عرض مشاركة واحدة
قديم 06-17-2016, 11:24 PM
المشاركة 37
ياسر علي
من آل منابر ثقافية

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
المعرض الفلاحي الأول لتالوين ، حول ملعب تالوين لكرة القدم كانت الخيام منصوبة ، أروقة عديدة ، كل ما تنتجه تالوين ، بداية بالزعفران ، المنتوج الأول في منطقة سكتانة و منطقة أسكاون إلى تازناخت ، إنه الذهب الأحمر ، المعيل الأول للعديد من الأسر في تلك البلاد الجبلية الباردة ، تلك الوردة الأرجوانية تُخرج من ثغرها الباسم خيوطا دقيقة حمراء كألسنة الحيّات ، هذا الخيط الأحمر هو معبود تالوين ، قد يكون زيت الأركان نادرا في العالم كلّه لكونه يتستوطن سوس فقط ، و ربما نوع آخر من هذه الشجرة يوجد في المكسيك حسب معارفي القديمة ، وأنت تتجول في المعرض سترى الأركان و كيف يتم عصر زيوته ، سترى الثوم البلدي و الرورمي ، سترى اللوز والجوز ، سترى الحبوب ، سترى كل الصناعات التقليدية الموجودة بالمنطقة ، سترى أنني كنت هناك أسير من خيمة إلى خيمة ، البارحة فقط كنت هنا ، رأيت كل هذا مع زملائي ، رأيت الطاحونة التي ابتكرها واحد من هوّاة الصّناعة في قرية نائية ، رأيت الكثير ، اليوم لا تستمتع عيني بكل هذا ، بل فقط أستحلي الدّوران ، كنّ ثلاثة يقتحمن الخيمة فتضيء الدنيا ، سحر عجيب أراه في المناديل المطرّزة ، في الزرابي المزخرفة ، في نقوش الحناء عند العارضات ، في الرحى المنحوتة بإزميل فنّان منتش برؤية القمر، هكذا بدأت أدور المعرض مخدّر الإحساس ، كلما التفتت تجدني هناك بالقرب ، كلما رأيت عينيها تمنيت لو تعودا قريبا ، كيف أنت يا لؤلؤة ، يا من يغار اللؤلؤ من بريق يضيء في تضاريسك ، أرى امتداد يدها نحو سريدة صوفية سردتها فنانة عظيمة ، صوفها حريري الملمس ، رقيق منساب ، رأيتها تذوب في رحاب الليونة ، رأيتها تعانق الوجه الصبوح ، رأيتها فلا أستطيع غير الدوران ، إن بقيت هنا العمر كلّه ، فكلما استدرت نعم ستجدينني بالقرب . لماذا ؟ لا أعرف ، أنت قصيدة جميلة ، أنت تغريدة في ليلة ساكنة ، أنت شعاع قمر ، أنت ماذا ، لم أر بعد شيئا قد يكون أنت ، فأنت أنت .
لم أخبركم أنّني الآن أسكن دار الطالب رفقة مئتين و يزيد من الأطفال والمراهقين ، ربما هناك بينهم من يظهر لنا وقتئذ كرجال اكتملت رجولتهم ، رغم أنّهم في بداية الثانوي ، حتى تالوين ما بدأ فيها الثانوي إلا يوم التحقت بها ، تازناخت أيضا ما كانت بها إعدادية إلا عندما التحقت بتالوين ، كان المئات من طلبة تازناخت يدرسون في تالوين ، لكن هذا العام بالضبط غادروا بأفواج كثيرة ، إنهم يبتعدون عن تالوين بأكثر من مئة كيلومتر جهة وارزازات ، بعضهم الآن لا يزال بدار الطالب ، كما أن أفواجا من تلاميذ أولاد برحيل يلتحقون بتالوين لاستكمال الثانوي ، تبتعد هي أيضا بأكثر من سبعين كيلومترا جهة آكادير ، كلهم يسكنون القسم الداخلي ، كان هذا الملعب الذي أقيم عليه المعرض يشهد لقاءات نارية في كرة القدم بين أربعة فرق لا ترضى أي منها الهزيمة ،"تابيا" أو لنقل الحي الذي توجد فيه الثانوية ، "تكركوست" أو لنقل الحي الأكبر في تالوين ، دار الطالب أو فرقة تازناخت ، و القسم الدّاخلي أو بصفة أدقّ أولادبرحيل، مباريات نارية كثيرا ما تنتهي بالعصي والحجارة، أمّا السّباب والشّتم فحدّث ولا حرج ، نفس الفرق تكون أيضا في صراع عند أي بطولة في نوع رياضي آخر ، حتّى و لو تعلق الأمر بالكرة الطائرة ، و كرة السلة أو كرة اليد .
سوء الحظ يلاحقني ، في اللغة الفرنسية ، مرة أخرى عام بلا فرنسية، أستاذ مريض في حضوره كما في غيابه الذي قد يطول شهورا ، الرياضيات هي فرسي اللّعوب ، كلما انطلقت لن يكبح جماحها أحد ، اللغة العربية ، يا إلهي ، ماهذا ؟ جئتم مجتمعين من الشعر الجاهلي والإسلامي ، من الغزل إلى الهجو إلى المديح ، انس عنترة و فخره ببني عبس ، اترك طرفة العبد ، وامرئ القيس ، هات جميلا أقبل رأسه ، يا صاحب بثينة ، ماذا فعلت بي يا رجل ، محورت أشعارك مرارا ، و كررت ، ماذا فعلت في دنياي لتكون أنت و المنفلوطي في طريقي ، اتركاني غدا أبدل أحبابا و أوطانا ، قهرتني ماجدولين يوما فلم جئت يا بثينة . ألا ترحمون الناس أيها الشعراء كما الأدباء .
جميل أن يكون الّذي يحتلّ المرتبة الأولى في تاركا معي في القسم مرة أخرى بعد عامين من الفراق ، هنا سأعرف إن كنت أتقدم أم أنّني أتقهقر ، لا تنسوا فهو أدبي الملامح ، عند الطبيعيات ، ندرس الجيولوجيا ، قمنا بخرجة إلى الوادي رأينا كل الظواهر الجيولوجية الموجودة في المقرر ، هذا من حسنات المناطق الجبلية ، الطبيعيات هي أسهل العلوم ، سواء تعلق الأمر بالجيولوجيا أو بالبيولوجيا ، الطريف حقّا هو أنّ أستاذ الطبيعيات يسألني في كل حصّة و يدوّن على مذكّرته بقلم الرّصاص، يا أستاذي أنا لا أراجع الدروس إطلاقا ، منذ هذه السنة سوف لن أفتح دفترا خارج الفصل ، حتى تلك الواجبات التي كنت أنجزها سابقا مثل تلك التمارين التطبيقة ، كفى ، الحرية المطلقة ، وداعا لكل التزام ، رغم ذلك فعلومك يا سيدي كشرب الماء ، تلتصق بدماغي يا أستاذ ، فاستجوبني في كل حصة ، ستجدني حاضرا ، ألا يوجد في في الفصل غيري يا أستاذ ، بدّل ، كم نقطة سجلت إلى الآن ، لا أدري ، الحصة الأخرى نورالدين لعوطار قم ما هو الفالق ؟ ماهي الطيّات ؟ ما هي الصخور الرسوبية ؟ ألا تستحي يا أستاذي ألا تنقّط للآخرين ، لا يهمك إلا أنا ، لا بأس جميل ، يقولون أنك طيب ، الكلّ يصفك بأنك لطيف ، بأنك و أنك أتاجاوز عنك .