الموضوع: كشكول منابر
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2016, 09:52 PM
المشاركة 1946
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي
خُلفُ الوعدِ خُلق الوغدِ !
رجع الملكُ إلى قصره في ليلةٍ شديدة البرودة
ورأى عند باب القصر حارساً كبيراً في السّن واقفاً بملابس رقيقة
فاقتربَ الملكُ منه وسأله : ألا تشعرُ بالبرد ؟
فردّ الحارس : نعم أشعر بالبرد، ولكنّي لا أملكُ لباساً دافئاً، ولا سبيل لي إلا أن أصبر
فقال له الملك : سأدخلُ إلى القصر الآن وأطلب من أحد خدمي أن يأتيك بلباس يُدفئك
ما إن دخل الملك إلى القصر حتّى نسيَ وعده
وفي الصباح كان الحارسُ قد فارق الحياة وإلى جانبه ورقة كتبَ عليها :
أيها الملك : كنتُ أتحمّل البرد كل ليلةٍ صامداً ، ولكن وعدك لي بالملابس الدّافئة سلب منّي قوّتي وقتلني !
.
.
الدّرس الأوّل :
عندما تعدُ فِ بوعدكَ !
فأنتَ لا تعرف أي أحلام بناها الذين وعدّتهم
فوعدٌ لا تُلقي له بالاً قد يُصبح حياة أحدهم كلّها
المرأة التي تعدها بالزّواج لن تستطيع أن تعيش حياتها كما كانتْ قبل وعدك
وعاطلٌ عن العمل تعده بعمل لن يتكيّف مع بطالته كما كان قبل وعدك
الخُذلان موجع ...
والنّاس يبنون على الوعود أحلاماً وحين تهدم حلم أحد تكون قد هدمت حياته فعلاً !
.
.
الدّرس الثّاني
كان السّموأل يهوديّاً ولكنّه كان شهماً
فضربتْ به العربُ المثل في الوفاء
وكانتْ إذا أرادتْ أن تمدح شخصاً بالوفاء قالت : فلان أوفى من السّموأل !
كان السّموأل صديقاً للشاعر الشهير امرىء القيس
وبعد أن قتل ملك كندة والد امرىء القيس
جمع امرؤ القيس سلاحاً ودروعاً كثيرة وأودعها السّموأل
وذهب إلى قيصر يطلب منه المدد لاسترجاع ملك أبيه
فعاد من عند قيصر صفر اليدين ، ومات بعدها كمداً وحزناً
ولما علم ملك كندة بموت امرىء القيس أرسل إلى السّموأل يطلب أمانة امرىء القيس
فرفض السّموأل وقال له : لا أعطي الأمانة إلا لورثته
فلم يجد ملك كندة بُدّاً أن يحارب السّموأل ليحصل على تركة امرىء القيس
فلما حضر بجيشه دخل السّموأل حصنه المنيع كعادة اليهود وقتذاك إذ كانوا يتّخذون حصوناً
وكان ابن السّموأل خارج الحصن فقبض عليه ملك كندة
وناداه فأطلّ عليه السّموأل من أعلى الحصن
فقال ملك كندة : أعطني تركة امرىء القيس، وأُخلي سبيل ابنك وإلا ذبحته أمام ناظريك
فقال له السّموأل : ضياع ابني أهون عندي من ضياع مروءتي !
فذبح ملك كندة ابن السّموأل وعاد أدراجه
فحفظت العربُ هذا الوفاء المذهل وقالتْ قولتها الشهيرة : أوفى من السّموأل !
.
.
الدّرس الثّالث :
لا تتخذ قراراً وأنتَ في شدّة غضبك
ولا تقطع وعداً وأنتَ في شدّة فرحك
الغضبُ يعمي العقل فتريّث
والفرح يغرقك في نشوته فتمهّل
عندما نغضب لا نفكّر إلا بالانتقام
وكلّ قرار يضرمه الحقد قرار خاطىء
وعندما نفرح لا نُفكّر إلا بالمكافأة
وكلّ قرار في نشوة الفرح قرار مُتسرّع
فامسك زمام نفسك !
.
.
الدّرس الرّابع :
كما عرفت العربُ السّموأل بوفاء العهد
عرفتْ عرقوب بخُلفِه ، فإذا أرادت أن تذمّ أحداً بخلف الوعد قالت :
أكذبُ من عرقوب !
وعرقوب رجلٌ من العماليق كان عنده نخل
فأتاه سائلٌ يسأله صدقة
فقال له عرقوب : إذا أطلقتْ هذه النّخلة فكل طلعها
فلمّا أطلقتْ أتاه حسب الموعد
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير بلحاً
فلما أبلحتْ أتاه حسب الموعد
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير زهواً
فلما زهتْ أتاه حسب الموعد
فقال له عرقوب : دعها حتى تصير تمراً
فلما أتمرتْ عمد إليها عرقوب في الليل وقطعها ولم يعطِ السّائل شيئاً
فصار عند العرب مثلاً
فدافعْ عن سمعتك
وفاء واحد قد يرفعك رفعة السّموأل
وخلف واحد قد يحطّك حطّ عرقوب
.
.
الدّرس الخامس :
إن لم يأتِ في خلف الوعد سوى أنّه إحدى آيات المنافق لكفى
ومن كان فيه خلف الوعد كان فيه آية من نفاق حتى يدعها
وقد قالت العرب : وعد الحرّ دَين
وقالت : الحرّ إذا وعد وفى
لأنّهم كانوا يعتقدون أن الفارق بين الحرّ والعبد ليس لون البشرة
وإنما لون الأخلاق
فلا تكن حرّاً بهيئتك عبداً بأخلاقك !
أدهم شرقاوي / كتاب " حديث المساء "