عرض مشاركة واحدة
قديم 10-28-2013, 03:16 AM
المشاركة 9
عماد تريسي
من ملوك الأدب

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
أحِسُّ بأنّي كنْتُ في غابِرِ الدَّهْرِ=هِزازاً يُغَنِّي للثِّمارِ وللزَّهْرِ!
وللنَّاسِ كانوا الطِّيِّبِينَ بِلا هَوىً=يُضِلُّ وكانُوا الأوْفِياءَ بلا غَدْرِ!
وللنَّهْرِ يجْرِي بالعُذُوبَةِ صافِياً=نَميراً ولِلَّيْلِ البَهيمِ.. ولِلْبَدْرِ!
ولِلْبَحْرِ والشَّمْسِ المُنِيرَةِ في الضُّحى=وحِينَ الأَصيلِ الحُلْوِ. والأَنْجُمِ الزُّهْرِ!
وعِشْتُ كذا حِيناً من الدَّهْرِ شادِياً=ولكنَّني طُورِدْتُ من جَارحِ الطَّيْرِ!
فخفت من الصقر المحلق ضاريا..=فَقُلْتُ أَلا يا لَيْتَني كنْتُ كالصَّقْرِ!
فأمْسَيْتُ صقرا يَسْتَبِيحُ فرائِساً=ويَفْتِكُ بالمِنْقار منه وبالظُّفْرِ!
ولا يَنْثَنِي حتى عن الأُمِّ طُورِدَتْ=فلاذَتْ بأَفْراخ وزُغْبٍ إلى الوَكْرِ!
وأَزْعَجَني صَوْتُ الضَّمِير فَشَدَّني=إلى الحِسَّ يَهْفو للْحنَانِ ولِلْفِكْرِ!
فَحَوَّلَني دَهْري. وبُورِكَ صنْعُهُ من=الطَّيْرِ للوَحْشِِ البَرِيءِ من الوِزْرِ!
إلى الظَّبْي ذي الحُسْنِ المُضوِّىء والرِّضى=وذِي الرَّكْضِ يُنْجبه من الخَتْل والغَدْرِ!
فَطارَدني لَيْثٌ وذِئْبٌ فَأَخْفَقا=ولم يُخْفِقِ السَّهُمُ المُسَدَّدُ لِلصَّدْرِ!
فأَخْطَأني.. لكنَّني صِرْتُ راجِفاً=ويا رُبَّ فَتْكٍ كانَ خَيْراً من الذُّعْرِ!
أَخافُ على نَفْسي وظِئْرِي فَأَنْزَوِي=عن النَّاسِ حتَّى لو تَرَدَّيْتُ في بِئْرِ!
أَهِيمُ على وَجْهي فما أَنا مُنْتَم=إلى الرَّوضينِ مِثْلَ الآمِنَينَ ولا الَقفْرِ!
ويُسْلِمني خَوْفي إلى السُّهْدِ تارَةً..=وأُخْرى إلى النَّوْمِ المُفزَّعِ بالشَّرِّ!
وقُلْتُ لِنَفْسي ما الذي تَرْتَجِينَهُ=من البَرِّ يُخْفي القاتِليك أَوِ البَحْرِ؟!
من الوَحْشِ.. والطَّيْر الجَوارح.. والورَى=فما شِمْتِ مِمَّا عِشْتِ فيه سِوى الخُسْرِا
فقلتْ لقد أَسْلمْتُ أَمْرِيَ لِلَّذي=يقَيني من اليُسْرِ المُبرِّحِ. والعُسْرِا
كِلانا ضَنِينٌ بالحَياةِ. ولو سَطَتْ=عَلَيْنا.. فما لِلْمَرْءِ فيها سِوى الصَّبْرِ
.

.
.


لأنَّ الحزن هو أبو الوحي , فإنَّني لا زلتُ أبرّه !

فإن ذوتْ سنابله يوماً, رويتُه باستذكار جرحٍ آخر .

.....