عرض مشاركة واحدة
قديم 10-21-2010, 03:35 PM
المشاركة 41
ايوب صابر
مراقب عام سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي
تابع ،،


قراءة في قصيدة الشاعر عمر ابو غريبة " الصورة النازفة - 5



عراقُ ألمْ يُتخمْ من القتلِ والِغٌ وقد فاض بالأشلاءِ فمٌّ ومنخرُ

عراقي الذي منه العروقُ شواخِبٌ ونهري الذي من دورةِ الدمِ أحمرُ

ألمْ تنطفئْ لابنِ الزنا منك شهوةٌ فما زال يحتزُّ الرقابَ وينحرُ

ألمْ يتجشَّاْ من دمائك فاسقٌ يعبُّ دمَ الأطفالِ رطلاً ويسكرُ



وفي هذا المقطع يتساءل الشاعر، وعلى لسان الأم الثكلى، وهو يتحسر على العراق وما آل إليه من وضع ومآسي: إلى متى يظل القتل والغلو فيك يا عراق؟ وقد اُتخمت به، أي القتل، وفُضت بالأشلاء التي تراكمت حتى كادت أن تصل إلى الأفواه والأنوف وهي صورة من صور يوم القيامة.


ويصف الشاعر العراق هنا وكأنه شخص قطعت عروقه فنزف الدم منه، لاحظ هنا استخدام كلمة شواخب، أي ينزف بشدة كأوداج الذبيحة عندما تُذبح لكنه ينزف دما قانيا حتى تحولت أنهاره دجلة والفرات إلى اللون الأحمر القاني بل أصبحت اشد حمرة من لون دورة الدم وهو كناية عن عظم ما تم إراقته من دماء من أبناء العراق وهي صورة أخرى من صور آخر الزمان.


ويتساءل الشاعر من جديد وعلى لسان الأم أيضا ويوجه سؤاله للعراق العظيم هذه المرة مستنكرا ما يحدث هناك: الم يكتف أولاد الزنا بهذه الأعداد التي قتلوها منك يا عراق؟ الم يشبعوا شهواتهم بالقتل؟ ألهذا السبب هم مستمرون في اجتزاز الرقاب ونحر الناس؟ ويستمر الشاعر في طرح الأسئلة مستنكرا ما يجري هناك: الم يصب هذا القاتل ابن الزنا بالتخمة من دماءك يا عراق بل من دماء أطفالك وهو يعب منها ويسكر؟


فيا معشرَ الأذنابِ عبّوا جيوبَكم من النفلِ والأسلابِ والقَوْدِ وانفِروا
بكَم بعتمُ حزنَ الثكالى ودمعةً سفحنَ تساوي كلَّ نفطٍ يُكرَّرُ
أمرتزقٌ من لحمِنا وصِغارِنا ببخسِ دنانيرٍ على القتلِ تُؤجَرُ
خذوا نفطَكم عني إلى غيرِ رجعةٍ ونحُّوا مُداكم عن دمي وتقهقروا
وعرشكم الهاري على جثتي وهى فروموا بمالِ النفطِ شعباً لتشتروا
وَلدنا وأرضعنا دُمىً تقذفونها بأقدامكم كي تستجمّوا وتسمروا



وهنا يتحول الشاعر لمهاجمة أذناب المحتل ونسمع صوت الأم من جديد فيخاطبهم مقرعا لهم..الم تكتفوا أيها الأذناب؟ الم تعبوا جيوبكم من السرقات والأنفال أي غنائم الحرب؟ الم تكتفوا بما حصلتم عليه مقابل خدماتكم القذرة ومن بينها القوادة؟ ويتوجه بالسؤال لهم مستنكرا أفعالهم: بكم بعتم أيها القُواد حزن الثكالى ودمعهن المسفوح والذي يعادل في قيمته كل النفط المكرر؟
ويتساءل الشاعر على لسان الأم أيضا من جديد مستنكرا أيعقل أن تكونوا مرتزقة تعملون في خدمة المحتل وانتم من لحمنا ودمنا!؟ أيعقل أن تكونوا من لحمنا ودمنا وانتم تعملون بابخس الأجور لتقتلوا وتدمروا؟

ويتوجه إليهم الشاعر مقرعا لهم... خذوا أيها المرتزقة الأوغاد النفط كله وارحلوا إلى غير رجعه ولكن توقفوا عن القتل وكفوا أيديكم التي تقطع أوصال أبناء العراق...ولا تظنوا أيها الأوغاد أن بإمكانكم شراء الشعب بأموال النفط التي سرقتموها.

وفي البيت التالي نعود لنسمع صوت الأم وهو يجلجل إذ تتوجه بالسؤال لإذناب المحتل فتسأل وتقول مستنكرة: أيها الأذناب الأوغاد هل ولدنا فلذات أكبادنا وأرضعناهم وقمنا على تربيتهم لكي تأتوا انتم لتتقاذفوهم بإقدامكم كالدمى وكأنكم في حفلة سمر واستجمام!؟

وقد أبدع الشاعر هنا من جديد في الوصف والتصوير إذ ربط ما يجري في العراق من أهوال وقتل وسكف دماء بأهوال وصور يوم القيامة فمن ناحية اصطبغ لون نهري دجلة والفرات بلون الدم وفاضت ارض العراق ولكن ليس بالعرق كما يحدث يوم القيامة وإنما بالجثث هذه المرة.

ثم ينتقل الشاعر ليستنكر بأشد العبارات وأقساها ما يقوم به أذناب المحتل من دور قذر حيث باعوا أنفسهم وعملوا مرتزقه عند المحتل وقاموا بكل أعمال القتل والقوادة والسرقات وسفكوا الدماء من اجل أن يعبوا جيوبهم من هذه الأعمال القذرة ومن أموال النفط . وما زال الشاعر يستنكر على هذه الفئة أعمالها ويقرعهم ويستنكر عليهم أن يكونوا من أبناء العراق وقد عاثوا فسادا فيه إلى حد أنهم يتقاذفون الأطفال بإقدامهم كمثل الدمى إذا أرادوا أن يتسامروا ويستجموا. فيقول لهم خذوا أيها الأذناب النفط ولكن ارحلوا وكفوا أيديكم عن أطفال العراق.

يتبع،،