عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
25

المشاهدات
9281
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
09-27-2010, 12:07 AM
المشاركة 1
09-27-2010, 12:07 AM
المشاركة 1
افتراضي حلمٍ لا يرتديه الوقت..


حلم لا يرتديه الوقت ...
دعني الليلة يا صديقي الأزلي أفصل حلما على مقاس لا يحده المنطق و لا يوقف من جنونه التعقل...
دعني هذه الليلة أخبرك كم كان اللقاء بعد طول غياب صعبا و مؤلما كما الغياب ذاته بل أشد وطأة
نكأ لي جروحا كنت أظنها استحالت ندبات على جدار الروح أقرؤها بيدي كل حين لأطمئن أنها مازالت موجودة و لأتحسس نزيزها الدامي رغم البعد جمالا لا تخطئه عين أدمنت الحزن ...لا أريد لهذه الندبة أن تزول أبدا و لهذا فلن أقصد عيادة التجميل لاقتصاصها من خارطة تاريخي معك ، وجودها يذكرني دوما بالجميل الذي كنا فيه و الأجمل الذي سيأتي ، أليس الذهب كامنا في طيات الأرض ثمينا و بريقه يخطف اللب ، أليس هو أجمل عندما تطهره النار و تطوعه و تكيفه كما تشاء ذائقة فنان؟
دعني أخبرك هذه الليلة كم طيرت من عصافير في سمائي و كم من نجمة سجّرتُ كي أنير دربك الليلي في الطريق إلي
دعني أخبرك أيضا و القول هنا ليس بنافلة ، إنما هو فريضة عين في رحاب البوح أني اشتقتك جدا، و في رحلة الانتظار الطويلة اعتدت في كل يوم أن أحكي لك قصصا كما تلك التي لشهرزاد في لياليها الألف ، غير أنني زدتها ثمانية ليال أخر و صغتها ليس من مخزون الذاكرة و لا من حكايات جدتي و لا من تلك التي قصتها عليّ دمشق يوما طوال مسيرة حياتي معها ، إنما هي بضعة من أحلامي التي تشتط طويلا في خيالاتها و رؤاها و ما الفائدة من الأحلام إن لم تمنحنا ما لا نستطيع و تحملنا إلى حيث لا نعلم ..
أمضيت ليالي كاملة أنسج كلماتي كما بينلوبي في انتظار أوليس تحيك نسيج الصبر و الاشتياق و مسرور السياف به شهوة أن يقطع عنق الحكاية المتربعة على عرش الذاكرة و يهدر دمها الطاهر ، و في الليلة العاشرة بعد الألف كنت قد وعدتك أن يبتر شهريار أصابعه و يرصها على طبق ذكراه العشقية لكنه خذلني و لم يفعل
عقدت العزم هذه المرة أن يكون لي القول الفصل فتوليت دور القابلة و قطعت الحبل السري الواصل بين الحكاية و رحم القطيعة و الغياب...طهرته بماء القلب القراح و ختمته بخاتم الوفاء و أعلنت أنها نهاية درب طويل ، بداية سفر طويل انكشفت عنه الحجب و اتسعت مساحة الرؤيا و وهبنا العبارة عمرا آخر و أمداء فيها يجتهد الصياغ لتكون المساحات محجوزة للأطهر و الأجمل
أتعرف يا صديقي الأزلي حال من يخرج من بركة أسنة تنضح بالعفونة ؟ أول ما يحتاجه هو تلك المياه المبتردة النظيفة و الأردية المطهرة و نوم قرير هنيء لا يكدره شيء و بالرغم من هذا تبقى رائحة العفونة ساكنة في إحساسه بالأشياء و ملمس الأشنيات اللزجة مطاردا له عندما يكون في أبهاء الحرير ...تلك ليست للعودة إلى المستنقع و إنما لنبتعد عنه قدر ما نستطيع !!
ربما مر وقت طويل منذ الشهقة الأولى للقائنا ، كان فارا من قبضة الحظ السيئ ،لم يستطع تلوينه بالسواد و لا حتى تلطيخه ببعض البقع الرمادية فقد امتلك قدرة تلقائية على لعق جراحاته و تطبيبها بقدرة مدهشة..
الغريب أنه كلما تغلغل في نسج الزمن ازداد رونقا و بهاء و طفت التفاصيل الصغيرة الدقيقة على شرفاته كما لوتسة مقدسة نبتت في بحيرة قديمة
تلك اللحظات قدر لها أن تهرب من مقصلة الألم بمقدرة عجيبة لتستقر في كف القلب شجرة مزهرة تضوع عطرا كل صباح ، تعطر الأمداء بالنسائم كل مساء ، تمنح الساعات و الدقائق زمنا إضافيا و انتظارا جميلا
هي لحظة نرتشف قهوتنا في بهوها الأمامي كما أصدقاء قدامي ما بقي لهم سوى اجترار الذاكرة ثم و في ذات الوقت تطلق العنان للبكاء و الضحك و أحيانا الجنون في حديقتها الخلفية
نحتت نفسها في جدار الوقت مدائن أثرية لا تطالها عوادي الزمن و لا عوامل الحت و التعرية ، مكتوبة بالخط الغائر أو الناتئ لأعيد قراءتها بأصابعي كل ثانية بطريقة برايل و أنا على يقين تام أنني سأحصل على منحة مميزة بالعثور على أحرف اسمك في نتوء الكلمات..
*بينلوبي : زوجة أوليس في الأوديسة جلست أمام نولها تحيك نسيجها سنوات طويلة في انتظار عودة أوليس