عرض مشاركة واحدة
احصائيات

الردود
18

المشاهدات
7606
 
حامد الشريف
كاتب وناقد سعـودي

اوسمتي


حامد الشريف is on a distinguished road

    غير موجود

المشاركات
107

+التقييم
0.02

تاريخ التسجيل
Dec 2006

الاقامة

رقم العضوية
2517
02-25-2011, 10:26 PM
المشاركة 1
02-25-2011, 10:26 PM
المشاركة 1
افتراضي نزوة آلام الضياع

[justify]
أبتاه هل تصدق أنني أصبحت لا أشتاق إليك ولا أتمنى رؤيتك ولم تعد نفسي تهفو لأحضانك ولم يعد يجول بخاطري حتى طيفك ، أبتاه لقد طويت صفحة الماضي بكل ما فيها حتى أنساك ، حتى لا تتسلل من خلالها إلى حاضري المزهو بدونك ، أيغضبك هذا القول مني ؟
أجبني إن كنت تسمع ندائي ، لكني لا أظنك تسمع سوى صوت أنفاسك ولا أظنك إن سمعت ستجيب فقد اختبرتك خلال أربع وعشرين عاماً وأنا أردد أبتاه ، أين أنت يا أبتاه ولم يجبني إلا صوتي عندما يتردد صداه .
كيف أحبك يا أبي وقد زرعت الآه في نفسي ؟ كيف أبحث عنك وأنت مصدر كل أحزاني ؟ كيف أتمنى لقاءك وأنت عنوان مأساتي ؟
هل تملك إجابة على أي من أسئلتي الحائرة هل تستطيع أن تواجه آهاتي هل تستطيع أن تمحو من ذاكرتي أربع وعشرين عاماً من الحرمان قضيتها بعيداً عنك وأنت حي ترزق في مكان آخر هل تستطيع اختزال تلك السنين وتعويض ما فات منها ، لا أظنك ستفعل شيئـًا وإن فعلت ستمعن في قتلي بطريقة آخرى .
أرجوك دلني على الطريقة التي بها أستطيع مسح اسمك من كل أوراقي حتى هويتي سأكتب فيها اسمي نزوة وسأستبدلك بالألم حتى قبيلتك لا أريدها وسأستعيض عنها بالضياع ليصبح اسمي نزوة آلام الضياع .
ربما تعتقد أني محتاجةٌ لنقودك لكن الأمر ليس كذلك فكل يتيمة مثلي فقدت أباها ، يحنو عليها الكثير من أصحاب القلوب الرحيمة ليعوضوها قسوة الزمان والمكان ، لا أحتاجك يا أبتاه كي تنفق علي فأنا بدونك غنية وببعدك عني وإمعانك في هجري أقوى أكثر وأكثر ، أصبحت أستطيع مواجهة الحياة وخوض غمارها ، لا تتعجب فأنت من جعلني كذلك ، قد أعتب عليك إفقادي الأمل في الحياة لكنني أدين لك بالفضل أن علمتني أن الرجال مواقف لا تصمد أمامها حتى الجبال .
أبتاه لقد تحجرت مقلتي من كثرة البكاء عندما كنت لا أفقه ما حولي وقتها كنت أقف كل يوم بالباب أنتظر أن تعود من رحلتك الأبدية كنت أنتظر أن تحضر لي الحلوى وتعانقني كما يعانق كل الأباء فلذات أكبادهم كنت أتمنى أن تقذف جسمي النحيل إلى السماء وتتلقفني يداك قبل أن أسقط على الأرض وتطبع قبلة صادقة على وجنتي كنت أتمنى أن أراك من بعيد كي أهرول نحوك فتلتقطني يداك وتضمني إلى صدرك كنت أتلمس حنانـًا افتقدته كثيراً لم أكن أتصور أنك لن تعود لم أكن أتخيل أن انتظاري سيطول ويطول ويطول ، ربما هو الجهل الذي أبقاني أتعلق بأهداب الأمل وربما هو الاحتياج للعاطفة التي ليس لها مصدرٌ سواك .
في كل مساء عندما أغلق بابي ، تسبقني دمعة وقفت للحظة على محجري متهيبة من السقوط كونها فقهت أن الأيادي لن تمتد لمسحها ورغم ذلك تسقط من علو شاهق على أرض ابتلت بمداد قسوتك التي أرضعتني إياها وجعلتها عنوان لي بهذه الحياة .
عندما أضع رأسي على وسادتي تتقافز في ذهني تلك الصورة التي أفشل دوماً في نسيانها ، أتذكر تلك الصورة يا أبي ؟
لا أظن فلابد أنك قد نسيتها ونسيت كل محتوياتها حتى أنا لم تبقي علي وطمست ملامحي حتى لا أشوه صورتك الجديدة ، أتذكر يوم أن غادرت غاضباً وأنت تحلف يميناً لأمي يبقيها محرمة عليك ؟!
أتذكر تلك اللحظات التي حاولت فيها التعلق بقدميك حتى تحملني معك ؟!!
وقتها لم أتألم من قذفك لي بقدمك لأنني لم أعقل بعد أن القسوة تكون حتى من الآباء .
هل نسيت ضحكاتي وأنا أظنك تلهو معي ؟!!!
إن كنت نسيت فأنا لم أنسَ ذلك الشرر الذي كان يتطاير من عينيك ، لو كنت برجاحة عقلي الحالي لظننتك ستقتلني إن اقتربت منك ، لكنها أحلام طفلة لم تدرك سوى العطف والمحبة والحنان ولم تع ِ أن الإنسان ببطشه وجبروته قد يقتل حتى نفسه وهو يحاول أن يهب لها الحياة .
[/justify]


صفحتي على تويتر
H_motafael@