عرض مشاركة واحدة
قديم 08-06-2010, 11:58 PM
المشاركة 4
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي

  • غير موجود
افتراضي رد: حكايات من ضيعتنا
شـتـاء ضـيعـتــنا


شهر آب يسمى في قريتي اللهاب و يسمى أيضا طباخ العنب و التين حيث يتم نضوج هاتين الثمرتين المقدستين المذكورتين في القرآن الكريم كفاكهة للجنة
الغريب ما يقولونه بعد وصف آب باللهاب :روائح الشتاء فيه
عندما يقطف العنب و يستحيل خلا في القوارير أو زبيبا و يقطف التين و يستحيل مربى في آنية تصطف بزهو و خيلاءعلى أرفف بيت المؤونة عندها فقط يبدأ فصل آخر من العام
تبدأ الأشجار بخلع ملابسها التي أضحت صفراء بفعل حرارة شمس الصيف .......
عندما تعرى تماما وتبقى أيديها مرتفعة بالدعاء إلى رب الأكوان مستمطرة الماء الزلال اللازم للغسيل السنوي
ترى الماء ينسرب على كل جزء من الشجرة غاسلا غبارالصيف
الجذور تحصل على كمية إضافية ليست للغسيل وإنما للغذاء بعد أن نهلت بحبالها السرية من رحم الأرض طيلة الصيف
تبدأ النساء بإعداد البيوت للفصل الذي يقرع الأبواب بتنظيف البيوت و فرش السجاد على الأرض توضع مدفأة الحطب في وسط الغرفة كضيف كريم عزيز بعد أن أهمل لشهور في عتمة السقيفة
تظهر أمام الباب أكوام من جذوع الأشجار لتصبح في ما بعد طعاما لنار المدفأة
فصل الشتاء في قريتي قارس جدا إذ أن جبل الشيخ يشرف عليها (سمي الجبل بالشيخ لأن الثلوج تغطي قمته طوال الشتاء و حتى أواخر الربيع).
مدفأة الحطب يبدأ أوارها مع أول مطرة و يظهر فوقها ابريقا ن واحد لإعداد الشاي و الآخر للتزود بالماء الساخن طيلة النهار ....مصب القهوة العربية أيضا حاضر فوق المدفأة لتأكيد الهوية
الملل هنا يفرد قلوعه لأن الفلاحين في أغلب الوقت حبيسو البيوت بعد أن انتهت مواسم القطاف و الحصاد و البذار و من الصعب الخروج إذ أن المطر غزير و في بعض الأحيان تعيق الثلوج الحركة حتى فيما بين الغرف داخل المنزل (باحات المنازل كلها مكشوفة)
يمكنك أن ترى حبال المطر أو ندف الثلج من خلال النافذة و أنت جالس بجوار المدفاة حامدا الله على نعمة الدفء و الوفرة
يمكن تسمية هذا الوقت بالفرصة السنوية لتناول الطعام بدون توقف
يمضون أغلب الوقت يتسلون بالأكل و أشياء أخرى
لذلك يذخر بيت المؤونة بأنواع مختلفة من المربيات :مشمش،تفاح،نارنج،يقطين،كباد،باذنجان،تين، كرز.....وكل أنواع الزيتون و أنواع مختلفة من الأجبان والقمح و السكر و الشاي و الخضار المملحة و الأخرى المجففة .......
الكهرباء في الشتاء غالبا مقطوعة لذا مصباح الزيت رفيق الشتاء تتراقص ظلال لهبه على حيطان الغرفة
و كما تدخر النساء الطعام لفصل الشتاء يدخرن الحكايا لترويها في الأمسيات و تزيح بعضا من الرتابة
زوجة ماجد وضعت توأما بنتا و ذكرا و أخت سعيد خطبت و ستتزوج في الصيف المقبل و موسم أبي جاسم كان وفيرا فبدل أثاث منزله ......و ......وسمعت أنهم في المدينة يتسلون بجهاز اسمه التلفاز يظهر فيه رجال و نساء يكلمون الناس و يحكون الحكايات ......هكذا تمضي الليالي
عندما تتوقف الأمطار أو الثلوج ليوم أو يومين يسارع الرجال إلى الحقول لتفقدها و لأخذ طاقة من حرية بعد أن كانوا أسارى البيوت لفترة طويلة و تأخذ النساء فرصة لتزور بعضهن بعضا و يتزودن بالحكايا و القصص لأيام احتباس مقبلة