عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2010, 12:08 AM
المشاركة 8
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: حكايات من ضيعتنا
نستأنف بعد هذا الفصل


كل ما كتبته عن قريتي كان من مؤونة الذاكرة البصرية و السمعية
كان حصيلة زياراتي الشتائية و الصيفية لقريتي و التي لا تستمر أكثر من أسابيع عدة
كان نتيجة ما اختزنته في طفولتي من جمال و بهاء في قريتي
زرتها بعد انقطاع دام عامين أو ثلاثة ..لا أذكر
كنت أريد التوثيق لبعض الامور حتى أتابع كتابة سلسلة عن هذه القرية التي تحدر منها والدي
كنت أريد أن أسأل الكبار عن تفاصيل القرية الصغيرة التي لم يدركها عقلي الصغير في تلك الفترة من الزمان
وصلت للقرية و للأسف كان هناك جنازة و مأتم و جو الحزن يغطي القرية
انتهى المأتم و أنا ما أزال هناك و لكنني دهشت و صعقت
لم يعد أي شيء كما كان
كل شيء لوثته المدنية و التحضر و المظاهر الخادعة
اختفى الشجر و جف النهر و زحفت المباني على أراضي القرية الزراعية
كان من الصعب علي أن أرى الممشى الذي يؤدي تحية ملكية و قد اجتثت أشجاره
آلمني منظر جذع شجرة الحور المقطوعة بجانب بئر الثرثرة و الهمسات
بستان القمح الواسع تضاءل ليصبح مسكبتان من القمح و حوله الارض جرداء قاحلة
النهر جف ....و بات مجراه خاويا عبثا كنت أبحث عن صوت قدمي و هما تلعبان بماءه و ترشان بقية الاصحاب
الأصحاب اختفوا أو استخفوا لا أدري أين
وقفت أراقب الشروق و أرى طفلين أو مراهقين يعدوان في درب البساتين لمراقبة ولادة اليوم فجأة تشوشت الصورة و ماتت
لم يكن حزن المأتم هو الذي أراني القرية بهذا الشكل ،بل الحقيقة لا غبار عليها
حاولت أن أعود أدراجي إلى مرفأ الذاكرة علّي أسترجع بعضا من صور حلوة ماضية و لكن يالدهشتي
انتسخت الصور و حلت محلها صورة الحاضر كعملاق يخفي أو يبتلع كل جمال في بطنه الكبير
لم أعد أرى أي جمال حتى حشرات الليل المضيئة لم تعد كما كانت ......لم تعد تأتي
لم أسمع هناك صوت السكون الذي تعودت عليه
انتقال حاد و مؤلم ما بين الماضي و الحاضر
هذه مرحلة من مراحل احتضار روحي على ما أظن
كان في ذهني أن أكتب عدة فصول عن مأتم القرية و رمضان في القرية و العيد و الولادة و تاريخ القرية العريقة و لكنني الآن قررت التوقف لأن الصدمة كانت أكبر من أتحملها و لأن الشق الذي تجذر في الحائط أكبر من أن يربأ



كل الشكر لمن أعاد لي ثقتي بالقرية وجعلني أكتب الفصول القادمة من جديد