عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
45

المشاهدات
18159
 
عمر ابو غريبة
شاعر وأديب أردني

عمر ابو غريبة is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
468

+التقييم
0.09

تاريخ التسجيل
Jun 2010

الاقامة

رقم العضوية
9422
10-09-2010, 01:43 PM
المشاركة 1
10-09-2010, 01:43 PM
المشاركة 1
افتراضي الصورة النازفة (مجرد طفل عراقي)
الأستاذ علاء الأديب




الصورة التي أرفقتَها بقصيدتك(عين السماء على العراق تسيل) هزتني

ولا تزال فقد كانت أبلغ من كل شعر.

وها أنا أستعيرها هنا لأترجم بعض ما قالت لي:

الصورة النازفة

(مجرد طفل عراقي)

شعر عمر ابو غريبة




أتنظرُ وجهي أم هو الموتُ ينظرُ
يُطلُّ من العينينِ والدمُ يقطرُ

خبا فيهما تَوقٌ يلوِّحُ صاخباً
وغار بريقٌ للشقاوةِ مُضمِرُ

أنا ها هنا يا قرّةَ العينِ لا تخفْ
فكُفَّ صراخاً في فمٍ منك يفغرُ

تشبّثْ بأهدابي الغريقةِ إنني
أخاف عليك النأيَ عني وأحذرُ

لك الحضنُ مهدٌ والدموعُ مراضعٌ
وهيهات يدنو منك تُرْبٌ معفِّرُ

أدافعُ كفّاً للمنونِ تشدُّهُ
وأرجو حياةً والمنيّةُ تزجرُ

وأبكي لعلّ الموتَ يعطفُ حانياً
فيمعنُ جذباً للصبيِّ ويسخرُ

يغالبني فيك الردى وهو غالبٌ
ويقهر عزمي قاهرٌ بك يظفرُ

أحدّق في عينيك والدمعُ يقطرُ
وما ثَمَّ إلا قاتلٌ يتبخترُ

أراه بكفِّ الغدرِ يخفي وراءه
قنابلَ للأطفالِ ثُم يفجِّرُ

أيا أمِّ لا تبكي فدمعُكِ وقعُهُ
أشدُّ من الموتِ الذي فيَّ ينخرُ

أيا أمَّنا هذي يميني فكفكي
بها عبرةً تكوي جراحي وتعصرُ

ويا أمّ صفحاً لُطِّخ الثوبُ من دمي
وثوبُكِ يا أمي من الطهرِ أطهرُ

وكنتِ طلبتِ الخبزَ مني فعاقني
كمينٌ بدربي للمنيةِ يحفرُ

ترصّدني يا أمّ وحشٌ بعودتي
وزمجر من تحتي انفجارٌ مُدمِّرُ

فأقلعتُ يا أمي كطيرٍ محلِّقاً
وفي كفِّ حتفي حطّ جنحي المكسَّرُ

رغائفُ خبزي في الطريقِ تبعثرتْ
حَبَوتُ لها لكنّ حَولي مبعثَرُ

فلا تغضبي أماهُ طال تأخّري
فما كنتُ يوماً قبلَها أتأخرُ

وعفوَكِ يا أمي لقد متُّ باكراً
وددتُ لكي لا تحزني لو أُعمَّرُ

على اللوحِ مُسجىً غارقٌ في دمائه
كأن فراتاً تحته يتحدّرُ

هنا رافدٌ منه ومنيَ رافدٌ
على وجنتي ينسابُ دجلةُ آخَرُ

روافدُ للأحزانِ والدمِ تلتقي
وتلطمُ أمواجي الخليجَ وتهدرُ

وما بين نهريِّ الدماءِ وأدمعي
يزمزمُ طوفانٌ من القهر يزأرُ

عراقُ ألمْ يُتخمْ من القتلِ والِغٌ
وقد فاض بالأشلاءِ فمٌّ ومنخرُ

عراقي الذي منه العروقُ شواخِبٌ
ونهري الذي من دورةِ الدمِ أحمرُ

ألمْ تنطفئْ لابنِ الزنا منك شهوةٌ
فما زال يحتزُّ الرقابَ وينحرُ

ألمْ يتجشَّاْ من دمائك فاسقٌ
يعبُّ دمَ الأطفالِ رطلاً ويسكرُ

فيا معشرَ الأذنابِ عبّوا جيوبَكم
من النفلِ والأسلابِ والقَوْدِ وانفِروا

بكَم بعتمُ حزنَ الثكالى ودمعةً
سفحنَ تساوي كلَّ نفطٍ يُكرَّرُ

أمرتزقٌ من لحمِنا وصِغارِنا
ببخسِ دنانيرٍ على القتلِ تُؤجَرُ

خذوا نفطَكم عني إلى غيرِ رجعةٍ
ونحُّوا مُداكم عن دمي وتقهقروا

وعرشكم الهاري على جثتي وهى
فروموا بمالِ النفطِ شعباً لتشتروا

وَلدنا وأرضعنا دُمىً تقذفونها
بأقدامكم كي تستجمّوا وتسمروا

وما يُطرب الأوغادَ في لهوِهم سوى
ذبيحٍ من الأوداجِ والحلق يشخرُ

وصرخةِ رَوعٍ من صبيٍّ مفزَّعٍ
تغشّاهُ موتٌ بالفجاءةِ يجأرُ

فيا شِسعَ بسطارِ الغُزاةِ تطامنوا
صَغاراً وأنتم بالصَّغارةِ أجدرُ

وبيعوا دمائي ما استطعتم وقَوِّدوا
فهيهات أنْ يرقى العبيدُ ويكبروا

وأنى لكم أن تكبروا يا حثالةً
من الخزيِ في كاساتِه تتقعَّرُ

ويا ظلَّ محتلٍّ تطاول خلفَهُ
إذا اعتدلتْ شمسُ الظهيرةِ يقصرُ

دمُ ابني وآلاف الدماءِ روافدٌ
لدجلةَ تجتاح الغُثاءَ وتعبرُ

وصرختُه المكتومةُ الآنَ رَجعُها
يزلزلكم بالرعبِ فاللهُ أكبرُ.