عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-2010, 12:04 AM
المشاركة 5
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: حكايات من ضيعتنا
في بيوت ضيعتنا ..بيت المؤونة

وحيث كنا في الضيعة نعايش شتاءها حبيسي البيوت بينما في الخارج تهطل الأمطار و تقصف الرعود و تلمع البروق كان لا بد من البحث عن مساحة لنا خارجة عن مجهر الأهل المتواجدين معنا بشكل مستمر على مدار الساعة
كان لا بد أن ننطلق في الدار لنقوم باستكشاف مالم نكتشفه قبلا
في الشتاء نستطيع ممارسة هذا الطقس لاتساع الوقت بينما الصيف بشرفاته المفتوحة يغرينا دوما بالانطلاق الى البساتين و الحقول نقضي فيها جل نهارنا و برهة من ليلنا و بعدها نعود إلى البيت منهكي القوى خائري العزيمة لاتكاد أيدينا تقوى على تناول العشاء و قد يداهمنا النوم قبل اللقمة الأخيرة
غير أننا هنا و الوقت شتاء و الثلج سربل الارض بغطاءه الابيض و الحركة متعذرة في باحة الدار فمابالك بالحركة خارج البيت؟
عادة يجلس الجميع في المضافة التي تعتبر غرفة جلوس كبيرة تحتوي كل نشاطات الاسرة من طعام و سمر و دراسة و تسلية و أعمال يدوية تقوم بها السيدات من حياكة و خياطة و تطريز
بمعنى أخر نحن تحت الانظار دوما لا تصدر عنا نأمة أو حركة إلا و العيون مسلطة باندهاش حينا و، بسرور حينا، وأحيانا كثير تلوم و تتوعد
إذا ساستطلع المكان لتقودني قدما اللاشعور الى بيت المؤونة
غرفة كبيرة على جدرانها ثبتت أرفف طويلة و عليها تتربع آنية الطعام المحفوظ كلها من مربيات مختلفة و أجبان و أنواع الزيتون و الخضار المملحة و تزين الجدران أيضا بعض الاعمال اليدوية الملونة صنعتها ربة المنزل لتجفف الخضار في عقود و أطواق كالبامية و الباذنجان اليابس و هي في انتظار غمرها بماء ساخن لكي تعود للحياة مرة أخرى
في زاوية بيت المؤونة يقوم الكانون و هو فرن حجري مستعر طوال النهار مما يجعل بيت المؤونة أكثر الأماكن دفئا في البيت
كنا نهرب إلى بيت المؤونة تذرعا بإعداد طبق من الحلوى أو إبريق من الشاي و لكن السبب الحقيقي هو الحصول على فسحة من الوقت و المكان لنتكلم بعيدا عن أعين الاهل و أسماعهم كي نناقش و نبوح بأسرار ساذجة تدخل في إطار التابو حينذاك
أجمل ما في بيت المؤونة هو الهرب لوحدك و معك كتاب ما ، تعد كوبا من شاي و بعضا من نقولات و مكسرات و حلويات
أتذكر في هدوء المكان كونوفالوف صانع الخبز البارع في مجموعة غوركي
هنا تكلمنا، تشاجرنا، غنينا، ربما رقصنا ،تبادلنا النكات ، شربنا الشاي..........
و هنا أيضا قبضت علينا عمتي و نحن نضع إناء المربي الكبير في وسط حلقتنا و نحن نلعق المربى بأصابعنا و يالهول العقوبة