الموضوع: قصيدة ((الأم))
عرض مشاركة واحدة
قديم 10-27-2020, 12:30 AM
المشاركة 36
محمد الصالح الجزائري
أستـاذ الأدب العـربي

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: قصيدة ((الأم))

أخوتي يحلو لي أن أسمي هذه القصيدة (قصيدة بالإكراه)
كنت ولا أزال أجد وهن قلمي وقصور أبجديتي
عن التعبير هنا ... وبعد أن وضع أستاذي علاء الأديب
في هذا المنبر موضوعاً عن مسابقة الأم على قناة المستقلة
قال ليَ اكتب ... ففعلت ...من عالمي الطيني الموحل إلى عالمٍ
أسأل الله أن يكون ضياءً في جواره الكريم


((الأم))



خبِّريني متى يحينُ فِطامي ؟
من دموعي ولوعتي وغرامي

يا مَلاباً طفَّفتُ أيامَ عمري
أحتسيهِ واليومَ أفرغتُ جامي

موسمَ الطيبِ عن شذاكِ ابتعادي
كم زرعتِ الدروبَ زهراً أمامي

أيُّها الأبجديَّاتُ هل من مَعينٍ ؟
لأغنيْ في راحتيها هُيامي

من يقلْ لي " بنيَّ " عزفَ انتشاءٍ
فتغنِّي صدى النداءِ عظامي

من يصافي مودتي في حديثٍ
أنتَ صفوُ الوجودِ عبدَ السلامِ

كنتُ نسياً وأنت سرُّ وجودي
وسكوني وهدأتي واضطرامي

يا انبلاجَ الضياءِ والدهرُ ساجٍ
وارتواءَ الشفاهِ والثغرُ ظامي

واخضرارَ الربيعِ والغصنُ عارٍ
ووقارَ الهدوءِ والخطبُ طامِ

من رحيقِ الحياةِ كان غذائي
وبحضن الحنانِ كان اعتصامي

كنتِ عُذراً إذا تلكَّأَ عُذري
وكلاماً إذا يضِلُّ كلامي

ولجيشِ الظلامِ كنتِ ضياءً
ولغدرِ الزمانِ كنتِ حسامي

أيها الفجرُ كم شهدتَ انتظاراً
لعيونٍ دموعها في سجامِ

أيها الليلُ كم شهدتَ اشتعالاً
لفؤادِ وجيبُه من ضِرامِ

أيها الدهرُ كم شهدتَ سؤالاً
عن ضَياعي عن صحتي عن سقامي

كلما في كهوفِ روحي تلظَّتْ
ذكرياتي احتسيتُها كالمُدامِ

أطلبُ النومَ والخيالُ سُهادي
علَّ طيفاً يعودني في منامي

أمُّ أنتِ الحياةُ أنتِ شذاها
أنتِ بردُ اليقينِ في إلهامي

بعدَك العمر كله سِقطُ عمْرٍ
بعدك الناسُ كلهم أخصامي

إن تقدمتُ ... كيف أقبلَ هذا ؟
أو تأخرتُ .. ما تَمَنَّوا قيامي

بعد أن غِبتِ كم تعثَّرتُ خَطْواً
وتلعثمتُ في حروفِ كلامي

وكأني أُعيدُ قصةَ عُمْرٍ
كنتِ فيه معلِّمي وإمامي

* * * *

حالتي تعلمينَ لا زلتُ فرداً
وصدودُ الزمانِ صعبُ الخصامِ

أُمسكُ التبرَ يستحيلُ رماداً
وأعاني من وحدتي في الزِّحامِ

هكذا صرتُ إذْ نأيتِ هباءً
كل ما في الحياةِ صعبُ المَرامِ

سنواتٌ بعد الرحيلِ عِجافٌ
كيف بعد الجفافِ يُخصبُ عامي ؟

آهِ يا قسوةَ البِعادِ أَصيخي
لخرابي فقد تهاوى حُطامي

ربِّ أكرمْ مَقامَها يا كريماً
أنت مشكاةُ نورِها في الظلامِ

لا ترُعْها إذا الجفونُ اشرأبَّتْ
لانبعاثِ الرميمِ يومَ الزحامِ

شفِّعِ الله خيرَ خلقكِ فيها
سرُّ هذا الوجودِ خيرُ الأنامِ

ما بلغتُ الفطامَ لا تسألوني
بعد أمي متى يحينُ فطامي


13/11/2010


أخي الرائع..صاحب الحرف المشعّ الأنيق..الروائع لا تموت..كالأمهات تماما..الأمّ خالدة في الوجدان..الأمّ أروع قصيدة لم تُكتب بعد ! آلمني حرفك وأسعدني في آن..من يصدق في وصفه للأم إلا كلّ ولد بارّ بها..فالشعر في الأم عصيّ ، فكيف في فقدها أيهذا الشاعر الشاعر!!؟؟ أبدعت أخي وصديقي عبد السلام أبدعت..تقبّل تحيتي واحترامي وتقديري وإعجابي..

قال أبي ـ رحمه الله ـ : إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا.