عرض مشاركة واحدة
قديم 01-31-2011, 12:51 AM
المشاركة 5
رقية صالح
أديبـة وكاتبـة سوريــة

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
وهناك كثير من الشعراء والروائيين ممن اهتموا بالخيال مثل وردزورث وكولردج وبليك وبرنز وبايرون وساثي وكيتس وهيزليت Hazlitt وشِلي Shelley في إنكلترا، وهاينة وغوته وشيلر في ألمانيا، وهوغو وموسيه وروسو وبودلير في فرنسا، وبوشكين في روسيا، وليوباردي Leopardi في إيطاليا، وميكييفيتش في بولندا، وإدغار آلن بو وإمرسون في أمريكا، والشعراء الأندلسيون والمتصوفون وكذلك الشعراء العرب الحديثون الذين تأثروا بكولردج ووردزورث.


وكان للخيال أهمية كبيرة في الفكر الأندلسي، فقد عُرف الشعراء الأندلسيون من مثل ابن شهيد وابن سهل وابن زيدون وابن خفاجة بشعرهم المتميز ببراعة التصوير والاندماج في الطبيعة ووصف مناظرها الخلابة من خلال اللغة والتصوير والتشخيص. وقد يندمج الخيال والمخيلة والفانتازيا لخلق عمل أدبي أو فني، كما في «رسالة الغفران» لأبي العلاء المعري التي حاول فيها ارتياد عالم الغيب مطلقاً العنان للخيال واللغة وللعلاقات بين الأزمنة والأمكنة ولتذويب الفواصل بين الكائنات والجمادات، كما اكتسب الخيال عند الصوفيين أهمية بالغة، فأصبح عند ابن عربي محورياً في إبداع النصوص التي تتطلب كتابتها برأيه تعطيل المنظومة الفكرية الذهنية المنطقية ليتسنى للخيال ممارسة دوره ووظيفته الأساسية، ألا وهي «التحرش بالمحال».


اشتهر بعض أدباء المهجر مثل جبران خليل جبران وإيليا أبو ماضي باللجوء إلى الخيال لإنتاج رموز شعرية تزخر بالصور والمعاني، ولجأ آخرون إلى التجربة الباطنية والمفاهيم الجمالية والتحرر في الأسلوب والانفعالات، ومالوا إلى التحدث عن خلجات النفس ومناجاة الطبيعة، واتسمت أعمالهم بطابع الذاتية والفردية والتأمل والغيبية والتصوف والرجوع إلى الماضي والهرب من الواقع. وفي حين اكتفى البعض من الخيال باستخدام الصور المجازية بقليل من التعمق، فقد تجاوزه آخرون وصولاً إلى سبر أغوار العقل الباطن والتوجه نحو الغموض والإبهام والرمزية المفرطة في بعض الأحيان، ودمج الحلم باليقظة والوعي باللاوعي، كما فعل أمين نخلة وجبران، الذي نقل القارئ بخياله إلى جو النبوءة، وكذلك محمود درويش والصيرفي وبدر شاكر السياب، الذي عبّر عن واقع مأسوي عاشته بلاده، بصورة تكاد تكون كشفاً عبقرياً عن واقعها المستقبلي أيضاً.


ويضفي هذا التمازج بين الحقيقة والخيال على الشعر غنى في قوة الرمز وبعداً فلسفياً وملحمياً وأسطورياً. ولابد من التمييز بين الفن القصصي الذي يسعى إلى خلق عالم من المخلوقات الغريبة في فضاء متحرر من قيود الزمان والمكان بهدف الإبهار والإمتاع والإثارة، كما في الفانتازيا، وبين الفن القصصي الذي يخلق عالماً جديداً، بقوة الخيال والمخيلة، بهدف البحث عن الحقيقة.


وفي حين انحسرت قيمة الخيال أمام قوى الواقعية الصارمة والمادية المتطرفة المعاصرة والتقدم التكنولوجي فقد انبرى كثيرون للدفاع عنه، ومنهم ميخائيل نعيمة الذي نادى بإعادة الاعتبار إلى الخيال بوصفه برزخاً يصل بين القيم الروحية الميتافيزيقية التي هي أساس التجربة الشعرية وتلك التي تحكم الوجود المادي.



ريما الحكيم




مراجع- ابن سينا، الإشارات والتنبيهات، تحقيق سليمان دنيا (طبعة دار المعارف، مصر 1961).
- ألفين كرنان، موت الأدب، ترجمة بدر الديب، ط 1- [د. م.]،المجلس الأعلى للثقافة، المشروع القومي للترجمة، 188 (دار المدى، دمشق).
- يوسف سامي اليوسف، الخيال والحرية: مساهمة في نظرية الأدب (دار كنعان للدراسات والنشر، دمشق).
- مجموعة من المؤلفين، الخيال الأدبي، ترجمة حنا عبود (منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1995).

- NORTHROP FRYE, The Educated Imagination (Bloomington 1964).
- R.L.BRETT, Fancy and Imagination, The Critical Idiom -London 1969 .
- The Theory of Criticism: from Plato to the Present, A Reader, ed.Raman Selden, -London 1988 .
- Alston and Georgc Nakhnikian, Reading in twentieth Century Philosophy (Macmillan, London 1963).

هذي دمشقُ وهذي الكأسُ والرّاحُ
إنّي أحبُّ... وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ لو شرحتمُ جسدي .. لسالَ منهُ عناقيـدٌ وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم .. سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
زراعةُ القلبِ تشفي بعضَ من عشقوا .. وما لقلبي إذا أحببتُ جرّاحُ
مآذنُ الشّـامِ تبكي إذ تعانقني .. وللمآذنِ كالأشجارِ أرواحُ
للياسمينِ حقـوقٌ في منازلنا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا .. فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
هذا مكانُ "أبي المعتزِّ".. منتظرٌ ووجهُ "فائزةٍ" حلوٌ ولمّاحُ
هنا جذوري هنا قلبي .. هنا لغـتي فكيفَ أوضحُ؟
هل في العشقِ إيضاحُ؟

- - - - - - - - - - - - - -
(أعشق وطني والمطر)