عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-2017, 03:14 PM
المشاركة 234
أميمة محمد
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
صانع الأحذية

ورث من والده دكانا صغيرا في حي قديم ، كان مشغلا لصناعة و اصلاح الأحذية . اعتاد فتح دكانه قبل صياح الديك ؛ ليتنسى له سماع زقزقة الطيور المغردة في حديقة المنزل المجاور ، قبل أن يعج الشارع بصخب حياة المدينة .
هو يريد توريثها لولده ، لكنه يدرك أن ولده قد يحمل طموحا مغايرا . كان طوال عطلة الأسبوع يفكر في ماهية طموحه ؛ فقد طلب المعلم موضوعا عن طموحات الطلاب . كان يفتح دكانه كل صباح بعد عودته من المسجد ، فيقوم ولده بكنس الأوساخ من أمام الباب لطرد الذباب ، وينظم المشغل قبل ذهابه إلى المدرسة .
لم تعتد الدكان على الزبائن في هذا الوقت ، لكن الأمر لا يخلو بين الحين والآخر . يوما ما جائه رجل مشرق الوجه ، أنيق المظهر ، يردتي قميصا أسودا لا تجاعيد فيه و بنطالا أزرقا قاتم اللون . دخل إلى المشغل وهو يحمل حذاءً وردياً صغيرا لطفلته ، لكنه أصيب بشق من الجانب . تبسم الرجل وأعطاه لصانع الأحذية طالبا منه إصلاحه . لبى صانع الأحذية طلبه وأعاده إليه كأنه جديد ، شكره الرجل وأخرج محفظته ليدفع أجر إصلاح الحذاء . فقال صانع الأحذية : عذرا ، يا صديقي إنها هدية يوم مولد ابنتك ، لقد أتمت السادسة من العمر ، أليس كذلك ؟
-رد الرجل متعجبا : كان هذا منذ شهور ! لقد أدخلتها المدرسة وكان هذا هدية يومها الأول ، حين عادت أمس لاحظت والدتها الشق لكن يبدو أن الصغيرة لم تلحظه . لا أريدها أن تحزن إذا تلف .
-صانع الأحذية : إذن كما قلت لك ... هدية يوم مولدها، ستحتاج لآخر العام المقبل .
أعاد الرجل محفظته و استعاد الحذاء، شكر صانع الأحذية و غادر بهدوء.
تعجب ولد صانع الأحذية من صنيع والده فسأله قائلا : أبي ، هل تعرف ذلك الرجل ؟
-صانع الأحذية : لا .
-الابن : إذن لمَ لم تأخذ منه مالا ؟ لا تبدو عليه الحاجة .
-الأب : استمع يا بني ، لقد علمني أبي ألّا أحكم على الناس من مظاهرهم ... لقد سقلت هاتين العينين لأكثر من ثلاثين عاما لأميز الغني من المتعفف .
-الابن : أذن ، كيف ذلك ؟
-الوالد : عزيزي ، الأغنياء لا يصلحون أحذيتهم ، والمقتدرون لا يصلحون حذاءً به شق كهذا الشق . صحيح أنه أنيق ؛ لكن ثيابه قديمة ... لو ركزت النظر قليلا ، لرأيت في قميصه بعض الثقوب الصغيرة ، قد لا تكون ظاهرة بوضوح لكنها موجودة. حذاؤه مهترئ بعض الشيء و محفظته فقدت لونها ... يبدو أن ليده زوجة رائعة تحافظ على مظهر زوجها مهما كانت حالته المادية ... تماما مثل أمك .
رد الولد : لازلت غاضبا لإحراقها قميصك اثناء الكي ... لقد شغلها بكاء أخي .
ضحك الوالد و قال : أمزح فحسب . بني ، يكفيني أن أرى سعادة الرجل حين خرج من الباب . دعوة صادقة من القلب تغني عن مال العالم .
ذهب الفتى الى المدرسة وقد وضع هدفه نصب عينيه ، وحين سأله المعلم أجابه بثقة : أربد أن أكون صانعا للأحذية ... تماما مثل أبي.
وفي تلك الأثناء ، كان الرجل قد أعاد حذاء الطفلة ، وارتدى بزة عمله البرتقالية وقفازاته الزرقاء الجلدية ، وحذائه ذو العنق الطويل ليخرج للعمل ... وبعد ذلك اليوم ما عادت دكان صانع الأحذية تشكو من الذباب مجددا.
قصة لطيفة يا زهرة الروسان النهاية رائعة أحببتها
البداية فيها تطويل وأفكار قد تشغل الطفل ولا تشعل شغفه بالقصة

ما رأيك ب..
كان يملك دكانا صغيرا في حي قديم ، مشغلا لصناعة و اصلاح الأحذية ، اعتاد أن يفتحه قبل أن يعج الشارع بصخب حياة المدينة . يتمنى أن يملكها ولده عندما يكبر إلا إنه قد يحمل طموحا مغايرا
ولده كان يفكر...

الأحداث في القصة متتابعة والهدف نبيل وبالطبع قصة رائقة للأطفال، أسعدتي قراءتها.