عرض مشاركة واحدة
قديم 10-15-2011, 12:33 PM
المشاركة 8
ريما ريماوي
من آل منابر ثقافية
  • غير موجود
افتراضي
توزيع التركة 8/8

مضت السنة بسرعة انشغل فيها كل شخص بتدبير أمره، وتنفيذ وصية عمه. وصلتهم رسالة من المحامي تذكّرهم بالموعد، وتحدّد مكان الاجتماع في مكتب المحامي، حانت ساعة الصفر والتقوا جميعا هناك وقد جهز لهم حفل شاي بسيط.

حضرت "رقيّة" مع زوجها الطيب "فراس".

"نانسي" مع زوجها السائق "محمود".

"عماد" مع العم "كريم".

"ماهر" جاء بمفرده وبتغيير جذري. لم يعد هزيلا بل اهتمّ ببناء جسمه وتنمية عضلاته، وأجرى عمليّة ليزيك استغنى بعدها عن نظارته الطبية، ولم يعد يتأتئ في الكلام، موضحا مخارج حروفه، كأنه انقلب مائة وثمانين درجة إلى شخص آخر جذاب.

وتقبل تهاني الجميع وقد أعجبهم شكله الوسيم وشخصيّته القوية.

أما "وسيم" فقد قدم متأبطا زوجته ذات الجمال الوحشي "سحر"،
وحضر كذلك خادم المرحوم، "سحر" ركضت إلى الخادم وعانقته، وعرّفته على زوجها "وسيم" بصفته والدها، أسقط في يده متفاجئا دون غضب بل ابتسم لحميه بلطف، هو يعشق الأرض التي تمشي عليها زوجته الحلوة "سحر".

بعدها اتّخذ كلّ موقعه وشغّل المحامي "الفيديو" من جديد وظهر لهم وجه عمّهم الباسم بضحكته المجلجلة، وبدأ في الكلام قائلا:

- أهلا بكم أقاربي الأعزاء أعرف انكم كرهتموني السنة الماضية كثيرا، لكن أصدقكم القول وصيتي كانت من أجل مصلحتكم أوّلا وأخيرا. أنا أحبّكم فعلا ولم يكن يرضيني ما آلت إليه أحوالكم، راجيا أن تكونوا قد استفدتم من هذه السنة ومن شروطي التي فرضتها عليكم.

وتوجّه بكلامه ذاكرا كل واحد باسمه:

- "رقيّة" شاهدت تغيّرك بعدما توفي زوجك في شهور العسل الأولى، هذا أصابك بصدمة شديدة أدّت إلى انغلاقك على نفسك، وأبعدت الناس عنّك، لا ترغبين أن يتكرّر حزنك. وراقبتك تحوّلين سخطك وغضبك وتصبّينه على خدمك، فارتأيت أن علاجك قيامك بدورهم، لعلي وفقت.

ثمّ أكمل:

- نانسي الجميلة كنت أعرف مشكلتك مع الأمومة. وراقبتُ الاستلطاف بينك وسائقي محمود. عرفت أنّك لن تتزوجيه بسبب عقدك الطبقية. مشكلتك الصحيّة قد تحرمك الأولاد وأولاده محرومين من أمهم، لهذا ارتأيت أنسب الحلول في زواجكما.

بارتباك مدت نانسي يدها على الطاولة أمامها فوضع محمود يده وضغط عليها بقوة. قال بصوته الجهوريّ: "يا جماعة أود أن أزفّ لكم الخبر السعيد، لقد عرفنا بالأمس أنّ نانسي حامل"، هتف الجميع مهنئين فرحين بالزوجين السعيدين. وهكذا نمت ثمرة الحب في أحشائها مذللة كل الصعوبات.

عاد المحامي يواصل العرض، فاستمر العم:

- عماد كم تألمت من أجلك عندما فقدت والديك معا، رأيتك تتحوّل إلى شاب متهوّر لا يهتمّ، فارتأيت أن عملك في دار المسنين قد يعيدك إلى جادة الصواب، ويعوضك الحنان المفقود.
بشبابك وحيويتك تستطيع أن تعوضهم هم أيضا عائلاتهم وأهاليهم. تبسّم عماد ونظر إلى العم "كريم" الذي وجد فيه خير تعويض.

تلك اللحظة هبّ المحامي واقفا وناول العم كريم أوراق تبنّي عماد الرسميّة ليصبح وريثه الوحيد عند وفاته، وكان قد جهزها مسبقا بناء على طلب العم "كريم".

تواصل العرض:

- "ماهر" كنت أراك شخصية عبقرية، لكن مشاكلك من جبن وتردد وضعف، كانت عوائق في طريق تقدمك ونجاحك، بعد تفكير شديد وجدت أن أحسن حل لك سجنك لمدة أسبوع مع المجرمين، مع ثقتي التامة بأنّ ذكاءك كفيل بإنقاذك من المآزق التي قد تقع فيها أثناء تنفيذك لهذه المهمة.

ثم رنّ العم ضحكته المعهودة. نظر ماهر إلى عمه الضّاحك عبر الشاشة، وفهم عبقريته هو الآخر إذ نجح في علاجهم جميعا. واستمر تأثيره عليهم حتى بعد وفاته.

واستكمل العرض:

- "وسيم" على الأكيد الآن عرفت أن سحر هي ابنة خادمي الوفي الذي رافقني مدة طويلة منذ أن كان شابا صغيرا في عمر عماد، هو لم يتوان أو يكسل أثناء عمله معي، لم يكن مجرد خادما بل نعم الصديق. تقديرا مني لجهوده تحمّلت تكاليف تدريس ابنته في أحسن المدارس وتكفّلت بمصروفها حتى تخرجت من الجامعة، لقد أحببتها كأنها ابنتي.

لما عرفت بمرضي الخبيث اتفقت مع أبيها كي نرسلها بالصدفة في طريقك، كنت متأكدا أنك ستحبها، هدفي سعادتكما واستقراركما أنتما الإثنين، فلقد رأيتك تسير في دربي وخفت من أن يصبح مصيرك مثل مصيري، وأن تعيش وحيدا وتموت مثلي وحيدا.

اكتفى "وسيم" بالنظر الى زوجته "سحر" التي يعشقها ويحبها. فلقد غفر لها ووالدها مخططهما مع عمه لإيقاعه في حبائلها، لأنّه وقع فعلا مع أجمل فتاة ساحرة.

وأنهى العم كلامه:

- والآن الحدث المرتقب، النقود.. إعلموا يا أقربائي الأعزاء بأنني عشت حياتي بالطول والعرض، وأخذت قروضا هائلة من البنوك، بعد تصفية تركتي وتسديد ديوني ودفع أتعاب المحاماة، سيتبقى لكم مبلغا معينا من المال سيعطيكم إياه المحامي لاقتسامه بينكم بالتساوي.

رفع المحامي يده ليريهم الشيك وقرأوا قيمة المبلغ، مائة (100) دولار فقط لاغير.

عم الوجوم الوجوه، كأن الطير فوق رؤوسهم، تكاد تسمع صوت الإبرة عندما تسقط على الأرض، وإذ بضحكة العم تجلجل من جديد من خلال الشاشة.

بدأت رقيّة فرنّت ضحكتها في قاعة المكتب، وتبعها الآخرين واحدا إثر الآخر حتى ضجّت غرفة المكتب بعاصفة من الضحك.

على صوت الضحكات أختم، راجية من العلي القدير أن تكون حياة الجميع مكللة بالسعادة والنجاح.



تحيتي: ريما ريماوي