عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2010, 12:12 AM
المشاركة 10
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: حكايات من ضيعتنا
...رحلة؟؟؟


نهار حافل قضيناه في أحد تلك البيوت الطينية ، اجتمعت العائلة على غداء قروي
انتقل الجميع إلى غرفة المضافة حيث فرشت الأرض بالسجاد الوثير و على أطراف الغرفة كانت الأرائك و الوسائد لراحة الجلوس
تصدرت الكبيرات في السن المجلس و بقيت الفتيات عند أطراف الغرفة يتبادلن ذات الحديث الهامس الممنوع غالبا
أديرت أكواب الشاي على الجالسات و كان لا بد منه ليزيح الدهون الحيوانية المشبعة التي استقرت في أمعاءنا
بدأ الناس يهوم بجناحيه الكبيرتين على أعين الرقيبات ...تبادلنا نظرات صامتة و انسحبنا واحدة تلو الأخرى في حركة مخابراتية متفق عليها و كان الاجتماع بصمت عند شجرة الجوز العتيقة
كل منا قد حمل في يديه كيسا يحتوي نقولات ، حلويات، فاكهة و.........دف!!!
غادرنا بمشي متلصص لا تكاد أطراف أصابعنا تلامس الأرض لئلا يحس بمغادرتنا أحد من النائمات
ابتعدنا شيئا فشيئا عن مرابعنا العامرة فابتدأنا بغناء فردي أولا ثم ما لبث أن انضم الجميع له تباعا ليغدو غناء جماعيا تراه فقط في اجتماعات التنظيمات الثورية ...
عند بوابة مربع آخر قابلتنا فتيات من لداتنا و قد حملن أكياسهن و كن في انتظارنا ليرافقننا الدرب
و من بوابة لأخرى كانت القافلة تتنامى وكان لا بد لها من قائد فانتخبنا لها قائدا كان أول مهماته أن يحصي عددنا فكنا ثلاثة و عشرين شابا و شابة بما فيهم جنين في بطن والدته
سرنا الهوينى في طريق الدرب الملكية و على منسرح النظر لا تكاد ترى إلا الخضرة مندغمة بسماء الصيف الزرقاء الصافية
نسيم الأصيل يلطف حرارة الجو اللاهبة و إما مررنا على غدير نغترف من مائه غرفة بأيدينا لنروي ظمأنا أو لتبترد وجوهنا و أيدينا
حيثما مررت في هذه البساتين ومددت يدك قطفت ثمارا صيفية دراق ...كرز...و لا نبالي ببقع تتسرب إلى ملابسنا دون انتباه
مشارف القرية لاحت لنا الآن حيث المنظر مهيب جدا ...حجارة بركانية سوداء فيها مغاور و جحور و ليس من صوت إلا رجع صدى أصواتنا تكسر حدة الرهبة
المكان يشيع بعضا من البرودة في دواخلنا لكن ما لبثت جرأة أتت من حداثة السن و العدد الكبير أن تولت زمام الأمور ..وضعنا أقدامنا على تلك الأرض على الرغم من يقيننا أنها ربما تحوي في ثناياها ضباعا أو ثعابين أو حتى جنيات
إمعانا في جسارتنا جلسنا على الحجارة السوداء و أعدنا الغناء و من ثم ابتدأ نقاش عن نشوء هذه البقعة و فرضيات كثيرة وضعناها لنضع ثلاثة منها موضع الاحتمال الأقرب الذي عززه وجود اللقى الأثرية
داهمنا اللون الوردي للسماء و عندها أدركنا كم تأخر بنا الوقت و عندها بدأ الخوف الفعلي من الضباع و الثعابين و الجنيات فهذا وقت نشاطها المفضل
عدنا هذه المرة و لكن بصمت
بعضنا كان يفكر في هيبة المكان
البعض الآخر استرسل في حديث ثنائي هامس يستره سواد العتمة
وصلنا إلى ظاهر بيوت الضيعة لنرى قافلة أخرى بالمشاعل تبحث عن الثلاثة و عشرين نفرا الذين هربوا قبيل العصر
نصيبنا كان لوما و تأنيبا...و عشاء لذيذا