عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
28

المشاهدات
15894
 
ريم بدر الدين
عضو مجلس الإدارة سابقا

اوسمتي


ريم بدر الدين is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
4,267

+التقييم
0.68

تاريخ التسجيل
Jan 2007

الاقامة

رقم العضوية
2765
08-06-2010, 11:53 PM
المشاركة 1
08-06-2010, 11:53 PM
المشاركة 1
افتراضي حكايات من ضيعتنا
صباحات ضيعتنا


عند بزوغ الشمس في الأفق الشرقي من القرية يبدأ النور بالتسلل رويدا رويدا إلى بساتين القرية و حواكيرها و ينفض عنها إسار النوم و الدعة
غير أن بيوتات القرية قد استيقظت منذ مدة و ابتدأت بركة نهارها بصلاة الفجر و فطور بسيط غني لمن أراد المضي إلى حقله
صباحات القرية ندية مشبعة برائحة البكارة و الطهر ،رائحة الأشياء الأولى
يبدأ الطريق بالظهور بعد أن كان مغمورا بسواد الليل و في ذات اللحظة تظهر ذوائب الأشجار في البساتين
كانت البيوت مبنية من طين ،نفس تركيبة الآدميين لهذا كنا نستشعر تنفسها،حركاتها و سكناتها و عند أول زخة مطر تغتسل و نشم منها رائحة الأرض
عند بزوغ أول ضوء كانت تحلو لي رؤية النساء يحملن قففا من العجين المتخمر طوال الليل و هن ذاهبات إلى التنور
و كل مجموعة بيوت لها تنور خاص بها
يحملن في قفف العجين نفسها صحون الزيت و الزعتر و الجبن القريش و الشاي
الشاي بحد ذاته رفيق كل الفلاحين و النساء و الأطفال و الأفراح و الأتراح
إنه مناسبة احتفالية و لها طقوس خاصة
هناك أحسب نزهة على التنور....!
بين قيظ التنور و حكايات الجدات و العمات و الخالات تمتد المسافات شاسعة و أنت ترتحل في عالم الأساطير المنسوجة بخيالهن البكر الذي لم تلوثه المدنية بعد.....
عندما يمتد الضياء و يغمر كل حجر في القرية تكون النساء قد أتممن مهمة الخبيز و يعدن إلى بيوتهن بنفس القفف و قد أترعت خبزا طازجا و رائحته و لا أحلى
ينتشي الطريق بغناءهن الشجي الذي يتناول أكثر ما يتناول الحب الحزين
الفتيات في البيوت أتممن عمليات ترتيب المنازل و تنظيفها
في الأيام التي لا خبيز فيها كنا نتسلل من الباب الخلفي للبيت و قبل أن يبزغ الضوء أو تلمحنا عين رقيب من أهل ونتقافز في درب البستان لنكتشف العالم في لحظة ولادة
هناك يغمرك الإحساس بالجمال و الروعة و يغذي الفكر بمعين من متعة بصرية سأحملها حتى قبري فيما أظن
عندما نعود من نزهتنا المختلسة نجد أن الأهل قد عرفوا بغيابنا و أعدوا لنا عدتهم من لوم و تأنيب
هذا اللوم لا يمنعنا من تناول فطورنا بنهم و تلذذ!!
صباحات قريتنا دوما عامرة بالألق و الحياة و لكنها أكثر ما تكون ألقا عندما يحتفل أحد من العائلة (القرية كلها من عائلة و احدة ) بعرسه
يكون الصباح مترعا حتى الثمالة بزغاريد النسار و هن في دربهن إلى بيت العرس و تعتلي رؤوسهن صواني من الأرز النيء الأبيض و قد زينت الصواني بالورود و الفواكه
عنب ...رمان...،ورد جوري....،بندورة ،خيار .....
تأتي النساء بهداياهن هذه ليحملوا مع أهل العرس كتفا ؟لأن احتفال العرس وليمة
في قريتي عندما تعانق اشعة الشمس ذؤابات الاشجار ينطلق صباح جديد في طرقاتها تماما كطفل صغير اشتروا له دراجة جديدة فانطلق بها غير عابىء بشيء