عرض مشاركة واحدة
قديم 04-05-2016, 02:54 PM
المشاركة 62
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع...ذكريات سنوات الطفولة المبكرة...سنوات من الميلاد الي ما قبل المدرسة:

اما المرأة الرابعة التي كنت استشعر بكثير من الانس والأمان بقربها في طفولتي المبكرة، وكانت مصدرا آخر من مصادر الحنان والسعادة، فقد كانت زوجة جدي صالح الثانية، آمنة السالم، حيث كان جدي قد تزوج بها بعد وفاة زوجته الأولى جدتي حليمة، التي انجبت امي زينب وخالتي فاطمة فقط قبل ان تتوفى، فكانت آمنة السالم الزوجة الثانية لجدي صالح، وهي التي انجبت ثلاثة خالات هن حلوة زوجة ابي الثانية بعد وفاة امي، وعائشة، ولمياء، وأربعة اخوال وهم احمد، ومحمود، ومحمد، ويوسف آخر العنقود وهو يكبرني بعام واحد فكانوا اخوة واخوات غير اشقاء لأمي وخالتي فاطمة...

واذكر ان اول معرفتي وصلتي بالحجة آمنة السالم جاءت بعد وفاة جدي صالح، حيث بقيت هي وخالتي فاطمة في منزل جدي الذي كنت استمتع بزيارته وكثيرا ما اتردد عليه، فقد كان بيتا جميلا حديث البناء مقارنة بما حوله من مباني، وتحيط به حديقة شاسعة مزروعة بأشجار المشمش من الأصناف الحموي بألوانه الأبيض الشفاف والاحمر ومذاقه الحلو اللذيذ، والبلدي بلونه الأصفر ومذاقه اللاذع المائل الى الحموضة، واشجار الرمان، واللوز، والبرتقال، وكان فيها شجرة خروب ضخمة يحلو للإنسان ان يمضي جل وقته في ظلها، وشجرة كينيا شاهقة الارتفاع وظليلة، والي جوارها أشجار تين من الصنف المعروف بالخرتماني لذيذ الطعم...

وكانت الحاجة آمنة تعيش حياة غاية في البساطة، وتمضي وقتها في الصلاة، والذكر والتسبيح، وانتظار الموت، بعد ان كبر أبناؤها وتزوجوا جميعا وترملت هي وبقيت وحيدة لولا وجود خالتي فاطمة التي عادت لمنزل والدها بعد طلاقها الاول...

واذكر انني كنت قريب منها جدا واعاملها على انها جدتي وليست مجرد زوجة جدي، وكنت كثيرا ما امازحها فأقول لها انها شاخت وربما انها خائفة من الموت فترد بالقول "يا مرحبا بالموت" مؤكدة بانها ترحب فيه ولا تخشاه ابدا...

وقد أسعدها جدا ان سافرت في وقت لاحق الى الكويت حيث لبت برفقة أبنها الأصغر خالي يوسف النداء، فحجت الي بيت الله الحرام لتزداد نفسها راحة واطمئنانا تجلى في أسلوب حياتها البسيط واستعدادها لمقابلة الموت وهي مطمئنة النفس راضية...

ولم يطل بها المقام كثيرا بعد ذلك فقد توفيت بعد ان عادت لتستقر في القرية ولسانها لا يكاد ينطق الا بالذكر والتسبيح وتمضي جل وقتها في الصلاة والصيام ولا اذكر انني رأيتها غاضبة ابدا رغم انني كنت كثيرا ما كنت استفزها بقطف الثمار خاصة ثمرة شجرة المشمش الحموي الكائنة امام المنزل مباشرة وعند حمرة البئر ...

ولا أنسى ابدا تلك الساعات الجميلة التي كنت امضيها في منزل جدي وهو عامر بوجودها، ولا أنسي ابدا ذلك الشعور الدافئ الذي كنت احسه في ظلها، فكان موتها بالنسبة لي خسارة فادحة لا تعوض خاصة انها الوحيدة من بين الأجداد التي ظلت حية حتى أصبحت اعي ما يدور حولي ...


يتبع،،