الموضوع: مريم
عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
4

المشاهدات
4758
 
محمد الخُضري
إعلامي وأديــب سعـودي

محمد الخُضري is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
384

+التقييم
0.09

تاريخ التسجيل
Jan 2012

الاقامة
Riyadh Saudi Arabia

رقم العضوية
10800
02-21-2012, 08:34 AM
المشاركة 1
02-21-2012, 08:34 AM
المشاركة 1
افتراضي مريم
مريم

يحكى من قديم الزمان ... أن هناك بلاد لا تعرف السعادة ... ولا يعرف أهلها الحب ... ولا الصفح ولا الإبتسام
أهل تلك البلاد متجهمون ... عابسون .... حاسدون .... حاقدون
تلك البلاد لا يزورها المطر ... وكلما أرادت سحابة زيارة نلك البلاد يمنعها حراسها بإدعاءات مختلفة ... فمرة انها بلا محرم ... ومرة لأنها متبرجة ... ومرة لأنها تتسبب في بلل أرضهم اليباب... ومرات لأنها لا تحمل جواز سفر ولا سمة للدخول
.
هكذا ... تعود الغيمة من حيث أتت لترحل إلى بلاد أخرى يسكنها النور ... وتتعطر نساءها للمساء كلما استأذنت الغيمة في الدخول إليها. تأتي الغيمة محملة بهدية المطر الذي يغدق على أهل تلك البلاد حقول من النور ويزرع لهم فوق أرضهم المخضلَة بالحب ... حدائق من لوز وصنوبر

فجأة ... وفي ليلة غاب عنها القمر ... وبعد أن أغلقت الغابة أبوابها باكراً ذاك المساء ... وبعد أن فرَت العصافير إلى أوكارها قبل غروب الشمس خشية الظلام
نبتت زهرة برية ... أو وردة ... وظهر قمر يطل من شقوق الأرض فاستحال المكان بستان ورد وشلالات ضياء

تلفتت تلك الزهرة فلا أحد بجوارها غير عتمة ليل يتسلل منه ضوء القمر النابت من الأرض ... ونسمة حائرة لا تعرف أين تهب

انها مريم ...
ظهرت في تلك الليلة ...
أرق من نسمة
أعذب من ابتسامة الشمس ساعة ميلادها
أطيب من رائحة زهرة ... تشبه رائحتها أزهار الجنة

تثاءبت مريم في وجه الليل ... فغمر سنا وجهها المعمَد بنور الله ... وظل الله ... وحب الله فضاء المكان .... والليل

يتساءل الليل في حيرة ... ما هذا النور القادم من خلف حقول الجفاف ؟
ويهز الليل كتفيه بغير اكتراث ... متمتما في نفسه لعلها أضغاث حلم

يا سيدي الليل
المساءات لا تحلم
والزهور لا تكذب
والنسمة لا تخدش الخدود الأسيلة
والغيمة لا تمطر فوق الأرض البوار
يا سيدي الليل ... انها مريم
مريم التي وُلِدت من ضلع وردة
مريم التي أتت لتهب لك الضياء والسناء والجمال
مريم التي لا يزال جرحها الدامي يروي أرضك الجدب بالخير والمحبة
فامنحها يا سيدي الليل بعض الأمان

مريم لون بشرتها .... لون الصباح
لون عينيها ... لون الصباح
ألوان شفايفها حدائق تغمر وجه الصباح

مريم ... هي الحياة ... وهي الصباح
مريم

"البستاني"


محمد الخضري