عرض مشاركة واحدة
قديم 01-21-2015, 09:58 PM
المشاركة 8
الفرحان بوعزة
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
اللص البريء
سرق الأضواء وكسب ود الجماعة...
أعجب الزعيم بمواهبه فدعاه إلى حفل عشاء أقيم على شرفه....
وقبل أن يشعل الشموع الحمراء خلا به وأطفأ ضوء عينيه....
سرق الأضواء / بطل جريء استطاع أن يغير مكانته الاجتماعية عن طريق تخطيط وتدبير محكم قد يتطلب زمنا ، بالإضافة إلى المداهنة والمراوغة وقدرته على استمالة قلوب الناس ،فهو يتنصت على عقولهم وعواطفهم ، ويعرف جيداً حاجاتهم ورغباتهم ...بطل استطاع أن يسكن وسط الجماعة فكسب محبتهم وثقتهم ..وما دام الكاتب استعمل / سرق / فهو لا يستحق هذه المحبة ،فهو غير جدير بها ، وإنما انتزعها بالتدريج من آخر يمكن أن تكون له خبرة في الزعامة ..
أعجب الزعيم بمواهبه / ولو كان صادقاً في تقييمه لمواهب البطل ،فإنه إعجاب مبطن بالخوف من إزاحته وأخذ مكانته ،لذلك هاجم قبل أن يكون مهاجماً ،وما حفل العشاء إلا شرك للإيقاع به ، فقد أوهم البطل أنه أضاف لنفسه ضوءاً جديدا ،لأنه لم يعتد على مثل هذا الاهتمام المبني على المصلحة ..
وأطفأ ضوء عينيه / جملة سردية تحتمل تأويلات متعددة ،فإما أن الزعيم هدده وأرعبه بالحفر في ماضيه وسوابقه التي يعرفها الزعيم ، وإما قدم له رشوة من أجل التنحي نهائيا من الساحة الاجتماعية والسياسية ..وإما نكل به وعذبه ، فرغم أن دلالة الجملة / أطفأ ضوء عينيه /توحي أنه فقأ عينيه أو أمره أن يغمض عينيه عن ما سرقه من الجماعة ، لكن هذه الفرضية الأخيرة بعيدة في ظل حضور الجماعة وهو يعرف مكانة البطل بين الجماعة ،فليس من السهل تكسير تلك المحبة التي جمعته بالجماعة ..فمن هو اللص البريء؟
نص جميل جمع بين الاقتصاد اللغوي والدلالي ،نص ممتلئ بالمعاني والدلالات يتكئ على فجوات تدفع بالقارئ أن يملأها وفق ثقافته وتجربته ..مما يؤهل النص أن يحوز على مقومات القصة القصيرة جدا..
تقديري واحترامي أخي المبدع المتألق محمد أبو الفضل سحبان ../ الفرحان بوعزة ..