عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
6

المشاهدات
3459
 
طاهر عبد المجيد
كاتب وأديب فلسطيني

اوسمتي


طاهر عبد المجيد is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
165

+التقييم
0.03

تاريخ التسجيل
Apr 2010

الاقامة

رقم العضوية
9160
10-31-2010, 05:01 PM
المشاركة 1
10-31-2010, 05:01 PM
المشاركة 1
افتراضي بَيْتٌ للسُّكْنى
بيت للسكنى
د. طاهر عبد المجيد


ماذا في الشِّعرِ ومن يُعنى
بقصورٍ من ورقٍ تُبنـى

وموائدَ لا تُغني أبداً
من جوعٍ أو تملأُ بطنا

في زمنٍ أطلقَ ثورتهُ
بالعلمِ فصارَ لهُ سِجنا

وغدا الحاسوبُ لهُ قلباً
و«الأخضرُ» أذْنين وعَيْنا

وضجيجُ الآلةِ موسيقى
كالقطنِ يَسدُّ بها الأُذْنا

يَعزفُها في كلِّ صباحٍ
لنشيدٍ رقمــيٍّ لحنا

زمنٌ لا يملكُ من وقتٍ
كالفنِّ لكي يمشي هونا

ويُصيخَ السمع إذا أحدٌ
أنشـدهُ شعراً أو غنَّى

ما كان لأجمـلِ أبياتٍ
في الشِّعرِ وأكثرِها حُزنا

أن تلمسَ روحاً قد غارتْ
في جسـدٍ يحتكرُ الدُّهنا

* * *
أنتظرُ الشعرَ فلا يأتي
ويجيءُ فلا يطلبُ إِذْنا

يُملي ما شاءَ ولا يرضى
من عقلي أو قلبي عَوْنا

فأسابقُ خشية أن أنسى
ما يُملى فيقـولُ تأنَّى

لن أُلقي في روعكَ شيئاً
تألفــهُ أو مـا تتمنى

وكأنِّي لستُ سوى قلمٍ
مزروعٍ في يـدهِ اليمنى

أو أني فُرشةُ رســامٍ
تختزنُ الصورةَ واللَّونا

ولهذا فأنا لا أخشـى
ذماً في النقدِ ولا غُبنا

أوَ أخشى نقداً يمنحني
عيناً ثالثـةً أو ذِهنا؟

ويقيناً يُولدُ في شِعري
وَهْماً أو شكاً أو ظنَّا

ويُقلِّــمُ شِعري فيقوِّي
لي غُصناً أو يُنبتُ غُصنا

لكني أخشى منتقداً
يَغلو بالذَّمِّ إذا أثنى

ويحاكمُ شِعري بيقينٍ
لا يملكُ في فمه سنَّا

* * *
يَكتبني الشِّعرُ لكي يُعطي
لوجودي في الدُّنيا معنى

يجعلُها تُصغي لحديثي
وتُقيمُ لأفكاري وزْنا

وأراهُ يُعاملني كأَبٍ
يتمنَّى أن يُرزقَ إِبْنا

فيُتيحُ لعقلي أحياناً
أن يُبدي رأياً في المبْنى

فأنا أحتاجُ إلــى بيتٍ
في شِعري يَصلحُ للسُّكْنى

يطلقني من أسْرِ زماني
ومكاني فأجوبُ الكونا

وأعودُ وقد أصبحَ قلبي
من خوفي يَرتَشفُ الأمنا

ويكونُ الموتُ على مضضٍ
أحصى وتأكَّدَ مـن مِنَّا

سَيُضيفُ الفنُ لهُ عمراً
يُصبيهِ إذا كـان مُسنَّا

ويُشيِّدُ مما أبدعــهُ
وتَفرَّدَ فيه له حصـنا

فإذا ما الموتُ تَذكَّرهُ
وأتى يطلبهُ بالحسنى

فاجأَهُ البابُ بإعلانٍ
مكتوبٍ يا هذا دَعْنا

واذهبْ لأُناسٍ ما ابتكروا
في الدنيا عِلْمـاً أو فنَّـا

بلْ عاشوا فيها كالموتى
بل جُثثاً تنتظرُ الدَّفنـا

واعذرني يا موتُ فبيتي
من ساحةِ فِعلكَ مُستثنى

وببيتي هـذا أحسبُني
لا أّكبُر سِنَّاً بـل شَأْنا

وبهِ ستلاقي أحلامي
في غربةِ أيامي حضنا

وستبقى في كلِ زمانٍ
ومكانٍ أشعاري تُجنى

بشفاهٍ تبحثُ عن خمرٍ
طازجةٍ لم تَلْمسْ دِنَّا

وسيبقى الحبُ لها حبراً
تَفنى الأيامُ ولا يَفـنى

فاجعلْ يا موتُ علاقَتَنا
ثابتةً في الحــدِّ الأدنى

وأجبْ -من فضلكَ- من سَألوا
ماذا في الشِّعرِ وهلْ أَغنى؟



د. طاهر عبد المجيد