عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2012, 02:57 PM
المشاركة 497
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
الكاتب العربي ما يزال يعاني منرقابة الدين والأخلاق والأسرة
الروائي التونسي صلاح الدين بوجاه
أجريالحوار: حاتم النقاطي

القدس العربي
28/07/2008

أصدر الروائي التونسي صلاحالدين بوجاه هذه الايام عن دار الجنوب وضمن سلسلة عيون معاصرة روايته "لون الروح" مضيفا للناقد وللقارئ استفهامات جديدة حول عمق ما يعبّر عنه في أدبه من إشكالاتداخل شخوصه وأزمنة وأمكنة وملامح حضورها في مخيّلتنا، وقد نال مؤخرا صاحبها بهذاالعمل جائزة كومار للرواية ولذلك فان شرعية الدخول لخلفيات كاتبها هي صورة أخريلتأويل عوالمها.
إنّ حتميّة انتماء الإنسان للزمان تؤكد حقيقة تطوّر علاقةالانسان بمحيطه واستيعاب تناقضات الواقع وتوحيدها عبر ذاك الوعي البشريّ القادر عليصهر الآن في ماضيه واستشراف القادم لتأسيس ذاك الوجود المنشود حيث الإمتاع والحرية. ولعلّ الأديب التونسي "صلاح الدين بوجاه" يحمل وعيا خصوصيا بالزمن اذ أنّ معرفتيبهذا "الانسان" تعود الي ثلاثين عاما خلت ولكنّ الزمن ما استطاع أن يغيّر جوهره،هادئا متأمّلا صريحا منفتحا علي كل الآراء مؤمنا بمساهمات الجميع لبناء النصالثقافي والابداعي علي حدّ السواء.
ما زال هذا الأديب منغرسا في الشأن العاممساهما في العمل الجمعياتي اذ أنّه علاوة علي عضويّته بمجلس النوّاب التونسيّفانّّه يترأس أعتي منظمة تونسيّة هي "اتحاد الكتّاب التونسيين" مجمّعا الفرقاءومشجّعا الكلّ علي الابداع والتقدّم بالنصّ وقراءته في آن.
ه
و صوت تونسيّ دخلالساحة العربية من جميع منافذها المشرقيّة والخليجية والمغاربية محاولة لعالميّةممكنة اذ في نصّه ذائقة إبداع انسانيّ رائدة أو هي أسئلة الروائي المهووس بذاكالغائب المختفي المسكوت عن صوته وصورته.
ولعلّ هذا الحديث محاولة لإضاءة نصّثريّ يتطلّب من النقّاد مغامرة الجدّة والصراحة لفهم الخفيّ والعــميقداخله.
لكلّ كتاب جديد اضافته فما الذي يحمله عملك الجديد للقارئ؟
الجديد فيمستوي المعني يكمن في الجمع بين فكرتي "التلصص" و" الإرهاب" فقد اخترت لروايتيالجديدة مكانا خارج تونس، صحراء العريس في القطر المصري الشقيق، الموجود علي بعدكيلومترات من الحدود الاسرائيلية. وفي يقيني انّ هذا الموضع مهم جدّا، لأنّه يحويكلّ المتناقضات التي تعالجها "لون الروح". وكنت قد أقمت هنالك أيّاما قمتُ فيهاببحث حول الطبيعة، من عصافير ونبات وصحراء وحيوان... أفادني كثيرا في كتابةالرواية.
بيد أنّ أهم عنصر أعتبره جديرا بالنظر في هذا العمل الجديد هو بنيته،فهي بنية مفتوحة، تكتب فيها الرواية مثلا ترسم اللوحة الزيتية رويدا رويدا... فلايكتمل العمل الاّ عند نهايته.
انّ النصّ يلعب دورا فاعلا في تحديد منزلة المؤلفلدي القارئ ولكن للناقد أيضا إضاءاته للنصّ اذ أنّه يساهم في تعريف القريب والبعيدبفحوي أبعاده. فما الذي أضافه النقد لأعمالك زمن "موت الكاتب وميلاد القارئ" عليحدّ عبارة "بارت"؟
أخشي أن أصدمك اذا ما أكدت انني لا أعتقد انّ النقد قد أضافالي أعمالي، أو الي مشروعي شيئا. وباستثناء نفر قليل من أساتذتنا لا يوجد نقد فيتونس.
اذا ما استثنينا كلاّ من توفيق بكار ومحمود طرشونة وحمادي صمود وفوزيالزمرلي... صعب أن نتحدث عن نقد في تونس بكل ما يعنيه مفهوم النقد من استناد اليمنظومة شرقية كانت أو غربية، ونقد النصوص وقدرة علي غربلتها. لهذا فانني أكاد لاأنعطف، اضافة الي الاسماء سالفة الذكر الا علي الزملاء هادي خليل وعادل خضر، ومحمدالغزي ومنصف وهايبي وعمر حفيظ وأحمد السماوي، فلقد تمكن هؤلاء من الغوص في جوانب منمدونتي الروائية.
أما في ما عدا هذا فإنني أعتقد انني لم أقرأ بعد قراءة شاملةتضع الامور في مواضعها، وتنخل نصي لتبرز ايجابياته وتشير الي سلبياته. أنا أزعمانني صاحب مشروع متكامل في كتابة الرواية، وانني في تونس غير مقروء بما فيهالكفاية. أما خارج تونس فأشير خاصة الي صبري حافظ وعبد الله ابراهيم.
ألا تريمعي أنّ الوعي النقديّ في ساحتنا الثقافية التونسية والعربية ما استطاع أن يضطلعبدوره الحقيقي داخل سلطة المألوف والسائد أي أنّه ما وجد بعد جرأة فحص "البواكير" فإذا به يعيد النظر في السائد المهترئ (محفوظ ـ الغيطاني) شرقا (الدوعاجي والمسعدي) تونسيّا مما أضاع فرصا ثمينة لتصفّح عوالم أدبيّة أخري هنا أو هناك؟
أنا معكتماما في هذا، بما أنه ليس لدينا نقّاد ـ الا فيما رحم ربك ـ فانّ أغلب "كاتبينا" يقنعون بالركون الي خانة المعروف المعهود لا يتجاوزونه. فبما أنه يوجد من كرّسهالاستعمال فما جدوي الغوص في مدونات ابداعية أخري.
يمكنني أن أزعم أخي حاتم اننيمقروء في مصر والشام أكثر من تونس. ولعل هذه المفارقة تعود الي انني قد التزمت بنشرأعمالي في كل من القاهرة وبيروت ودمشق فضلا علي البلاد التونسية وهو ما حدا بالناقدالمصري صلاح فضل الي مداعبتي بقوله : أنت معروف في القاهرة أكثر من تونس.
هذهمفارقة غير مريحة طبعا، ثم أنا لا أبحث عن أن أكون معروفا شخصيّا، انما أريد أنيكون نصي معروفا... وهذه رغبة كل كاتب في اعتقادي.
أنت اذن مع سلطة نصّ آخر يجدسلطته الفعليّة في قارئ ذكيّ فهل تؤمن حقّا بهذا القارئ والأمّة العربيّة تعاني منشبه أميّة بصريّة؟
لا أذيع سرّا اذا قلت انّ القارئ الذي أتوق اليه هو قارئمثقف. فالقارئ المثقف، بل متعدد الثقافات، هو الذي يعنيني. ومن نماذج ذلك الدكتورالهادي خليل، الذي أتحفني بقراءة من أبدع ما اطلعت عليه في السنوات الاخيرة.


ذلك انّ مراجعي متعددة بعضها عربي وبعضها أجنبي، وأنا واسع الاطلاع علي الرواية الغربية، وأرجو أن تكون نصوصي مندرجة ضمن سياقاتها العالمية.
نحن مكرهون علي المطالبة بقسطنا من انتمائنا الي الثقافة العالمية التي نعتبرها بشكل من الأشكال ثقافتنا. أنا ضد كل أنواع التقوقع، وأعتقد انّ لحظات الضوء في حضارتنا العربية هي تلك الموسومة بالاندراج ضمن السياق العالمي. ولقد تمكّن أجدادنا بفضل هذه الرؤية الذكية المتحركة من احداث تأثير كبير في الحضارة العالمية حولهم، ويعنينا أن ننجح في ذلك اليوم أيضا.
ألا تري أنّ تطوّر المجال الافتراضي ودخول الادباء والقراء الي هذا العالم قد خلق ذائقة أخري لمتابعة الفنون مما يحتّم علي الشريكين "القارئ والكاتب" تأهيل حضورهما واستبدال الورقي بـ "الملتيميديا"؟
الملتيميديا لا يمكن الاّ أن تكون من المتممات، فهي من قبيل النوافل ضمن العملية الابداعية، ويعسر أن تغدو أصلها. لهذا فمرحبا باللقيا الافتراضية بين الكاتب والقارئ... لكن دون استبدال الورق!
أنا وفيّ جدا للورق رغم انني أحسن استعمال الكمبيوتر، اذ أري أن صلتي بالكتابة هي صلة مادية بالورقة، لقد تربيت علي هذا ويصعب أن أبدل عاداتي.