عرض مشاركة واحدة
قديم 09-20-2010, 10:27 PM
المشاركة 15
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

الفصل الرابــــــع ( أحلام صغيرة )






لتوي انتهيت من وجبة العشاء .. فاستدفأت أطرافي بزيت الزيتون الذي أحبه ممزوجاً بالزعتر ..
ولكن رجفة ما أخذتني بعيداً ذكرتني ببرد نالني بلحظة حزن ..
يوم مضى عليه زمن .. ويبدو أن الحزين يقوى عليه البرد أكثر
ذلك اليوم لا زال محفوراً بذاكرتي ..
لن أحدثكم عنه .. سأغلق الباب دونه .. ولن أسمح له بالتسرب إلى حياتي الجديدة في حضن خالتي ..
وبين هذا الكم من الأطفال الذين لمحت في عيونهم مستقبلي ..
قررت منذ اللحظة أن أفتح غرفة جديدة في الذاكرة وأرتب فيها أفراحي
.
.
.
.
.
وغبت .. وغبت
سرحت أفكاري بعيداً بعيداً .. ورغم أنني قررت ألا أحدثكم عن أحزاني الماضية
إلا أنها راودتني واقتحمت الفرحة الصغيرة بداخلي
أقاومها الآن .. فأنا لا أريدها
فلا تصروا علي بنبشها
لن أحدثكم عنها
سأقلب صفحة من حياتي
وأفتح أخرى أرجو لها البياض
.
.
.
.

صحوت على صوت خالتي تنادي على سماح :
تعالي خذي سناء إلى غرفتك واعتني بها جيداً ..
حضرت سماح بوجهها البشوش واقتلعتني من مكاني تبدي فرحتها بحضوري
التفت يميناً لأرى أحمد قبالتي
ومن غير وعي مني تأملته وأحسست أن في عيونه شيئاً يود أن يقوله
وما أن صفعتني نظراته الحادة حتى طأطأتُ رأسي خجلاً ..
وأبديت استعدادا مصطنعاً لمرافقة سناء إلى غرفتها
فنظراته لم تكن عادية .. كنت أعرف أحمد مسبقاً .. وأذكر أنني التقيته قبل أكثر من سنة
حيث حضرت خالتي لزيارة أمي وكان برفقتها .. ولم تكن سو لحظات تلك التي رأيته فيها
لكنه اليوم كبر وكبر وشعيرات ذقنه تبدو واضحة ..
إذن أحمد لم يعد صغيراً كما كنت أظن
إنه صار رجلاً

رافقت سناء .. وسناء لا تسعها الفرحة لقدومي دون أي إحساس بمصابي
فكل همها أن ترى لها رفيقة أنثى في هذا البيت المليء بالذكور


جلست على أول مكان واجهني فجسدي المنهك لا يحتمل الوقوف
جلت بنظري في أنحاء الغرفة .. سرير كبير ..
بطانية جرداء .. كرسي وطاولة عليها كتب مدرسية ..
أما الجدران ففيها صور لرجل رأيت في عيونه حزناً يشبهني
وعندما سألتها : من هذا ؟
قالت : إنه مطرب مشهور كل الفتيات يحببنه وأغانيه جميلة
عبد الحليم حافظ .. ألم تسمعي به ؟؟
وأخذت تدندن ببعض أغانيه ( يا خلي القلب .....)
جلست على السرير قبالتي .. وكأنني سقطت عليها من السماء
وعاء تفضي بداخله أسرارها المراهقة ..
فهي لا تجد من يشاطرها أحلامها الصغيرة ورؤاها المستقبلية مع ابن الجيران ( علي )
وبدأت تحكي وتحكي .. فقد شجعها على ذلك هدوئي ..
وهي لا تدري أن سكوتي لا يعني أني أنصت لها !!
لكنني وجدت نفسي مرغمة إلى الاستماع إليها .. فبين فترة وأخرى تهزني وتلتقط من فمي ردوداً على أسئلتها البريئة
حدثتني عن نظرة .. وابتسامة .. وسلام .. وحب ..
لم أكن أعلم وقتها ما معنى الحب ؟
كل ما أدركه من دنياي أنني أحب أمي وفقدت من أحب ..
شاركتها همساتها بنظرات كلها استفهام ..
شاطرتها فرحتها بحبها لعلي ..
لكنني على أي حال وجدتُ في نفسي الحكمة ..
فلم أبخل عليها بنصيحة أخوية تقيها السقوط في الخطأ ..
كم كانت جميلة باستجابتها لنصائحي ....

ومر الشهر يتلوه شهر
ومرعام بأكمله .. أحسست فيه أنني أخوض معركة جديدة لكنها على أية حال لا تشبه المعارك التي خضتها سابقاً
معركة جميلة .. فصرت - شيئاً فشيئاً - حزناً أتوسّع في فرح







....... يتبع
مع تحياتي ... ناريمان الشريف