عرض مشاركة واحدة
قديم 10-02-2010, 01:35 PM
المشاركة 6
ناريمان الشريف
مستشارة إعلامية

اوسمتي
التميز الألفية الثانية الألفية الرابعة الألفية الثالثة الألفية الأولى الوسام الذهبي 
مجموع الاوسمة: 6

  • غير موجود
افتراضي

(6)
وأضداده حصائد قلمه وحسامه وأغراض أسنته وسهامه وأدام ثبات الدولة السعيدة والملة الحميدة ببقاء أيامه.
وكان الذي دعاه أنمى الله سعده وأعلى جدَّه وأعز نصره وأحيا في الصالحات ذكره إلى الأمر بجمع هذا الكتاب أنه لما نظر نظر الحكماء وتعقب تعقب العلماء رأى العلم أعلى طبقات الفضائل النفسانية وقبول تعلمه جزأً من أجزاء حد الإنسانية ووجده أنفس علق نوفس فيه فنبث عن ذخائره ونهم على محاسنه فهذا ما نتج له لطف حسه وشرف نفسه وصفاء جوهر طبعه واعتدال كيفية وضعه ثم قرن إلى ما أبدت إليه النفس اعتبار ما روى له من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ونمى إليه من آحاد علماء أصحابه رضي الله عنهم كقوله صلى الله عليه وسلم: "إن العلم يشفع لصاحبه يوم القيامة". وقول علي رضي الله عنه: قيمة كل امرئ ما يحسن.
فلما ثلجت نفسه بتيقن ذلك وشرح الله صدره لقبوله لم تزل العناية بالعلم قصده ومجالسه المهرة من حملته وكده حتى فاق كل بارع فُلَقَه وناطق قوله فأخرج العلم من الفساد إلى الكون ومن العدم إلى الوجود كما فعل ذلك في غيره من أجزاء الفضائل التي أعلقت به القلوب وأصبت إليه النفوس كالكرم والعدل والعفو والتجاوز وحسن السياسة والرفق والرحمة وإيساع الصفح وبث الفضل والإعراض عن الجهل ثم إنه أيده الله لما تَصَفَّح هذا اللسان العربي رأى العلم به معيناً على جميع العلوم عامة وعلى كتاب الله تعالى وسنة نبيه خاصةً فأراد حصر ما حكت منه ثقات الأئمة عن فصحاء العرب وتأمل ما صنفته في ذلك أعيان رواتهم ومشاهير ثقاتهم فجلت له دقة نظره عن مثل ما جلت لي من إغفالهم لما ذكرت وهو أنهم لم يضعوا في ذلك كتاباً جامعاً ولا أبانوا موضوعات الأشياء بحقائقها ولا تحرزوا من سوء العبارة وإبانة الشيء بنفسه وتفسيره بما هو أغرب منه فهامت به همته إلى تجميع ذلك وقرع له ظُنبُوب فكره فما ضاق بذلك ذراعاً ولا نبا عنه طباعاً لكنه تأمل فوجد غير واحد من مقلدي فضله ومطوَّقي طوله مُبزياً بذلك مقيتاً عليه وكلاً عَجَمَ فوجدني أعتق تلك القداح جوهراً وأشرفها عنصراً وأصلبها مكسراً وأوفرها قسماً وأعلاها عند الإجالة اسماً فأهلني لذلك واستعملني فيه وأمرني باللزوم له والمُثافَنَة عليه بعد أن هداني سواء السبيل إلى علم كيفية التأليف وأراني كيف تُوضَعُ قوانين التصريف وعرفني كيف التخلص إلى اليقين عند تخالج الأمر لما يعترض من الظنون من تعاضد وتعاند وعقد علي في ذلك إيجاز القول وتسهيله وتقريبه من الأفهام بغاية ما يمكن فدعا مني إلى كل ذلك سميعاً وأمر به مطيعاً وحق لمن تَسَربَلَ من نعمته ما تَسَربَلت واشتمل منها بما اشتملت أن يبذل الوسع في الطاعة ويتكلف في ذلك أقصى الطاقة.
وأنا واصف لفضائل هذا الكتاب ومُعَدّد لمحاسنه ومُنَبِه على ما أَودَعتُه من جسيم الفائدة ومُبَيّنٌ ما بان به من سائر كتب اللغة حتى صار كالفصل الذي تتباين به الأنواع من تحت الجنس وذا كرماً راعيت فيه من ركوب أساليب التحري وحفظ نظام الصدق وإيثار الحق ومُبَيّنٌ قبل ذلك لم وضعته على غير التجنيس بأني لما وضعت كتابي الموسوم بالمُحكَم مُجَنَّسا لأدُلَّ الباحث على مظنة الكلمة المطلوبة أردت أن أعدل به كتاباً أضعه مُبَوَّباً حين رأيت ذلك أجدى على الفصيح المدره والبليغ المُفَوَّه والخَطيب المصقع والشاعر المجيد المدقع فإنه إذا كانت للمسمى أسماء كثيرة وللموصوف أوصاف عديدة تنقى الخطيب والشاعر منها ما شاءا واتسعا فيما يحتاجان إليه من سجع