عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
4069
 
محمود عباس مسعود
أديب وباحـث ومترجــم

محمود عباس مسعود is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
59

+التقييم
0.01

تاريخ التسجيل
Sep 2011

الاقامة

رقم العضوية
10426
09-26-2011, 01:39 AM
المشاركة 1
09-26-2011, 01:39 AM
المشاركة 1
افتراضي ناسك الغدير: ثورو
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
هنري ديفيد ثورو

ولد العبقري الأمريكي هنري ديفيد ثورو في كونكورد بولاية ماساتشوستس الأمريكية سنة 1817 حيث كان والده يعمل في التجارة ومن ثم تحول إلى صناعة أقلام الرصاص وهي المهنة التي زاولها ابنه هنري لفترة من حياته.

تخرج الشاب هنري من جامعة هارفارد سنة 1837 وفي نفس العام شرع بتدوين يومياته في ما عرف بالجورنال بتشجيع من صديقه وأستاذه أمرسون، واستمر في كتابة تلك اليوميات حتى آخر أيام حياته. وعلى مدى سنين قام بتدريس بعض الصفوف المدرسية وإلقاء محاضرات في الفلسفة والعلوم الطبيعية. كما قام برحلة نهرية ألهمت فيما بعد كتابه الأول الذي سماه: أسبوع على صفحة نهري كونكورد وميريماك. طـُبع من ذلك الكتاب ألف نسخة بيعت مائتان منها، أما النسخ الباقية فقد أعيدت إلى ثورو الذي كانت مكتبته تشتمل على مائة كتاب، فأضاف النسخ التي لم يتم بيعها إلى محتويات مكتبته وكان يقول مازحاً: في مكتبتي تسعمائة كتاب، ثمانمائة منها من تأليفي!

أما رائعة ثورو الأدبية فهو كتاب وولدن أو الحياة في الغابة Walden, or Life in the Woods الذي يجسّد نظراته وفلسفته في الحياة.

ملاحظة: إن نسخة واحدة من الطبعة الأولى لهذا الكتاب تباع اليوم بمبالغ خيالية نظراً لندرتها ومكانة مؤلفها، وبإمكان القارئ الكريم التأكد من هذه المعلومة بنفسه إن كانت تهمه وهذا هو عنوان المكتبة الإلكتروني حيث الكتاب معروض للبيع:
http://www.abebooks.com/servlet/Sear...oreau&sortby=1
عاش ثورو ملازما لأمرسون حوالي الثلاثة أعوام، كما عاش في خلوة تأملية على غدير وولدن قرب كونكورد مستمتعا بسكينة الطبيعة وعظمتها. وقد وصف تجاربه تلك في كتابه الشهير وولدن الذي يعتبر من الأدب الكلاسيكي الرفيع الذي يدرّس في العديد من الجامعات الأمريكية. ولعل فيلسوف الفريكة أمين الريحاني قد تأثر كثيرا بفلسفة ونظرات ثورو إذ كان يشير إليه بمودة: أخي ثورو!

كان ثورو محبا للطبيعة إن لم يكن متوحدا معها، بحيث أنه وصف أدق تفاصيلها بكيفية مدهشة، وقد رغب من خلوته تلك في وولدن أن يبرهن لنفسه وللآخرين أن الإنسان باستطاعته أن يكسب ما يكفي للقيام بأوده، وأن يعيش في الطبيعة ويمتلك متسعا من الوقت للتفكير والتأمل بأسرار الحياة وعظمة الكون.

البيت أو بالأحرى الكوخ الذي عاش فيه على وولدن بناه كله بيديه دون أية مساعدة من أحد، وعاش فيه عيشة بسيطة، يقوم ببعض الأعمال المتفرقة بين الفينة والأخرى ويمضي وقته في التجول وملاحظة الحيوانات والحشرات والطيور وتدوين مشاهداته ومطالعة الكتب بعدة لغات، إذ كان يجيد عددا منها.

كتاب وولدن أو الحياة في الغابة ليس فيه الكثير من الاكتشافات لكنه برهان قاطع على دقة ملاحظة هذا الفيلسوف الذي لم تغب عنه أدق تفاصيل الطبيعة، والذي يطالع الكتاب بنصه الأصلي تعتريه الدهشة لقدرة عقل مؤلفه على الاستيعاب والنفاذ إلى قلب الطبيعة وقراءة أسرارها بسهولة ودقة متناهية. لقد استأنست حيوانات وطيور الغابة به بحيث كانت تأتي إليه كلما ناداها بعدما تعلم تقليد أصواتها. ولم تخشَ الاقتراب منه ، حتى أنه كان يمسك الأسماك بيده ويرفعها من الماء!

بعد مغادرته وولدن عاش معظم حياته مع والديه وأخته في كونكورد وقام بجولات طويلة وسط الغابات في أمريكا وكندا.

كان ثورو أصيلا في كل شيء ولذلك جاء أسلوبه الأدبي فريدا في بابه، يشد القارئ إليه شدا وكأنه يعرفه حق المعرفة. أما أشعاره فمليئة بالحياة والقوة والتجدد بالرغم من أن البعض يعتبرها تفتقر إلى الدفء والجرْس التقليدي.

كان الرجل مستقيما في أخلاقه، حر الضمير، جرئ في إبداء آرائه لا يخشى فيما يقوله لومة لائم. وقد اعتبره البعض سابقا لعصره، ولعل في هذا القول حقيقة يتبينها كل من يقرأ كتاباته قراءة فاحصة متأملة.

ولقد كان عنيدا أيضا، إذ رفض التصويت مثلما رفض دفع الضرائب (وتم إيداعه السجن ليوم أو يومين جراء ذلك). ولقد دافع بكل جرأة عن جون براون الذي وضع الحجر الأساس لتحرير العبيد (وستكون لنا وقفة مع جون براون)

توفي ثورو سنة 1862 لكنه ما زال يحيا في عمق الأدب العالمي وقلوب محبي الأصالة والإبداع لأنه كان شخصية عالمية وواحدا من الذين تفخر الدنيا بإنجابهم.

محمود عباس مسعود
(من وحي المهجر)


غاية الحياة معرفة الذات
http://www.swaidayoga.com/

الحوار الذي أجراه معي الشاعر الجزائري الأستاذ ياسين عرعار على الرابط التالي

http://www.saddana.com/forum/showthread.php?t=10887