عرض مشاركة واحدة
قديم 11-05-2010, 03:56 PM
المشاركة 27
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تَوَغَّلَ غَرْبًا وألْقَـى الغِيـابُ
نِصَالاً أصَابَتْـهُ فِـي مَقْتَـلِ

ويستمر الشاعر هنا في وصف حاله وهو يعاني من بُعد الحبيب وصدوده...فهو يمتطي صهوة القلق ويسافر مستوحشا وهو يَهذي ويستقل اللظى فيحترق بنار الحب والهجران ويأكل الحنظل فلا طعم لحياته بل هي بطعم الحنظل عندما يكون بعيدا عن الحبيب...

ولكن الأمر لا يقف عند ذلك الحد فهو يتوغل في سفره وتيهه إلى جهة الغرب أي جهة الغروب، وكأنه يقارن نفسه بشمس تغرب، وربما في ذلك إشارة إلى اتجاه معاكس لسكن الحبيبة، وهو بذلك الهروب والسفر والتوغل نحو الغرب يبتعد عن الحبيبية، فكان ذلك البعد بمثابة السكاكين التي ألقاها هو فأصابته بمقتل...

وهنا نجد أن الشاعر شخصن الغياب والبعد وجعله وكأنه في حدته مثل السكاكين القاطعة وقد أصابته هذه السكاكين بمقتل وهي كناية عن شدة الحب والألم من البعد والفراق...والمشكلة هي انه هو الذي تسبب بذلك الألم الذي أصابه حين توغل غربا لأنه هو الذي ألقى السكاكين على نفسه بتوغله غربا مبتعدا أكثر عن الحبيبة.

وفي هذا البيت أيضا نجد مزيدا من الحركة نستشفها من كلمة (التوغل)، وفيه صورة الغروب وهي صورة رومانسية لافته للانتباه وتعني الأفول والغياب والبعد وهي عكس الشروق وتوحي بما يصاحب الليل من الكآبة والوحشة والوحدة والشعور بالألم.

وفي الصورة الأخرى نرى سكاكين تتطاير لتصيب ذلك الحبيب العاشق الولهان بمقتل، فنكاد نشتم رائحة الدم الحار المتدفق من جراحه، ونتألم لألمه ونحن نراه وقد انغرست تلك السكاكين في جسده...خاصة عندما نعرف انه هو الذي ألقاها بتوغله غربا وفي ذلك تعبير عن قسوة البعد والفراق....

وفي ذكر المقتل ذكر للموت وذكر الموت في العمل الفني يذكر بأزمة الوجود والعدم، ثنائية الموت والحياة، وهو الامر الأكثر جذبا لذهن المتلقي لما تثير فيه من وجدانيات ومشاعر ومخاوف والم.

يتبع،،،