عليه؟
كذلك سأله "إيفان"، وهو ينظر إليه بدهشة كبيرة.
فأجابه "سمردياكوف" بصوت مرتجف، وهو يحرك يده بحركة ملل وسأم:
-
أصبحت لا أريد هذا المال! لقد قدرّت خلال مدة ما أن أبدأ بهذا المال حياة جديدة في موسكو، أو قل أيضاً أن أسافر إلى الخارج.. كان لي هذا الأمل، ولا سيّما أنك كنت تقول: "إن كل شيء مباح".. أنت علمتني أن أفكر هذا التفكير، وأن أقضي في الأمور على هذا النحو.. كنت تقول لي دائماً: "إذا لم يوجد الإله الذي لا نهاية له، فالفضيلة إذن باطل لا جدوى منه، ولا داعي إليه".. هكذا كنت تفكر أنت، ولقد استندت أنا إلى أقوالك، واعتمدت عليها.

سأله "إيفان"، وهو يبتسم ابتسامة ساخرة:
-
ثم توليت تطبيق هذا التفكير بنفسك في هذه الجريمة.. اليس كذلك؟
-
نعم.. مستوحياً آراءك.
-
والآن.. هل عدت إلى الإيمان بالله، ما دمت تردّ إليّ المال؟!

دمدم "سمردياكوف" يقول:
-
لا.. . أنا لا أؤمن بالله.
-
فلم تردّ إليّ المال إذن؟
قال "سمردياكوف"، وهو يحرك يده بحركة ملل وسأم من جديد:
-
كفى! فيم يهمك هذا؟ أما كنت تقول عندئذٍ أن كل شيء مباح؟ فما بالك تضطرب الآن هذا الاضطراب كله، حتى لتنوي أن تشي بنفسك؟ على أنك لن تفعل ذلك.. لا.. لن تشي بنفسك.. . لن تشي بنفسك.
كذلك ردد "سمردياكوف" بصوت جازم ينمّ عن اقتناع كامل.

فأجابه "إيفان" بقوله:
-
سترى!
-
هذا مستبعد استبعاداً مطلقاً.... أنت أذكى من أن تفعل ذلك.. أنت تحب المال.. أعرف هذا، وأنت تحرص كثيراً على أن يحترمك الناس، لأنك مزهو متكبر.. ثم إنك عدا ذلك تتأثر تأثراً شديداً بمفاتن الجنس اللطيف، وأنت فوق هذا كله تحب أن تعيش على ما يشاء لك هواك، دون أن تكون رهناً بأحد.. أنت تحرص على هذا أكثر مما تحرص على أي شيء آخر، ولن تريد أن تفسد حياتك هذا الإفساد بتلطيخ شرفك إلى الأبد أمام المحكمة.. أنت تشبه "فيدور بافلوفتش".. أنت بين سائر أبنائه أكثر شبهاً به، لأنك قد ورثت عنه نفسه.
قال "إيفان" وقد ظهر عليه الإعجاب بملاحظات "سمردياكوف"، وتدفق الدم إلى وجهه:
- -
لست بالغبي.. كنت أظنك في الماضي أبله!
--