عرض مشاركة واحدة
قديم 10-03-2011, 12:45 PM
المشاركة 1089
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
اي ام فورستر

تكشف سيرة حياة فورستر انه كان الابن الوحيد لأبيه المدمن على الكحول والذي مات وعمر فورستر لم يتجاوز العام، بسبب ذلك الإدمان.

والمدقق في هذه السيرة يجد أن فورستر انطبع بعدة مميزات شخصية لا يمكن فصلها عن واقع حياته ويتمه.

لقد ظل فورستر أعزب، وظل يعيش مع والدته إلى أن توفيت، وعرف عنه انه كان شاذ جنسيا احتفظ بعلاقات واضحة مع رجال خلال حياته.

ونجد انه كان إنساني الميول، وركز في رواياته واهتم في معالجة موضوع الصراع الطبقي، كما اهتم بالعلاقات الشخصية والعقبات الاجتماعية والنفسية والعرقية التي تقف في طريق مثل هذه العلاقات، وآمن بان الغرض من الحياة هو الحب، والابداع، والاستمتاع بالجمال، وعمل صداقات.

ورغم أن روايته "الـ هوارد" قصة اجتماعية كوميدية لكنها ذات مضمون مأساوي، وفي ذلك مؤشر إلى أن المبدع اليتيم حتى وان وضع ما كتبه في إطار كوميدي لكنه يظل أسير لمأساوية ظروفه الشخصية التي تنعكس في ما يكتبه، وربما ان ذلك هو السر الذي يبدو الأعظم تأثيرا في المتلقيين، حيث يبدو أن الكتابة حول مآسي الطفولة واليتيم والبؤس والظلم الاجتماعي من أهم الموضوعات ذات الأثر المزلزل على المتلقيين.

وخلاصة القول ،،
لا شك أن يتم فورستر المبكر ومأساوية حياته، كونه الابن الوحيد لأب سكير مات بفعل إسرافه في الخمر، هو سر عبقريته وقدرته على إنتاج روايات عبقرية، واحده منها اعتبرت من أروع 100 رواية عالمية..

ومن الواضح أن تلك الطاقة الهائلة التي تتشكل في الدماغ على اثر الزيادة في حدة المأساوية في حياة اليتيم تجعل ميوله إنسانية، وغالبا ما نجده يدافع عن الطبقات المهشمة والمظلومة، ويختار شخوص رواياته من بين الفقراء والبؤساء والمعوزين وما الى ذلك من طبقات مهمشه.

ولكن الزيادة في حدة الطاقة الذهنية الناتجة عن شدة مأساوية حياة اليتيم يمكن أن تؤدي أيضا إلى نوع من الشذوذ خاصة إذا ما اقترنت بسيرة حياة لأب مات من إدمانه على الخمر، وقد تمثل هذا الشذوذ عند فورستر بعزوفه عن الزواج وشذوذه الجنسي.

وهذا ما يشير إلى أن الجنون والشذوذ والإبداع ربما تكون أوجه لعملة واحدة ومصدرها جميعا يكمن في زيادة حادة في كيمياء الدماغ وطاقته.

وربما أن الشذوذ هو محصلة ظروف وتربية شاذة، وفي ظل غياب القدوة الحسنة، بينما نجد أن الإبداع هو نتاج ثقافة واسعة وتجربة غنية وبيئة داعمة في ظل قدوة حسنة. أما الجنون فينتج عن زيادة حادة في كيمياء الدماغ في ظل غياب البيئة الداعمة والفلسفة التبريرية، وغياب القدرة على التفريغ الإبداعي الذي يحقق التوازن.